بقلم : صلاح منتصر
24ـ تابع شهادتى على ثورة يوليو : فى 26 سبتمبر 1962 قبل يومين من ذكرى أول سنة للانفصال مع سوريا ، جاءت الأنباء تعلن قيام ثورة فى اليمن بقيادة شخص اسمه العميد عبد الله السلال ، وعلى الفور أعلنت مصر اعترافها بالنظام الجديد فى اليمن فى الوقت الذى أعلن فيه الملك سعود بن عبد العزيز ملك السعودية وقوفه إلى جانب الإمام محمد البدر حميد الدين الذى لجأ إلى السعودية، وقد استقبله الملك سعود ليس لشخصه وإنما لإحساسه بخطورة ثورة تقع على حدود بلاده الجنوبية فقرر الوقوف ضدها.
كان «اليمن السعيد» كما كان يطلق عليه فى ذلك الوقت يبدو بلدا يعيش فى القرن الخامس الهجرى، وقد توارثت حكمه لأكثر من ألف سنة أسرة ضاربة فى التخلف هى أسرة «حميد الدين» وقد اشتهر إمامها بقوة قبضته على احتياجات مواطنيه وعلى رأسها «نبات القات» الذى كان يمثل أساسا مهما فى حياة اليمنيين . فبعد ظهر كل يوم كانوا يتفرغون لما يسمونها « جلسات تخزين القات» حيث يمضون الساعات فى مضغ هذا النبات والتحليق مع ما يمنحه لهم من خيالات وأوهام !
ونتيجة لذلك فإن اليمن ـ رغم تمثيله فى الجامعة العربية بعضو نادر الكلام ـ فإنه ظل بعيدا عن اهتمامات مصر . إلى أن حدث فى فبراير 58 أن وصلت برقية من إمام اليمن الإمام أحمد إلى الرئيسين عبد الناصر وشكرى القوتلى عند توقيعهما اتفاق الوحدة يقول فيها الإمام : لقد استخرت النجوم ،وبعد الحساب الطويل تبين لنا أن نجمكم يسبق نجم الآخرين ويغطى عليه . بالله لا تنفضوا قبل أن تضمونا إليكم »! وهى رسالة توضح حالة الغياب التى كان يعيشها إمام اليمن الذى كان لايخطو خطوة إلا بعد موافقة المنجمين !
وفى زمن كانت القاهرة تفتح ذراعيها للمناضلين لتحرير بلادهم نشط فى القاهرة يمنى اسمه «عبد الرحمن البيضانى» أقام علاقات مع بعض المسئولين المصريين وأقنعهم بأنه على رأس تنظيم سرى يعد انقلابا فى اليمن، فلما وقع انقلاب يوم 26 سبتمبر أسرع الرجل يطلب دعم القاهرة !