بقلم - صلاح منتصر
لم تكن مصادفة أن تكون شركة «إينى» الإيطالية صاحبة أول كشف فى مياه مصر بالبحر المتوسط، وأن يكون هذا الكشف أكبر حقل للغاز فى كل الشرق الأوسط، وأن يكون نقطة تحول فى تاريخ مصر البترولى. فهذه الشركة «إينى» كانت «وش السعد» على مصر منذ وضعت قدمها فى مصر عام 1956. فبعد خمس سنوات بحث اكتشفت أول حقل بترول تحت مياه خليج السويس وهو حقل «بلاعيم بحرى» الذى يقع على بعد تسعة كيلومترات من الشاطئ الشرقى للخليج، وكانت قد اكتشفت قبله حقل بلاعيم برى، ثم تبعت ذلك باكتشاف حقل أبورديس مما جعل مصر لأول مرة بسبب هذه الاكتشافات تصدر البترول .
لكن أخطر مافعلته «إينى» بقيادة رئيسها «أتريكو ماتييه» الذى أقام علاقات صداقة مع مصر، عندما كونت «إينى» مع الهيئة العامة للبترول شركة مشتركة (الشركة الشرقية للبترول) لإدارة واستغلال الاكتشافات التى تتم، والنص فى الاتفاقية على أن يقتسم الطرفان الأرباح (50% لكل طرف) فى الوقت الذى كانت الاتفاقيات السارية عالميا تجعل الشركات تمنح الدولة «إتاوة» تتراوح بين خمس وعشر فى المائة. وقد اعتبرت الشركات العملاقة هذا الاتفاق انقلابا فى اتفاقيات البترول سببه «ماتييه» الذى اعتبرته الشركات العملاقة العدو الأول لها. وبالفعل فى عام 1963 دفع «ماتييه» حياته ثمنا فقد انفجرت به طائرته فى الجو.
ولكن ذلك لم يمنع شركة إينى من الحفاظ على اتفاقاتها مع مصر. وفى خلال حرب 1967 عندما وقعت حقول بلاعيم فى قبضة الاحتلال الإسرائيلى، قدمت إسرائيل مغريات كثيرة لشركة «إينى» لتعترف بشرعية استغلال إسرائيل للحقول التى سيطرت عليها، ولكن شركة «إينى» رفضت وظلت متمسكة بحق مصر فى ملكية الحقول واثقة من عودتها لاستغلالها. ومرت السنوات لتكون «إينى» وش الخير مرة أخرى وصاحبة أول واكبر اكتشاف مصرى فى مياه المتوسط !
نقلا عن الاهرام القاهرية