بقلم صلاح منتصر
فى طريقى إلى الساحل وقبل أن أجتاز بوابة الرسوم توقفت أمام مجمع تجارى كبير لشراء بعض احتياجات البيت التى لا تنتهى . ولأننى من عشاق البطيخ فقد اخترت بطيخة اكتشفت فور شقها بعد الوصول أنها تفتقر خواص الحلاوة لونا وأليافا مما اضطرنا للاستغناء عنها .
عدت إلى فاتورة الشراء لأعرف قيمة الخسارة التى تحملتها لتلتقط عينى عبارة «بطيخ مستورد 32 جنيها و85 قرشا» لبطيخة وزنها أقل من ستة كيلوجرامات . نسيت لفورى ثمن البطيخة التى لا تؤكل استفزنى عبارة «بطيخ مستورد» ! كان غريبا بالطبع أن يكون هناك من يستورد البطيخ فى بلد يعانى فى العملة وليس أكثر من إنتاج أرضه من البطيخ الذى تملأ أكوامه عربات اليد فى مختلف أحياء مصر . وعلى فرض أن القطاع الخاص قد أصابه الجنون وأصبح يستورد البطيخ فكيف تسمح له الدولة بذلك ؟ اقتصاديا نحن فعلا فى حالة حرب، ومن لوازم هذه الحرب مراجعة أبواب الاستيراد المفتوحة لسلع يمكن أن نستغنى عنها حتى لو حرمنا منها لتوفير دولاراتها . وحتى إذا كان باب المنع صعبا فهناك زيادة الفئة الجمركية التى تضع حواجز على استهلاك السلع الاستفزازية .
أنقذنى صديق يعمل فى تصدير الموالح وبعض الحاصلات الزراعية وقد اتصلت به متعجبا كيف وصل بنا الحال إلى درجة استيراد البطيخ. أجابنى الرجل أنه يجهل ذلك ولكن للتأكد سيراجع مختلف الجهات المسئولة وعاد فى اليوم التالى يبلغنى أنه من أجهزة الجمارك المصرية التى تسجل دخول كل سلعة لم يحدث أن سجلت يوما دخول مصر بطيخ مستورد .
أزحت عن صدرى كابوس استيراد البطيخ الماسخ ، لكننى أصبحت فى مواجهة محل كبير له اسمه الأجنبى المعروف سجل فى فاتورة اشتريتها منه أنه باع لى بطيخا مستوردا فى دولة لم تنفذ من جماركها بطيخة ، مما يعنى أنه إما أنه يبيع بطيخا مهربا لا مستوردا وهذه جريمة ، أو أنه يكتب عبارة « بطيخ مستورد » ليحل لنفسه السعر المغالى الذى يبيع به ، وهذه أيضا جريمة غش ، وعليه أن يختار بين الجريمتين.