صلاح منتصر
علي قدر ما قد يبدو من أن عدم وجود برلمان يراقب ويسأل الحكومة ويمكن أن يهز الثقة فيها،أمر يعطي الوزراء التفرغ لأعمالهم، ولا يحملون هم حضور الجلسات والأجوبة وطلبات الأعضاء
المقدر أن يصل عددهم في مجلس النواب الجديد 600 عضو ، أقول علي قدر ماقد يبدو ذلك مريحا للحكومة . إلا أنه من جهة أخري يقيد حركتها في إصدار القوانين والقرارات المصيرية التي تتطلب موافقة البرلمان عليها حتي لا تتحمل الحكومة ثقل إصدارها وحدها .
بهذا المفهوم أعاد الرئيس عدلي منصور مشروعي تعديل قانون العقوبات وقانون الإرهاب إلي مجلس الوزراء، لتقوم وزارة العدل بعرضهما علي الشعب وطرحهما للحوار المجتمعي ، لتلقي مقترحات وملاحظات المواطنين عليهما ،خاصة من الخبراء والمتخصصين سواء من رجال القانون أو الأحزاب . وهو مايقتضي بالطبع نشر المشروعين كاملين مع المذكرة الإيضاحية المقدمة لكل مشروع شارحة الأسباب والجديد فيهما .
لكن تبقي الإشارة الأهم في قرار الرئيس منصور، وهو عدم المخاطرة بإصدار قرار يمس تغييرات مهمة في حياة المواطنين دون إشراكهم في مناقشتها . لقد كان في إمكان الرئيس منصور أن يضع توقيعه علي المشروعين بحجة السرعة التي تتطلبها مواجهة الإرهاب ، ولكنه اختار الطريق السليم والصحيح ، فما دام لايوجد هناك برلمان يمثل الشعب يمكن الرجوع إليه ، فهناك الشعب نفسه مصدر كل السلطات، ويجب الرجوع إليه وأخذ رأيه ،ليس بالنسبة للمشروعين المعروضين فقط ،وإنما لأي مشروع تقرره الحكومة ويتصل بحياة الملايين .
ومن المفارقات أن هناك مشروعات قوانين جاهزة يجب أن تجد طريقها للإصدار، لكنها أسيرة ثلاجة رئاسة الوزراء لغير سبب مفهوم رغم أنها لا تحتاج إلي حوار مجتمعي لأنها من أسس الوطنية . أقول ذلك عن » مشروع قانون العلم » الذي أعدته وزارة العدالة الانتقالية ، ويقضي بأن يؤدي التلاميذ التحية للعلم في بداية كل يوم دراسي، كما يمنع رفع أو عرض علم مصر إذا كان تالفا أو مستهلكا أو باهت الألوان احتراما لما يدل عليه علم الدولة ليس بالنسبة لمصر فقط ، وإنما بالنسبة لأي دولة باعتباره رمزا له كل احترام .
"الأهرام"