صلاح منتصر
أؤجل الى الغد مفكرة الأسبوع لأحكى عن مشهد هزنى شهدته ايران يوم الخميس الماضى ، بدأت وقائعه عندما تلقت «أم بلال» اتصالا تليفونيا بأن قاتل ابنها بلال سيتم اعدامه فى مشهد عام تستطيع حضوره صباح اليوم التالى.
من الخامسة صباح الخميس أمس الأول، تجمع الناس فى ميدان تنفيذ الحكم بينما ارتمت أم القاتل منهارة على الأرض لا تقوى على الوقوف . تمت الاجراءات بسرعة ، فقد تم إحضار قاتل بلال وهو شاب فى الخامسة والثلاثين معصوب العينين وقد بدا أنه غير قادر على التنفس بينما لم تستطع أمه أن تنظر ناحيته .
أخذوه الى الكرسى ووضعوا الحبل فى رقبته بعد أن أخفوا رأسه ووجهه وهو يصرخ. ووسط الجماهير وقفت «أم بلال» وهى سيدة يعكس وجهها أنها بالغة الاحترام وعلى درجة من الثقافة وقد أمسكت ميكروفونا أعلنت منه أنها منذ قتل ابنها الشاب بلال وهى تعيش كوابيس مفزعة ، ورغم أن الاسلام كما ذكرت يعطى لعائلة الضحية الصفح الا أنها لم تستطع مسامحة القاتل .
انتهت الكلمة وبدأ التنفيذ ، وما أن ظهرت اشارة يد المسئول حتى توقفت على ذراع أم بلال الممدودة طالبة الصعود الى قاتل بلال فى مكانه فوق منصة المشنقة لتقول له شيئا .
كان المشهد بالغ الاثارة والأم تصعد الى قاتل ابنها وتواجهه لأول مرة ،فقد توقع كثيرون أن تبصق فى وجهه أو تشتمه لكنها فاجأت الكل بأن رفعت يدها وصفعت القاتل الذى كان وجهه مختفيا حول العصابة السوداء ، وفى وسط ذلك سمع الناس صوتها وهى تقول «سامحوه». وتحركت الأيدى سريعا لتحرر القاتل، بينما نزلت أم بلال لترتمى فى أحضان زوجها تقاوم نوبة بكاء عاصف . وفيما بعد أعلن الأب أنه وزوجته كانا مصرين على تنفيذ الحكم ، الا أنه فى آخر لحظة وقعت نظر أم بلال على مشهد أم القاتل المرتمية فوق الأرض وأحست لوعتها ، وفى لحظات كان قرارها أن تسامح القاتل ولكن بعد أن صفعته. الانسان هو الانسان فى أى مكان، والعواطف واحدة مهما تغير الزمان.