بقلم صلاح منتصر
سواء ألغت المحكمة الإدارية العليا حكم محكمة الدرجة الأولى ببطلان توقيع اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية أو أيدته، فالواضح أن الملف تضمن أخطاء مؤثرة آخرها تعالى الحكومة على القضاء الإدارى أو كما وصفت المحكمة فى حيثيات حكمها: غابت الحكومة عن الدفاع الموضوعى عن الاتفاق الذى وقعت عليه واعتصمت بالصمت فى هذا المجال، وتمترست خلف الدفع الذى أبدته لمنع المحكمة من سماع الدعوى .
وترجمة ذلك أن ممثل الحكومة فى الدعوى تصور أنه أصلا لن تصدر المحكمة حكما ضد الحكومة ربما لأنها الحكومة، وأنه تفضلا منه وكرما أبدى دفعا وحيدا اعتقد أنه يخيف المحكمة ويغل يدها عن نظر الدعوى وتغلق الملف، وهو أن موضوع الاتفاقية عمل من أعمال السيادة التى يمتنع على محكمة القضاء الإدارى الفصل فيها.
ومع هذا الدفع لم يقدم ممثل الحكومة أى دفاع آخر، ولم يكشف للمحكمة أسس الاتفاقية، وإنما كما تم التعتيم على الشعب الذى فوجئ بالإعلان عن هذه الاتفاقية فى آخر يوم من زيارة الملك سلمان بن عبدالعزيز لمصر، كذلك تم أيضا تجاهل تقديم أى توضيح للمحكمة وعلى أساس أن الأمر مفروغ منه!
وأنقل من حيثيات الحكم رأى المحكمة فى الدفع بأن الاتفاقية عمل من أعمال السيادة وهو الرأى الذى جرى الجدل فيه أمام المحكمة العليا. تقول الحيثيات: لما كان الدستور فى مادته 151 يحظر على السلطة التنفيذية إبرام اتفاقيات من شأنها التنازل عن أى جزء من إقليم الدولة، فإن قيام الحكومة المصرية بالتوقيع على هذا الاتفاق بما ينطوى عليه من التنازل عن الجزيرتين لا يجعله عملا من أعمال السيادة، بل هو عمل من أعمال الإدارة التى يختص القضاء بنظر الطعن عليه التزاما بحكم المادة 97 من الدستور التى تمنع تحصين أى عمل أو قرار إدارى من رقابة القضاء .
وكما هو واضح فإن المحكمة فى ضوء الأوراق التى كانت أمامها والأسانيد التى قدمها المدعى لها دون أن يقابلها دفاع من الحكومة، وجدت أن الاتفاق أساسه «تنازل» مصر عن الجزيرتين ...غدا نكمل.