صلاح منتصر
حتى فى المرض يختلف كبار القوم عن الأشخاص العاديين. فعضو مجلس قيادة الثورة صلاح سالم الذى أطلق اسمه على واحد من أطول شوارع مصر عندما أصيب بالفشل الكلوى فى سن السابعة والثلاثين سافر أولاً إلى السويد ليجرى عملية غسيل الكلى، حيث لم تكن مصر قد عرفت ذلك العلاج وكانت السويد من الدول السباقة فى هذا العلاج. واستدعى صعوبة تكرار سفره شراء أول جهاز لعملية غسيل الكلى لم يسمح له القدر باستخدامه ومات صلاح سالم عام 1962 عن عمر 41 سنة. وظل جهاز الغسيل المستورد مهملاً فى المخازن عدة سنوات، إلى أن تمكن المرحوم الدكتور إبراهيم أبوالفتوح من لفت النظر إليه وبدء استخدامه قبل أن تنتشر بعد ذلك عمليات غسيل الكلى.
وفى الصين كان من أهم الشخصيات التى أحبها الصينيون رئيس الوزراء الشهير شواين لاى الذى فى يوم وفاته يوم 8 يناير 1976 نفدت من الأسواق ملابس الحداد السوداء نتيجة شعور كل صينى بأنه فقد عزيزاً من أسرته وهو يودعه.
وقد أصيب شواين لاى فى أوائل السبعينيات (من مواليد مارس ١٨٩٨) بسرطان المثانة. وقررت الصين إعطاء الاهتمام الكبير لدراسة جادة عن مرض السرطان فى مختلف أرجاء الصين. هذه الدراسة شملت شباب الصين بأكمله تقريبا، وكان تعداده فى ذلك الوقت ٨٨٠ مليون نسمة. وقد تم استخدام ٦٥٠ ألف إخصائى فى هذه الدراسة بين عامى ١٩٧٣ و١٩٧٥ اهتمت بسبعة أنواع من السرطان ونتج عنها ما سمى «أطلس السرطان فى الصين».
ووجدت الدراسة اختلافاً فى معدل الإصابة بالسرطان فى مناطق الصين، وصل فى بعض المناطق لأكثر من مائة ضعف، وذلك بسبب البيئة، مما أقنعهم فى الصين بربط السرطان بالبيئة. إلا أن الدراسات التى قام بها الغرب فى هذا المجال لم تجد هذا الخلاف، وإن كان مؤيدو دراسة الصين يقولون إن العينات التى جرت دراستها فى الصين بلغت مائة ضعف التى تمت دراستها فى الغرب مما جعل دراسة الصين أكبر دراسة من نوعها فى العالم ويصعب تكرارها فى أى بلد أخر لأسباب كثيرة.
وفى مركز جراحة القلب الشهير فى كليفلاند بولاية أوهايو الأمريكية نشر الجراح المرموق (كالدويل اسيلستين) أكثر من مائة بحث فى مجال عمله، واختير كواحد من أفضل أطباء أمريكا سنة ١٩٩٥. وقد وجد فى أبحاثه عن أسباب انتشار سرطان الثدى البلاد النامية التى تستهلك كميات ضئيلة من المنتجات الحيوانية نادرا ما يصاب أهلها بأمراض القلب أو السرطان. ففى كينيا مثلا سرطان الثدى أقل ٨٢ مرة عن أمريكا. وفى اليابان فى عام 1958 توفى 180 شخصا من سرطان البروستاتا، بينما توفى فى نفس العام ١٤ ألف شخص من نفس المرض فى أمريكا، أى ٧٨ مرة عدد وفيات اليابان، بينما تعداد أمريكا فى ذلك العام كان ضعف اليابانيين.
وقد أوحى ذلك إلى الجراح الأمريكى «كالدويل اسيلستين» التركيز على تجارب لعلاج أمراض القلب عن طريق برنامج غذائى لمرضاه، توصل فيه إلى طعام خال من المنتجات الحيوانية والزيوت وغنى بالخضروات والفواكه والبقوليات، بالإضافة إلى استخدام بعض العقاقير فى بداية التجارب. وكانت النتيجة مذهلة، فقد تحسنت صحة مرضاه خلال أسابيع قليلة، وتراجع انسداد الشرايين وعادت لحالتها الأولى قبل انسدادها خلال شهور أو سنوات قليلة.
لكن الأهم اكتشاف أن الأطعمة التى استخدمها «اسيلستين» لم تعالج أمراض القلب فقط، بل عالجت أيضا أمراضا أخرى كثيرة، منها أمراض السكرى وضغط الدم والسرطان والعجز الجنسى وأمراض الروماتيزم وبعض أمراض الشيخوخة والبدانة، بالإضافة إلى لين العظام وأيضا بعض أمراض الجهاز الهضمى، ومن هنا ظهرت طريقة العلاج بالغذاء إلا أنه علاج طويل المدى ويحتاج نجاحه إلى استمراره، وعادة تظهر نتائجه الأولية خلال أسابيع قليلة أو بضعة شهور، ولكن التحسن يستمر لبضع سنوات (من كتاب «طعامك علاجك» إصدار دار الثقافة الجديدة، تأليف فكرى أندراوس واليسون اور أندراوس).