كريمة كمال
أثارت احتفالية السادس من أكتوبر الكثير من القيل والقال بالأساس، بسبب اختيار من قام بتقديم فقرات الحفل الأول محسوب على جهاز الشرطة، والثانية لا يمكن أن تتنصل يوما مما فعلته فى مذبحة ماسبيرو، فهى التى أهابت بالمصريين النزول لإنقاذ الجيش المصرى من بين أيدى المسيحيين..هل هناك مسيحى يستطيع أن ينسى يوما هذه اللحظة، بل هل هناك مصرى صميم يمكن أن يمحى هذه اللحظة من ذاكرته، لحظة أن قامت باقتسام الشعب المصرى إلى جزءين وأهابت بجزء أن ينتفض ضد الجزء الآخر؟
نحن لسنا هنا فى معرض المطالبة بحساب أحد عما فعل وإن كان يجب أن يتم هذا من قبل، لكننى أثير هذا الآن، لأننا نقيم دولة، ولأننا يجب أن نقيمها على أسس سليمة فلن أبادر بالهجوم على الرئيس السيسى بصفته الرئيس المسؤول عن كل شىء، فأنا فى الحقيقة لا أتوقع أن يكون هو من خطط لهذا الاحتفال ضمن أعباء أخرى كثيرة لدولة تحاول أن تلم شتات نفسها فى لحظة شديدة الصعوبة، لكننى من ناحية أخرى أستطيع أن أتصور أن من بين فريق العمل المحيط به من يمكن أن يقرر أن فيما تم خطأ يجب تداركه فى المرات القادمة، فقد كان هناك تناقض شديد بين الرئيس الذى ركز بشكل واضح فى كلمته على دور ثورة يناير فى بناء مصر الحديثة، وبين من وقف ليقدم الاحتفالية، وهو الذى أراد التأكيد دوما على أن ما حدث فى يناير لم يكن ثورة بل كان مؤامرة على هذه الدولة وهذا الشعب.. قال الرئيس إنها كانت ثورة المصريين من أجل التغيير، بينما قال مقدم الحفل إنها مؤامرة، لن أقول إن هذا فى حد ذاته ضد الثورة ولن أقول إنه ضد الشعب المصرى الذى نزل ليطالب بالتغيير، بل أقول إن هذا ضد سياسة النظام الجديد الذى يستند لثورتين الأولى هى التى مهدت للثانية ولولاها ما كانت الثانية.. فإن هذا ببساطة يصطدم بما يجىء فى خطاب الرئيس نفسه، فمن المسؤول عن هذا؟ من المسؤول عن الاختيار؟ نحن هنا أمام احتفالية خاصة جدا للسادس من أكتوبر، تقول للمصريين: هذه هى مصر تعود إليكم كما كانت بعد احتفالية احتفت بمن قتل السادات يوم انتصاره، فهل كان اختيار هؤلاء اختيارا موفقا؟ من الطبيعى أن تحدث أخطاء لكنها مرتبطة بمن يختار وما هى قناعاته. نحن فى لحظة يصطدم فيها كثير من القناعات وتتقاطع، لكن يبقى أن يتبنى النظام قناعة واحدة واضحة، يتآلف حولها الجميع من أجل دولة حديثة تنحاز للجميع فى النهاية حتى لو اختلفوا.. نحن نسمع كثيرا الآن عن بعض الممارسات التى ترتكب من بعض عناصر الشرطة فى نفس اللحظة التى يسقط فيها جنود وضباط الشرطة شهداء للإرهاب، الذى يضربنا بقسوة الآن، لذلك لا يمكننا من ناحية أن نوافق على اعتقال أو تعذيب أحد، كما لا يمكننا ألا نقاسى ونتألم لسقوط كل هؤلاء الشهداء الذين هم فى النهاية أبناؤنا الذين سقطوا من أجلنا.. هى لحظة صعبة بكل المقاييس، لذا لا يصح التعميم، ولا يصح الاستقطاب فى ناحية ضد أخرى.. أنا أشعر بالحزن يقتلنى، لأن «يارا وسناء» وغيرهما وراء القضبان من أجل رأى قالوه، كما أشعر بالحزن الشديد لسقوط ضباط الشرطة شهداء لأنهم يحمون وطنهم.. هذه هى مصر التى يجب على النظام الجديد أن يعيد لم لحمها مرة أخرى ولا يترك بابا مفتوحا لمن يريد تمزيقها.