بقلم : كريمة كمال
نشرت الجريدة الرسمية قرار الرئيس عبدالفتاح السيسى رقم 602 لسنة 2018 بتشكيل اللجنة العليا لمواجهة الأحداث الطائفية برئاسة مستشار رئيس الجمهورية لشؤون الأمن ومكافحة الإرهاب وعضوية ممثل عن كل من هيئة عمليات القوات المسلحة والمخابرات الحربية والمخابرات العامة وهيئة الرقابة الإدارية والأمن الوطنى، ويمكن للجنة دعوة من تراه من الوزراء أو ممثليهم وممثلى الجهات المعنية لدى النظر فى الموضوعات ذات الصلة وتتولى اللجنة العليا لمواجهة الأحداث الطائفية وضع استراتيجية عامة لمنع ومواجهة الأحداث الطائفية وآليات التعامل مع الأحداث الطائفية حال وقوعها.. يأتى تشكيل هذه اللجنة مؤكدا على إدراك أهمية التصدى للأحداث الطائفية التى زادت وتيرتها فى الفترة الأخيرة وباتت تتكرر بنفس النمط ونفس الأسلوب فى كل مرة، ولنا فيما يجرى فى قرى المنيا بالذات دليل على ذلك.. تشكيل اللجنة مهم لكن الأهم كيف ستعمل هذه اللجنة؟ هل ستعمل بنفس الأسلوب ونفس النمط الذى كان يمارس من مسؤولى الأمن إزاء كل حادث طائفى بالقبض على عدد من المسلمين وعدد من المسيحيين ثم عقد جلسة صلح يتم فيها الضغط على الطرف الأضعف، وهو المسيحيون، لإنهاء الأمر وقبول الصلح، وتعود الأحداث لتتجدد من جديد فى مكان آخر ولسبب آخر لتواجه بنفس الأسلوب الذى لا يؤثر فى تكرار الأحداث ولا حدتها.. غياب تطبيق القانون هو الأساس فى هذا الأسلوب للمواجهة، وبالتالى فالردع لا يتحقق والتكرار قائم وحاضر، لذا لن يجدى تشكيل لجنة لمواجهة الأحداث الطائفية إذا لم تنتهج هذه اللجنة أسلوبا مختلفا فى المواجهة، وإذا لم تعتمد تطبيق القانون أسلوبا لها بصرف النظر عن التماهى مع المخطئ من باب التعاطف مع من يحمل نفس الديانة.
لا يجب أن نغفل أن أداء بعض المنتمين لسلطات الأمن به الكثير من المآخذ، كما أن به الكثير من عدم الموضوعية تجاه أطراف الصراع لذا فإن استبدال هذه السلطات بتشكيل لجنة جديدة للمواجهة يجب أن يعنى مقاربة مختلفة تماما للأحداث وموقفا موضوعيا من أطرافها، أما أن تتبنى اللجنة استراتيجية مختلفة ويبقى التنفيذ على الأرض بيد السلطات الأمنية دون رقابة من اللجنة فسوف نجد أنفسنا مرة أخرى أمام نفس الأسلوب ونفس الأداء.
فى وقت متزامن مع الإعلان عن تشكيل هذه اللجنة خرج علينا الشيخ ياسر برهامى نائب رئيس مجلس إدارة الدعوة السلفية ليجدد فتواه بعدم تهنئة الأقباط بعيد الميلاد، بل إنه زايد على فتواه بأن قال: إن تهنئتهم أشر من الزنى وشرب الخمر، وهنا علينا أن نتساءل هل تواجه اللجنة المشكلة لمواجهة الأحداث الطائفية مثل هذه الفتاوى التى تزرع الفرقة، وتحض على الكراهية؟ إن مثل هذه الفتاوى هى التى تزرع الأفكار الكارهة للآخر وتغذيها، ولا يبقى بعد ذلك سوى أن يخرج أحدهم ليعترض على بناء كنيسة ليحطمها أو ليحرقها. إن ترك غرس هذه الأفكار مستمرا لا يعنى شيئا سوى ترك تكرار الأحداث الطائفية فالأساس فى التعصب والكراهية والطائفية هو الفكر المتأصل فى الرؤوس والمتجذر فى النفوس ليأتى الحدث تتويجا لمثل هذه الأفكار.
لذا الفيصل فى أهمية هذه اللجنة المشكلة هو كيف ستعمل وما الذى ستواجهه فلا يكفى أن تواجه الحدث بعد وقوعه وتترك الأفكار المغذية للطائفية ترتع فى العديد من المساجد والزوايا. إن كراهية الأقباط يروج لها علنا من ميكروفونات المساجد والزوايا فهل نأتى لنتساءل بعد ذلك عن وقوع حادثة طائفية؟ الفيصل ليس إنشاء كيان جديد، الفيصل حقا هو أن يتبنى هذا الكيان استراتيجية جديدة للعمل، وأن ينتهج أسلوبا مختلفا عما كان وإلا فسوف نكون أمام نفس الأداء ونفس النتيجة ولن يختلف شىء سوى اللافتة.
نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع