بقلم - كريمة كمال
أشعر بالدهشة عندما أجد أن دبى تحصل على ضعف ما نحصل عليه نحن من عدد سياح رغم ما نملكه نحن من آثار ذات سمعة عالمية وحجم يفوق أى آثار فى أى مكان فى العالم، بل هذه الآثار تدرس المعلومات عنها فى كثير من دول العالم، مما يزرع الشوق لرؤيتها وزيارتها.. أيضًا نملك شواطئ جميلة لا يوجد لها مثيل فى العالم كله، سواء على البحر المتوسط أو البحر الأحمر.. نملك كل هذا وأكثر، ولا نملك عدد سياح يساوى كل هذا.. لماذا؟ هذا هو السؤال الذى كنت أطرحه دومًا على نفسى ولا أجد إجابة حتى اطلعت على ما جرى أخيرًا، وهو صادم بكل المقاييس لكنه يجيب عن السؤال بكل بساطة.
ما حدث مؤخرًا فى منطقة الأهرامات حينما تحرش عدد من الصبية بسائحات أجنبيات.. نعم الشرطة تدخلت وقبضت عليهم لكن ما حدث قد حدث والتأثير قد حدث.. قد تكون وزارة السياحة تضع الخطط وتنفذها وتدفع بالسياحة إلى الأمام، لكن هذا لن يُؤتى ثماره، بينما ما يحدث فى الواقع وعلى الأرض بمثل هذا الشكل السيئ.
كما حدثت منذ حوالى شهر مشكلة أخرى عندما جاء إلى مصر يوتيوبر أمريكى شهير جدًا اسمه ويل سونبوشنر يملك صفحة تتحدث عن البلاد وأكلاتها وشعبها وملامحها، وهو شهير لأنه ينتقل عبر العالم كله ليقدم ما يصوره وما يعلق به على ما رأى، وهناك الكثيرون ممن يتابعونه عبر العالم، حيث يصل عدد متابعيه إلى ملايين كثيرة عددها يفوق الثمانية ملايين على يوتيوب ونحو مليونى متابع على الفيس بوك.. أى أنه فرصة نادرة لعمل دعاية ضخمة تتفوق على أى دعاية مدفوعة يمكن أن نقوم بها لنروج للسياحة فى مصر.. فرصة نادرة فما الذى حدث؟.. منعوا الرجل من التصوير بمعداته التى يصور بها، والتى جاب بها العالم دون أن يمنعه أحد، ورضخ الرجل وحصل على إذن، ومع ذلك يذهب إلى أى مكان فيتم منعه من التصوير، وكانت نتيجة التجربة الصعبة أن كتب اليوتيوبر الشهير أن «مصر أسوأ مكان للتصوير فى إفريقيا»، كما قال إنه لن يزور مصر مجددًا ولا ينصح أحدًا بزيارتها..هذه الرسالة وصلت للملايين فى العالم كله حيث سجل الفيديو الذى يعتبر تقديمًا لسلسلته عن أطعمة الشوارع فى مصر أكثر من مليون مشاهدة فى غضون ساعات قليلة من نشره، كما نشر فيديو عن تجربته فى مصر حصل أيضًا على أكثر من مليون مشاهدة فى أقل من أربعٍ وعشرين ساعة.. وهكذا ندرك أن هذه الرسالة السلبية عن مصر قد جابت العالم كله فى ساعات معدودة، فهل مازلنا نتساءل عن السبب فى قلة عدد السياح لدينا؟
ثقافة الناس ورجال الأمن عن السياحة والسياح هى ما يهم هنا، وهى المؤثر بشكل أساسى على حركة السياحة.. العقليات التى تتدخل لتُفسد مثل عقلية رجال الأمن الذين منعوا اليوتيوبر الأمريكى من التصوير، بينما كل فرد منا يحمل موبايل بكاميرا ويمكنه التصوير متى أراد وأينما أراد.. مثل هذه العقلية التى مازالت تعيش فى الماضى فيما يخص التصوير هى التى تتحكم بالأمور، وهى التى تفسدها فى النهاية، وهى ما يجب أن يتم تغييره والتصدى له الآن وليس غدًا.
أنا بالفعل أشفق بشدة على كل الخطط التى تُوضع فى الأعلى، والتى يتم إجهاضها بما يحدث فى الشارع، ومن هنا يجب أن نبدأ من أسفل حتى يمكننا أن نحرز تقدمًا بالفعل.