توقيت القاهرة المحلي 21:29:36 آخر تحديث
  مصر اليوم -

غياب الخصوصية

  مصر اليوم -

غياب الخصوصية

بقلم - كريمة كمال

استقللت سيارة أوبر مع سيدة، كقائدة للسيارة.. وبالطبع، لم أكن قد شاهدت قائدة لسيارة أوبر فى القاهرة من قبل، لكننى لم أتعجب، فقبلها بيوم واحد فقط كنت قد شاهدت فتاة شابة تقف وسط السيارات المزدحمة والمتقاطعة فى التقاء شارع عدلى مع شارع سليمان باشا، وكانت الفتاة تقوم بتنظيف زجاج السيارات المارة، أو بالأحرى المتوقفة، وكانت هذه هى المرة الأولى التى أشاهد فيها فتاة شابة تقوم بهذه المهمة.

هناك تغييرات شديدة تحدث فى المجتمع، والمرأة تفعل أى شىء وكل شىء لتعول أسرتها.. لكن هذا ليس موضع حديثنا هنا، بل موضع حديثنا ما روته لى قائدة السيارة الأوبر بعد أن تلقت اتصالا من شخص عرفت أنه كان قد صدم سيارتها الحديثة التى مازالت تدفع أقساطها، وأن الرجل يماطل فى أن يدفع ثمن جزء من الإصلاحات وقد قالت له بحرقة: «أنا بشتغل أربعتاشر ساعة فى اليوم علشان أسدد الأقساط.. ماقدرش أدفع تمن الإصلاحات لوحدى وهى مش غلطتى».. عرفت منها أنه عندما وقعت الحادثة، قال له بعض المارين إنها غلطته، وتدخّل آخرون ليقولوا لها: «خلاص.. المسامح كريم».. بينما قال لها سائق توكتوك إنها ستتكلف ألفا وخمسمائة جنيه فقط، رغم أن التوكيل قدّر الإصلاحات بـ«خمسة وعشرين ألف جنيه».

المشكلة هنا ليست فى اختلاف الأرقام، بل فى تدخل الناس فيما لا يعنيهم، وهى ثقافة متأصلة فى المصريين؛ أنهم يتدخلون دون أن يدعوهم أحد للتدخل، وهذا التدخل قد يضرّ بصاحب المشكلة كما حدث مع هذه السيدة.. فى العالم كله، لا أحد يتدخل فى مثل هذه الحالة، بل يتم استدعاء الشرطة التى تتحرى ما حدث وتحدد من المخطئ وتلزمه بالإصلاح.. أما هنا فكل شىء يتم بشكل عشوائى، ويشعر كل عابر سبيل أن من حقه أن يدلى بدلوه فى المسألة.

هناك مشكلة فى سلوك الكثير من المصريين فيما يخص الخصوصية.. لا يشعر المصريون بشكل عام أن هناك ما يسمى «خصوصية الشخص»، فتجد المصرى يسأل الفتاة التى تخطت الثلاثين ولم تتزوج: «إنتى ليه ماتجوزتيش؟».. أو لو كان هناك زوجان لم يرزقا بالأطفال بعدْ، فيكون السؤال الذى يتردد بشكل دائم فى كل حديث: «إنتو ماخلفتوش ليه؟».. أو أن يسأل أحدهم امرأة عن سبب طلاقها أو حتى رجلا عن سبب طلاقه، رغم أن هذه من أدق خصوصيات الإنسان وليس من حق أحد أن يتدخل فيها.. لكى تفهم ذلك بشكل واضح، راقب تصرفات المصريين أمام ماكينات الصرف الآلى، لتجد المنتظرين دورهم يتدخلون فيما يفعله من يقف أمام الماكينة لينهى تعامله، فهم يتدخلون لينصحوه بأن يفعل هذا أو ذاك، رغم أن هذا تخطٍّ شديد لخصوصية هذا الشخص وسرية تعاملاته.

إن فكرة الخصوصية يجب التأكيد عليها فى تربية الأطفال على الأقل، إذا لم يكن من الممكن أن نتدارك الكبار الذين توارثوا التدخل فى حياة الآخرين، سواء من الثقافة الريفية أو الاعتياد على فكرة التدخل فى حياة الآخرين وغياب فكرة احترام خصوصية الآخر.

يجب أن نتعلم عدم التدخل فى حياة الآخر، وأن من حق الآخر أن يقول لك ما يريد أن يقوله لك عن حياته، كما أن من حقه ألا يقول ما مر به أو ما يمر به؛ لأن هذا شأن خاص جدا به.. المساحة ما بينك وبين الآخر شىء مهم جدا، وهو شىء يجب أن يكون أساسيًا فى أى تربية أو فى أى علاقة مهما كانت قريبة.. يجب أن نعيد النظر فى كثير من سلوكنا مما تم إهماله عقودًا طويلة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

غياب الخصوصية غياب الخصوصية



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 21:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله
  مصر اليوم - كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:24 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 09:20 2024 الخميس ,08 شباط / فبراير

نصائح لعرض المنحوتات الفنية في المنزل

GMT 04:36 2024 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

فئات مسموح لها بزيارة المتحف المصري الكبير مجانا

GMT 15:44 2021 الجمعة ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل حوار باتريس كارتيرون مع رزاق سيسيه في الزمالك

GMT 06:24 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

رينو 5 الكهربائية الجديدة تظهر أثناء اختبارها

GMT 08:54 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

نادية عمارة تحذر الأزواج من مشاهدة الأفلام الإباحية

GMT 00:03 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

كيت ميدلتون ترسل رسالة لنجمة هندية بعد شفائها من السرطان

GMT 07:36 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon