بقلم : كريمة كمال
قانون تنظيم الصحافة لا يتخطى فقط ما جاء بالدستور من كفالة حرية الصحافة وإلغاء العقوبات السالبة للحريات ولا يعيد الحبس الاحتياطى فى قضايا النشر مرة أخرى، لكن هذا القانون يفعل ما هو أكثر بكثير من ذلك، حيث إنه قد منح المجلس الأعلى لتنظيم الصحافة والإعلام السلطة التى يمارسها عدد من الجهات الآن خارج إطار القانون ليصبح من حق المجلس قانونا منع تداول مطبوعات وسحب تراخيص مؤسسات وحجب مواقع إلكترونية ووقف النشر لمواد إعلامية وحظر النشر لمواد إعلامية، أى أن القانون يمكن المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام بالمخالفة للدستور من القيام بالرقابة والمنع، حيث إن القانون قد منح المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام صلاحيات مطلقة فيما يخص الحريات، بل ومنح الهيئة الوطنية للصحافة من ناحية أخرى الحق فى دمج وإلغاء المؤسسات الصحفية.
لكى ندرك خطورة إقرار القانون علينا أن ندرك أولا الهدف الأساسى الذى من أجله تم التفكير أصلا فى تشريع هذا القانون، فالأساس هنا كان فى الأصل أن يتم إلغاء وجود منصب وزير الإعلام ووضع تشريعات بديلة تمكن المؤسسات الصحفية من أن تغدو مستقلة عن طريق إيجاد مؤسسات تقوم بالدور المطلوب بعد غياب منصب وزير الإعلام، حيث تصبح هى المشرفة على الإدارة وهى المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام والهيئة الوطنية للصحافة والهيئة الوطنية للإعلام، أى أن الأصل فى إيجاد هذه المؤسسات كان توفير الاستقلالية للعمل الصحفى الذى عانى طويلا من السيطرة من أعلى فى ظل وجود سلطة وزير الإعلام، ومن هنا كان على هذه المؤسسات أن تمنح الاستقلالية للمؤسسات الصحفية، وأن تحرس حرية الصحافة وتحرص على تحقيقها لكن تغيير بنود القانون المطروح الآن من تحقيق الاستقلالية وتوفير الحرية كما كان متحققا فى المشروع القديم إلى ما يجعل من هذه المؤسسات جهة رقابية وجهة منح ومنع بحيث تصبح بديلا لوزير الإعلام يقوم بالدور الذى كان يقوم به بل وأكثر بدلا من أن يوفر الحرية والاستقلالية للعمل الصحفى كما هو حادث فى القانون الجديد يقضى تماما على الهدف الأساسى من تنظيم الصحافة من الاستقلالية إلى الرقابة والمنع.. الهدف الأساسى الذى كان مطروحا فى الدستور والذى حرص عليه من وضعوا الدستور لم يعد موجودا، بل ما هو مطروح الآن هو العكس تماما، والفيصل هنا فى مواد قانون تنظيم الصحافة الذى لا يحرص على الاستقلالية والحرية بقدر ما يحرص على تواجد سلطة تراقب وتمنع وتحظر، أى أن الأمر هو تبديل سلطات وليس التحرير من سلطات.
المشكلة هنا أن الجماعة الصحفية تراقب ما يجرى فى مسار هذا القانون وتدرك أن الهدف قد بات إعدام المهنة وأن الطريق قد بات مسدودا أمام إقرار الحريات والاستقلالية للصحافة المصرية وأن الجماعة الصحفية ممثلة فى نقابة الصحفيين فى مجلسها وجمعيتها العمومية يتم النأى بها عن أن تقوم بدورها فى مسار هذا القانون الذى قد تم إقراره بالفعل من البرلمان ويستقر الآن فى مجلس الدولة تمهيدا لإقراره.
نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع