بقلم : كريمة كمال
«خليها تصدى» هذا هو شعار الحملة الإلكترونية التى أطلقتها مجموعة من الشباب عبر مواقع التواصل الاجتماعى لمواجهة جشع تجار السيارات والتى تنادى بمقاطعة شراء السيارات من المعارض؛ وذلك بعد عدم تخفيض أسعار السيارات رغم تطبيق «زيرو جمارك» على السيارات المستوردة، وهو ما اعتبره مدشنو الحملة استغلالا من توكيلات السيارات والمعارض فى مصر. «خليها تصدى» هو اسم جروب على موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك» يضم 579.198 عضو بعد أيام قليلة من تدشين الحملة، فيما بلع عدد المنشورات الجديدة عليه 1562 منشورا، وهو ما يعكس مدى التفاعل الكبير والسريع مع الحملة.
الحملة لم تروج فقط لمقاطعة الشراء لكنها أيضا كانت لها مطالب محددة، فقد طالبت شعبة السيارات بضرورة إصدار بيان اعتذار عن كل المخالفات التى وصفت بأنها «لصوصية»، كما طالبت بوضع مجموعة من الضوابط لحفظ حق المستهلك والبائع على حد سواء منها- على سبيل المثال- التوصل إلى متوسطات محددة مقبولة لهامش ربح الوكلاء والموزعين والتجار، وحفّز أعضاء حملة «خليها تصدى» بعضهم البعض لدعوة الأصدقاء من أجل زيادة الأعداد على الجروب الذى يطالب بمقاطعة شراء السيارات حتى تنخفض أسعارها وذلك بالمشاركة بتدوينات للحث على استمرار المقاطعة وعدم الاستسلام وشراء السيارات فى ظل ارتفاع الأسعار الحالى.
نجاح هذه الحملة وانتشارها هو نموذج جيد جدا لمدى تأثير تحرك المستهلك لمواجهة ما يترصده من ارتفاع الأسعار، فاستسلام المستهلك لما يقرره الوكلاء والموزعون من أسعار بصرف النظر عن هامش الربح الذى يضعونه لأنفسهم ومدى المغالاة فيه يعنى ترك الأمر كليا لهؤلاء ليفرضوا ما يرونه من أسعار دون أى مراجعة أو تدخل. إن عدد المشاركين فى هذا الجروب وارتفاع هذا العدد ينبئ عن الإيجابية الشديدة فى مواجهة المشكلة وهى الإيجابية التى أثرت بالفعل على سوق السيارات وحركة البيع والشراء. إن عدم الاستسلام فى مواجهة جشع الوكلاء والموزعين يعنى تحرك جموع المستهلكين لوضع حد لهذا الجشع الذى تزايد بشكل ملحوظ، وتشكيل حملة إلكترونية قد يعنى للبعض شيئاً غير مؤثر، فهى مجرد حملة إلكترونية لكن الواقع أن هذه الحملة قد أثرت بالفعل على قرار شراء السيارات، وبالتالى فرضت نفسها على السوق، ومن هنا فقد أوقفت أن يظل المستهلك ضحية للتاجر دون أن يحرك ساكنا.
«خليها تصدى» هى مثال جيد جدا لضرورة أن يتحرك المجتمع للدفاع عن مصالحه، وأن يكون له صوت فى كل ما يجرى، وما يجب أن يفعله المجتمع فى مواجهة كل ما يحاك له من إجراءات وليس فقط الأسعار، فالمجتمع يجب ألا يكون سلبيا فى مواجهة كل ما يرتب له بل يجب أن تكون له كلمة فى كل الإجراءات من الأسعار للقرارات. من هنا يجب أن يعلن المجتمع عن وجهة نظره وأن يحاول فرض وجهة النظر هذه بالحملات التى تجعل منه طرفا أساسيا فى أى معادلة يمكن أن يقبل ويمكن أن يرفض.
لقد كان المجتمع دوما طرفا متلقيا لكل ما يجرى سواء فيما يخص رفع الأسعار أو فرض الإجراءات ولم يخرج رد فعله على هذا الذى يجرى عن حد الشكوى والتوقف عند حد الشكوى فقط، أما التفاعل والتحرك والتعبير عن الرأى بل اتخاذ موقف مضاد فهذه مرحلة لم يعتدها المجتمع الذى ظل طويلا محصورا فى السلبية الشديدة بينما التحرك الإيجابى هو الذى يفرض وجهة نظر هذا المجتمع ويجعله فاعلا فى مواجهة ما يصطدم مع مصالحه.. «خليها تصدى» حملة تعبر عن مجتمع قوى قادر على التحرك وليس مجتمعاً ميتاً لا يحرك ساكناً فى مواجهة ما يحاك له.
نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع