توقيت القاهرة المحلي 01:32:45 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مطوعو هذا الزمان

  مصر اليوم -

مطوعو هذا الزمان

بقلم - كريمة كمال

هل يمكن أن يحدث هذا فى أى مكان فى العالم؟ أتحدث هنا عن السيدة التى قامت بالتعدى على الفتيات فى المترو بسبب ملابسهن.. تقول إحدى الفتيات: تعرضنا لأبشع الشتائم من السيدة، قالت لصديقتى: اللى زيك يتعمله محضر فى الدعارة، وخلعت حذاءها وتعدت علينا بالضرب.. ملابسنا لم تكن فاضحة مثلما وصفتنا.. صديقتى كانت ترتدى تى شيرت نصف كم.. استمرت المشاجرة خمس محطات.. لم نحرر محضرًا لأن السيدات أخرجنها من المترو.

هذه الواقعة تكشف الكثير مما يوجد فى المجتمع المصرى، تكشف كيف تحول قطاع كبير من هذا الشعب إلى متشدد ينظر بالذات إلى المرأة ليدينها إذا ما كانت مختلفة عنها.. هذه السيدة مثال لما ترسخ من ثقافة سلفية إخوانية فى المجتمع المصرى عبر سنوات، مما سُمى بالصحوة الإسلامية مما جعل الكثيرين ليس فقط يتبنون مفاهيم هذه الصحوة بل يتحولون إلى مطوعين يفرضون ما يرونه الصح حتى لو كان بالتدخل فى حياة الآخرين.

هذا مجتمع ضاعت فيه الخصوصية تمامًا، وأصبح من حق أى فرد فيه أن يؤمن بمثل هذه المفاهيم، ليس أن يرفض غيره المختلف عنه فقط، بل أن يتدخل ليُقوِّم هذا الآخر حتى لو كان بالتعدى عليه، ونتذكر هنا قصة السيدة التى صعد إلى منزلها حارس العقار وزوجته وجار لها ليعتدوا عليها لأنهم شاهدوا رجلًا يدخل شقتها مما دفعها إلى السقوط من النافذة، ولا ندرى حتى الآن إذا ما كانت قد ألقت بنفسها أم أنهم قد ألقوا بها.. هذه الواقعة التى حدثت فى المترو أخيرًا لا تختلف كثيرًا عن واقعة قتل الكاهن فى الإسكندرية، هى فى النهاية رفض للآخر المختلف ورغبة فى التخلص منه لأنه مرفوض من جانبهم، سواء وجود دين آخر أو ثقافة أخرى تتمثل فى ثياب عصرية جميلة يجدون هم أنها مخالفة.

ما جرى عبر عقود طويلة من تغلغل الفكر السلفى فى المجتمع لم يترك المجتمع على حاله بل قسم هذا المجتمع إلى قسمين، قسم يتبنى الثقافة المصرية كما كانت دومًا مع مسحة من العصرية، وقسم آخر يؤمن بكل الأفكار السلفية والظلامية ويريد أن يفرضها ولو بالقوة أو حتى بالعنف.. هؤلاء يرفضون تمامًا القسم الآخر ويريدون فرض رؤيتهم للمجتمع على الآخرين ولو بالتعدى عليهم بالقوة.

هذه السيدة ليست فقط متدينة بل هى خليط من التعصب والتشدد والرغبة فى فرض رؤيتها للعالم على الآخرين، وربما هى أيضًا حالة من الغيرة من فتيات صغيرات جميلات سعيدات بشبابهن، بينما هى قد فارقت الجمال ودفنت الجمال تحت قيود كثيرة كبلتها ودفنتها هى فى القاع.. لقد تم القبض على هذه السيدة بعد أن تم نشر الواقعة على مواقع التواصل الاجتماعى.

وقد قيل إنه تم الإفراج عنها بعد تنازل الفتيات، ولا أدرى إذا ما كان هذا حقيقيًا من عدمه، وأنا أرى أنه لا يجب أن يحدث تنازل، بل يجب أن تُحاسب هذه السيدة عما اقترفته وإلا فسوف نرى مثلها الكثيرين والكثيرين، فالخطاب المتشدد موجود ومنتشر، ومن يريدون فرض تشددهم موجودون ويريدون أن يتحركوا ضد كل الآخرين الذين يرون هم أن وجودهم فى هذا المجتمع مرفوض.

القانون يجب أن يتدخل وإلا سيحاول قسم من هذا المجتمع أن يقضى على القسم الآخر بالعنف.. لا يجب أن يُترك هذا الصراع محتدمًا دون تدخل من الدولة لوضع حد له، خاصة أن ثقافة التشدد تزداد انتشارًا، علينا أن ندرك خطورة انتشار هذه الثقافة ولا نترك لها المجال لكى تفرض نفسها على المجتمع بالقوة والعنف.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مطوعو هذا الزمان مطوعو هذا الزمان



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أحمد الشرع تُؤكد أن سوريا لن تكون منصة قلق لأي دولة عربية

GMT 03:29 2020 السبت ,14 آذار/ مارس

بورصة تونس تغلق التعاملات على انخفاض

GMT 14:03 2020 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أول تعليق من محمد منير بعد وفاة مدير أعماله وزوج شقيقته

GMT 06:49 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

عزل ترامب

GMT 11:48 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

هاشتاج أمينة خليل يشعل مواقع التواصل الاجتماعي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon