توقيت القاهرة المحلي 13:49:10 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الوصاية

  مصر اليوم -

الوصاية

بقلم: كريمة كمال

كانت الابنة الحزينة تمر بأسوأ لحظات حياتها هى وشقيقتها الصغرى وهما تدخلان وراء جثمان الأب جامع السيدة نفيسة.. كانت ترتدى بنطلونا طويلا وفوقه ثوب بأكمام طويلة ينسدل حتى كاحلها.. ووسط دموعها الغزيرة فوجئت بسيدة تقترب منها تطلب منها أن تعدل الثوب.. ولم أفهم حقا تعدل ماذا إذا ما كان الثوب ينسدل حتى قدميها. وفى طريقها إلى الخروج وراء الجثمان وقريبا من الباب انسدل الإيشارب الذى تضعه على رأسها، لتقترب منها أخرى وتسألها: «إنتى مش محجبة؟!.. الطرحة تفضل على راسك لغاية ما تخرجى».. لم أفهم حقا كل هذه الوصاية على فتاة صغيرة تمر بلحظة شديدة القسوة.. وبدلا من الطبطبة عليها يصبح التركيز الوحيد على ملابسها، وإذا ما كانت محجبة أم لا.

أنا لا أذكر هنا واقعة خاصة، بل هى واقعة عامة تتكرر كثيرًا مع أى فتاة أو امرأة تخرج إلى الشارع المصرى وهى غير محجبة.. هنا يصبح من الضرورة التأكيد لها أنها مراقبة وأنها تحت وصاية الرجل أو وصاية أى امرأة محجبة.. فقد مررت أنا نفسى بتجربة مماثلة قبل أيام، حيث كنت أجلس فى كافيتريا وأرتدى ثوبا طويلا ببطانة طويلة ملتصقة به وأكمام طويلة، وكنت أمرّ بظروف شديدة الصعوبة حينما اقتربت منى عاملة فى الكافيتريا وعلى وجهها ابتسامة صفراء وتنحنى علىَّ لتطلب منى أن أعدل البطانة، ولم أفهم أعدل أى بطانة إذا ما كانت ملتصقة أصلا بالثوب.. ولم أثب إلى رشدى لأنهرها بشدة نتيجة لحالة القلق الشديدة التى كنت أمرُّ بها.

هذه مجرد حالات.. وقد قالت لى صديقات كثيرات غير محجبات إن نفس الشىء قد حدث معهن.. أنا مقتنعة تماما بأن مثل هذه الحالات ليست بأى حال من الأحوال حالات فردية، لكنها اتجاه مخطط للضغط على غير المحجبة وإشعارها أنها على خطأ، وأن من هى على صواب من حقها أن تعدّل عليها وأن توجهها.. قد لا يحدث هذا فى الزمالك أو مصر الجديدة أو التجمع.. ولكن فى وسط البلد وباقى أحياء مصر، وقد يكون باقى أحياء مدن الجمهورية.

الحجاب مسألة شخصية، ومن حق أى امرأة أو فتاة أن ترتديه، كما من حق من لا تريد أن تفعل ذلك ألا ترتديه.. وأيضا المسيحيات اللاتى لا يحسب حسابهن أحد.. لكن أن يكون هناك استهداف منظم لأى امرأة غير محجبة فهذا هو المرفوض تماما، والذى لا يجب السكوت عليه، فالمحجبة ليست سلطة على غير المحجبة، وقد قال لى البعض إن هذا قد حدث معهن، وهن قمن بشكر من نصحتها رغم علمها أن لا شىء يستدعى التدخل.. وأنا أرى فى هذا عدم إدراك للحالة الموجودة بالفعل فى الشارع من استهداف لغير المحجبة.. ولكى ندرك هذه الحالة علينا أن نرى رد الفعل على الجريمة البشعة التى راحت ضحيتها نيرة أشرف، وكيف كان التركيز على أنها غير محجبة.. هذا مجتمع بات لا يركز ولا يهتم سوى بملابس المرأة.. هذا مجتمع يقبل القتل والذبح علنا، ناهيك عن أن يقبل الفساد والسرقة والكذب، لكنه لا يقبل إلا أن تتحجب المرأة.. هذا مجتمع مصاب بهستيريا جسد المرأة، ويغفر أى شيء آخر يراه ويسمعه ويعرفه ترفضه كل المجتمعات فى العالم.. هذا مجتمع يبيح لممرضة أن تقوم بتصوير جسد فتاة قُتلت غدرًا وتستعرض أماكن الطعنات.. من المؤكد لقاء مبلغ ما، ليضعه أحدهم على النت ويتربح.. أين الحرام والحلال هنا أم أن الحلال والحرام انحصر فقط فى تغطية جسد المرأة، أما باقى القيم فقد سقطت فى قاع القاع؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الوصاية الوصاية



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
  مصر اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
  مصر اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:36 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : ناجي العلي

GMT 15:47 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 11:46 2024 السبت ,14 كانون الأول / ديسمبر

مبابي أفضل لاعب فرنسي في موسم 2023-2024 ويعادل كريم بنزيما

GMT 08:09 2024 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

مميزات كثيرة لسيراميك الأرضيات في المنزل المعاصر

GMT 05:00 2024 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

بوجاتي تشيرون الخارقة في مواجهة مع مكوك فضاء

GMT 05:50 2024 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

تسلا تنشر صور للشاحنة سايبرتراك باختبار الشتاء

GMT 13:06 2021 الأحد ,03 تشرين الأول / أكتوبر

منة شلبي عضو لجنة تحكيم الأفلام الطويلة بمهرجان الجونة

GMT 20:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

رسميًا إيهاب جلال مديرًا فنيا لنادي بيراميدز
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon