بقلم: كريمة كمال
«تاريخ من الصلابة وتكوين أسطورى جمع بين الفن والفكر والثقافة والسياسة.. إنهن شخصيات استثنائية تركن بصمة على تاريخ المهنة، وأسماء احتلت مكانة بارزة فى مقدمة المؤسسين للنقابة، منهن فاطمة اليوسف (روز اليوسف)، ونبوية موسى وفاطمة نعمت راشد ومنيرفا عبدالحكيم.. كما استطاعت أسماء بارزة أخرى أن تحتل مكانة خاصة من العمل النقابى، فى مقدمتها أمينة السعيد وأمينة شفيق وغيرهما من الزميلات. وبعد مرور خمسة وسبعين عامًا من عمر النقابة تحتل الصحفيات مكانة متميزة، كما تمثلن الآن ثلث عدد أعضاء الجمعية العمومية.. تحية لكفاح الصحفيات ولدورهن المستمر فى مواجهة التحديات».. كتب هذه الكلمات تحت عنوان «تاريخ من الصلابة» النقيب الأستاذ يحيى قلاش على ظهر كتاب «كفاح الصحفيات المصريات»، الذى صدر عن نقابة الصحفيين فى ذكرى مرور خمسة وسبعين عامًا على إنشائها، والذى أعدته الزميلة الصحفية حنان فكرى.. وتعاون فى إصدار هذا الكتيب الاتحاد النوعى لنساء مصر، ورغم هذا التاريخ المجيد إلا أن النساء الصحفيات اللائى شاركن فى تأسيس النقابة لم يحظين بتمثيل جيد فى مجالس النقابة المتعاقبة، فعبر خمسة وسبعين عامًا لم تمثل الصحفيات سوى تسع صحفيات فقط.. تسع صحفيات على مدى خمسة وسبعين عامًا، بل لم يكن للمرأة أيضًا تمثيل جيد فى الجمعية العمومية نفسها حتى ثمانينيات القرن الماضى، وبالتدريج بدأت الأعداد تتزايد حتى بلغ عدد أعضاء نقابة الصحفيين فى عام 2016 حوالى تسعة آلاف صحفى، وشكلت النساء منهم 2844 صحفية، لتصل نسبة الصحفيات إلى ثلث الجمعية العمومية.. فهل حصلت الصحفية على حقها؟.. فى الواقع إن هذا التمثيل المرتفع لم يتضمن تمثيلًا كبيرًا فى عضوية مجالس النقابة، ولم ينعكس فى تولى المرأة المناصب العليا فى المؤسسات الصحفية، سواء المؤسسات القومية أو الخاصة، فظل وصول المرأة لهذه المناصب متدنيًا بل شديد التدنى.
هذا التجاهل التام لدور المرأة فى الصحافة المصرية يبدأ من تاريخ هذه الصحافة، فقد غاب تمامًا ذكر أول امرأة اقتحمت مجال الصحافة فى مصر، وهى «جليلة تمرهان» التى تدرجت حتى وصلت لوظيفة خوجة فى أمراض النساء، والتى عملت كمحررة فى مجلة «يعسوب الطب»، ثم أصدرت «هند نوفل» مجلة «الفتاة» لتكون ميلادًا للصحافة المصرية فى مصر، ثم أصدرت ألكسندر أفرنيو مجلتها «أنيس الجليس»، ثم أصدرت لبيبة هاشم مجلة «فتاة الشرق»، ثم أصدرت روز اليوسف مجلتها، وأصدرت درية شفيق «بنت النيل».. هكذا صنعت المرأة بداية تاريخ الصحافة فى مصر، لكن كثيرًا من هذه الأسماء غابت تمامًا عن الذكر وبقى القليل منها.. ومع الزمن غابت المرأة عن الذكر فى تاريخ الصحافة وفى التواجد الفعلى، سواء فى مجالس النقابة المتعاقبة أو المناصب القيادية فى الصحافة المصرية.
هذه الأسماء وغيرها، البعض منها أصدر مطبوعات، والبعض الآخر شارك بالكتابة، سواء فى الكتب أو الصحف، مثل «لبيبة أحمد».. وبعد ذلك برزت أسماء مثل «أمينة السعيد»، وهى أول صحفية محترفة بل هى أول رئيسة تحرير، وأول من وصلت لمنصب رئيس مجلس إدارة مؤسسة صحفية، وأول سيدة تصبح وكيلًا لنقابة الصحفيين، ثم برزت أسماء صحفيات كنقابيات مثل نوال مدكور وأمينة شفيق، التى كانت عضوًا بعدة دورات نقابية متتالية، وكذلك فاطمة السعيد وبهيرة مختار، التى نجحت فى أن تصبح عضوًا فى مجلس النقابة، وهو المجلس الذى شهد تواجد ثلاث صحفيات.. وربما يكون هو المجلس الوحيد الذى مُثلت فيه المرأة بهذا الشكل، ليصير تواجد المرأة محصورًا فى صحفية واحدة فقط «عبير سعدى» و«حنان فكرى» أو مجالس غابت عنها المرأة تمامًا، فما الذى جرى فى أكثر من ثمانين عامًا من عمر النقابة؟