بقلم: كريمة كمال
عُقدت فى نقابة الصحفيين جلسة فى شكل مائدة مستديرة تحت عنوان «سبل القضاء على العنف ضد النساء والفتيات»، وكانت المائدة بمناسبة الفترة التى خصصتها الأمم المتحدة للقضاء على العنف ضد المرأة، كما كانت الجلسة تمهيدًا لمناقشة مدونة السلوك التى سيشهدها المؤتمر العام لنقابة الصحفيين الذى يُعقد بعد أيام قليلة، وجانب كبير من المناقشة التى دارت امتد إلى محاولة ضبط علاقات العمل داخل البيئة الصحفية.
شارك فى النقاش عدد من الصحفيين والصحفيات، على رأسهم النقيب خالد البلشى، وعضو مجلس النقابة المسؤولة عن لجنة المرأة دعاء النجار، والصحفية والباحثة منى عزت، والمستشار محمد سمير، المتحدث الرسمى للنيابة الإدارية، الذى تحدث عن العنف من ناحية التمييز ضد النساء، مشيرًا لما عايشناه طويلًا من تمييز ضد المرأة فى تقلدها لمناصب القضاء بالذات، وهى المعركة الطويلة التى عايشها كل من عمل فى مجال وقف التمييز ضد المرأة، والتى كانت واضحة وضوح الشمس كتمييز ممنهج.
وكان كثير من القضاة ضد جلوس المرأة على مقعد القاضى، كما كان مجلس الدولة متشددًا بشدة ضد دخول المرأة المجلس، وعرفنا أسماء تصدت لهذا برفع قضية، مثل عائشة راتب وفاطمة لاشين وغيرهما، ولم يتغير الأمر إلا عندما تغير الدستور وتم النص صراحة على حق المرأة فى تقلد القضاء.. كل ذلك أخذ منا سنوات رغم أن دولًا عربية كثيرة كانت المرأة فيها تتقلد منصب القاضى، لكن المهم أن المعركة حُسمت فى النهاية بعد نضال طويل من المحامين ومنظمات المجتمع المدنى التى خصصت الكثير من المؤتمرات والندوات من أجل الكفاح لتنال المرأة حقها.
فى بلاط صاحبة الجلالة هناك تمييز آخر يحدث، وقد تمت مناقشته فى هذه الجلسة التى تسبق المؤتمر العام السادس، وقد أوضحت الصحفية «فيولا فهمى» أن الأمر ليس صراعًا بين الرجل والمرأة لكنه محاولة للوصول إلى مدونة سلوك تحكم الكل.. كما أكدت الصحفية والباحثة والعاملة فى مجال العمل الأهلى كمستشارة أن الأمر فى النهاية أننا نبحث عن بيئة آمنة فى الجرائد والمجلات تحكمها مدونة سلوك تستند إلى الاتفاقيات الدولية، سواء التى وقَّعت عليها مصر أو لم توقع، المهم أن هذه الاتفاقيات تحكم سعينا للوصول إلى مدونة سلوك للصحافة المصرية.
أسوأ ما يواجه المرأة من تمييز فى بلاط صاحبة الجلالة هو «التنميط»، فعندما تضع الصحفية قدمها داخل الجريدة أو المجلة لتبدأ عملها يكون المطروح أمامها دومًا أن تعمل إما فى صفحات المرأة أو المنوعات على أساس أنها لا تصلح لمطاردة الأخبار أو التحقيقات أو الملفات السياسية وغيرها من الملفات الجادة.. كل ذلك يُحجِّم الصحفية ويحرمها من أن تخط لنفسها طريقًا جادًا ومهمًا داخل العمل الصحفى، والأسوأ من التنميط هو الحرمان من الترقى إذا ما استطاعت أن تخط لنفسها طريقًا جادًا ومهمًا، فهى لا تُطرح فى المناصب القيادية كرئيس قسم أو نائب لرئيس التحرير، ناهيك طبعًا أن يتم تصعيدها لمنصب رئيس التحرير.. وعلينا أن نسأل أنفسنا كم سيدة مُنحت منصب رئيس التحرير فى عمر الصحافة المصرية الطويل؟ سنجد العدد ضئيلًا جدًا جدًا، مما يبرهن كدليل دامغ على مدى التمييز الذى تتعرض له المرأة فى بلاط صاحبة الجلالة.
أعتقد أن هذا موضوع من الموضوعات المهمة التى ستُطرح فى جلسات المؤتمر السادس، لأن مدونة السلوك ستسعى لإقرار حقوق الصحفيين جميعًا، صحفيين وصحفيات، وهو أمر مهم جدًا ويُفسح طريقًا للتعامل مع كثير من المشاكل التى تقع، والتى يجب التصدى لها وليس التغاضى عنها واعتبارها كأنها لم تحدث، لأنها تؤثر على بيئة العمل.