بقلم : كريمة كمال
«هالنا ما ورد فى وسائل الإعلام من مقترح مشروع قانون جديد للأحوال الشخصية للمسلمين لما جاء به من نصوص تمييزية تنفى عن النساء الأهلية القانونية مخالفة للدستور وللواقع المعاش للنساء المصريات فى القرن الواحد والعشرين».
جاءت هذه الفقرة فى مستهل البيان الذى نشرته مؤسسة المرأة والذاكرة على موقعها تعليقا على مقترح قانون الأحوال الشخصية الذى أرسله مجلس الوزراء إلى البرلمان.. علقت المؤسسة بأن هذا القانون المقترح لا يتطرق إلى مشكلة أساسية فى فلسفة قانون الأحوال الشخصية المعمول به حاليا حيث تعتبر النساء كل النساء بصرف النظر عن السن أو الخبرة العملية والحياتية ناقصات الأهلية والقدرة التى تؤهلهن لإدارة شؤونهن الخاصة وشؤون أطفالهن فلا تعترف بولايتهن على أنفسهن وعلى أطفالهن.. بل إن الأسوأ فى رأيى أن القانون المقترح يزايد على القانون المعمول به حاليا بأن يمنح السلطة لولى الأمر لفسخ زواج المولى عليها دون موافقتها بحجة عدم التكافؤ.. هذا المقترح يحول المرأة المصرية عامة إلى كائن ناقص الأهلية لا يمكن له أن يجرى أى تعاملات يومية مع المؤسسات الرسمية، سواء كانت هذه المعاملات خاصة بها أو خاصة بأطفالها دون الرجوع للولى ودون الرجوع للرجل.
هل تريدون أن تعرفوا حجم هذه المعاناة؟ عليكم أن تتبعوا حملة «الولاية حقى» وهى حملة للتدوين تحت هذا الهاشتاج التى أجرتها مؤسسة المرأة والذاكرة طالبة من كل امرأة تعرضت للتعنت بسبب فقد ولايتها على نفسها أو على أولادها بأن تحكى قصتها ونجحت الحملة نجاحا شديدا وأصبح هاشتاج «الولاية حقى» تريند، أما القصص فكانت بحق صادمة وكأننا لا نعيش فى القرن الواحد والعشرين وكأن المرأة مازالت حبيسة البيت وليست وزيرة وعميدة ومديرة بنك والكثير والكثير من المناصب القيادية، فهى عندما تحتاج إلى إجراء معاملة لها أو لأولادها يجب عليها أن تلجأ للرجل الولى عليها وعلى أطفالها، وهكذا فمديرة البنك لا تستطيع أن تتحكم فى حسابات أطفالها ومديرة المدرسة أو الأستاذة بالجامعة لا تملك حق نقل أولادها من مدرسة إلى أخرى وهكذا المرأة طبقا لهذا القانون مازالت تعيش فى الماضى السحيق وفى سنوات بعيدة ماضية وكأنما لم تتقدم خطوة للأمام.
ذهبت لتغيير عنوانها فى البطاقة الشخصية وهى تحمل عقد الشقة محل إقامتها لكن الموظف رفض وطلب منها أن يضمنها والدها أو شقيقها ولأنها لم تكن على وفاق معهم فشلت فى تغيير العنوان... وتحكى أخرى كيف أن زوجها كان مسجونا على ذمة قضية سياسية حينما مرضت ابنتها واحتاجت للعلاج خارج البلاد وحاولت استخراج جواز سفر لها لكن كان الرفض فى انتظارها بأنه يجب أن يوقع الأب بالموافقة على استخراج جواز سفر الابنة ولأن ذلك كان مستحيلا لوجوده فى السجن لجأت الزوجة إلى الوساطة حتى استطاعت الحصول على موافقته... امرأة أخرى حاولت أن تشترى شهادات استثمار فى البنك بأسماء أبنائها بتحويل النقود فى حساباتهم إلى الشهادات، لكن هذا كان مستحيلا فلا يمكن أن تتحكم فى أموالهم والأب وحده القادر على ذلك... والأسوأ أن مشاعر الموظف وقناعاته الشخصية تتحالف مع القانون فى التعامل مع المرأة فأخرى تحكى عندما حاولت تغيير صورة البطاقة لصورة بدون حجاب وكان عمرها خمسة وعشرين عاما أصر موظف السجل المدنى أن الأب أو الأخ فقط يجب أن يضمناها، والأسوأ أنه أخذ يلوم والدها بأنه سمح بهذه الصورة بدون حجاب ورغم أنها كانت تعيش مستقلة فى محافظة أخرى وتتحمل مسؤولية نفسها إلا أنها فشلت فى تغيير الصورة.
هذه القصص، ومثلها مئات بل آلاف القصص، تحكى كيف يتحكم القانون فى حياة المرأة فهل يوافق البرلمان على هذا القانون وما هو موقف النائبات بكل هذا العدد الكبير من هذا القانون هل يكون لهم موقف رافض له بشكل حاسم؟