بقلم - كريمة كمال
تقول مقدمة الخبر (نائبة تقترح تقديم مشروع قانون يضيف درجتين لطلبة الثانوية العامة المشاركين فى الانتخابات)، بينما ينص الخبر على أنه (أعلنت النائبة دينا عبدالعزيز، عضو مجلس النواب، عن دائرة حلوان، أنها بصدد تقديم مشروع قانون يمنح الطلاب درجتين حافزا يضاف إلى المجموع فى حالة مشاركتهم فى كافة الانتخابات). وأوضحت النائبة فى مداخلة مع برنامج العاشرة مساء أنها كانت مجرد فكرة، وأضافت أن الفكرة تستهدف حث الشباب على المشاركة فى الحياة السياسية، خاصة الذين يشاركون فى الانتخابات، وعبرت النائبة عن أن الاقتراح قائم على تحفيز الشباب من أجل المشاركة فى العملية السياسية، طبقا للمادة 82 من الدستور، والتى تنص على أن «تكفل الدولة رعاية الشباب والنشء وتعمل على اكتشاف مواهبهم وتنمية قدراتهم فى جميع المجالات».
واللافت هنا هو خلط النائبة بين دور الدولة الذى ينص عليه الدستور فيما يخص الشباب وبين منح الدرجات لمجرد المشاركة فى الانتخابات، وهو ما يمكن أن يدرج تحت بند الرشاوى الانتخابية، فما الفارق بين منح الدرجات ومنح السكر والزيت أو منح النقود.. المشكلة أن النائبة تخلط بين رعاية الدولة للشباب وتحفيزهم على المشاركة السياسية وبين منح الدرجات، فتحفيز الشباب على المشاركة السياسية يعنى أن تدفع الدولة الشباب للمشاركة فى نشاط الأحزاب السياسية وفى تولى المناصب القيادية داخل هذه الأحزاب، وأن يعى الشباب قواعد العمل السياسى من خلال المشاركة الفعلية فى العمل السياسى الحزبى، وبالتالى العمل السياسى العام، والغريب أن النائبة تتصور أن تفعيل الدستور فيما يخص الشباب يتوقف عند منح درجتين كحافز كما تقول، وهى لا تعى أن هذا لا يعدو أن يكون رشوة انتخابية مقنعة تحت شعار تحفيز الشباب.
المشكلة فى مقترح النائبة أنه يكشف عن طريقة تفكير ليس النائبة وحدها، بل العديد من نواب مجلس النواب الحالى، فالنواب يقعون فى مأزق ضرورة أن يتحركوا داخل المجلس، وأن يشاركوا بمقترحات ومشاريع لقوانين، فيبحثوا عن أفكار جديدة يمكن أن يتقدموا بها، ولأن أغلبهم لم يأت بخلفية فى العمل العام كنتيجة للطريقة التى تم بها تشكيل هذا المجلس، فهم لا يدركون المشاكل الملحة ولا الأولويات التى يجب أن يولوها اهتمامهم، فيتقدمون بأفكار على شاكلة هذا المقترح، وإذا ما انتقدت الصحافة هذه المقترحات يغضب رئيس المجلس ويعتبر أن هناك مؤامرة محاكة ضد المجلس، بينما المشكلة الحقيقية تكمن فى خلفية النواب، وبالتالى ما يقترحونه من أفكار ومشاريع قوانين، فالفكرة التى اقترحتها النائبة يمكن أن تؤخذ على أنها رشوة انتخابية مقنعة بالدستور للدفع بالشباب للمشاركة فى الانتخابات خاصة أن هناك تخوفا من نسبة المشاركة فى الانتخابات الرئاسية المقبلة نتيجة الإحساس بأن نتيجتها محسومة سلفا، مما يضفى على اقتراح النائبة شبهة المشاركة فى محاولة الحشد بالتحفيز المادى، بينما للناس مطالب كثيرة قد تكون أولى بالاقتراح بمشروعات قوانين تلبى هذه المطالب من مجلس النواب الذى هو بالأساس يجب أن يكون معبرا عن المواطنين، وعن مطالبهم ومشاكلهم قبل أن يكون معبرا عن الحكومة أو مؤسسات الدولة.
مشكلة مجلس النواب الحالى الأساسية هى فقدان البوصلة فى تحديد من يمثله المجلس ومن يعبر عنه الحكومة ومؤسسات الدولة أم المواطنين وعلى مدى عمل مجلس النواب منذ تشكيله وهو يبدو وكأنه ذراع للسلطة الحاكمة بل وللحكومة ومؤسسات الدولة قبل أن يكون ذراعا للمواطنين تحقق لهم مطالبهم وتحل لهم مشاكلهم والدليل على ذلك أن اللجنة التشريعية بمجلس النواب قد أقرت مؤخرا تعديلاتها على المادة المعروفة بمادة الكفالات ضمن مشروع قانون الإجراءات الجنائية والتى تتضمن اقتطاع نصف الكفالات المصادرة من المتهمين لصالح صندوق الرعاية الصحية والاجتماعية للقضاة، رغم رفض نادى القضاة لها بكونها تشكل شبهة مصلحة للقضاة فى إقرار الكفالات، بينما وافق عليها مجلس القضاء الأعلى.. فلمن كان انحياز اللجنة؟ هذا مجرد نموذج والنماذج الأخرى كثيرة لذا على مجلس النواب ونوابه إعادة ضبط بوصلة الاهتمامات لتتوافق مع ما يطلبه المواطن المصرى أولا وأخيرا.
نقلا عن المصري اليوم القاهريه