بقلم - كريمة كمال
من المؤكد أنه لا يوجد موضوع مثار الآن سوى موضوع غلاء الأسعار.. ففجأة ارتفعت أسعار كل السلع... تذهب لشراء أى سلعة تجدها قد ارتفع سعرها بشكل مبالغ، وكانت البداية برغيف العيش الذى يُطلق عليه السياحى، حيث ارتفع سعره فى بعض المناطق من خمسين قرشًا إلى خمسة وسبعين قرشًا، بل إنه فى بعض المناطق الأخرى ارتفع إلى جنيه بل جنيه ونصف الجنيه.. ولا تعرف من الذى يضع السعر ومن الذى يقرره وعلى شاشات التليفزيون وجد الناس المذيعين يتهمون أصحاب المخابز، فهل قرر أصحاب المخابز فجأة رفع الأسعار؟.. قال أصحاب المخابز إن سعر كل شىء ارتفع، من سعر الدقيق إلى سعر كل المستلزمات الأخرى، فاضطروا لرفع أسعار الخبز.. إذا كان هذا ما حدث للخبز فلماذا ارتفعت أسعار كل السلع الأخرى؟ كانت أصابع الاتهام فى كل البرامج تشير إلى جشع التجار وأن التجار هم من رفعوا الأسعار دون سبب.. فهل قرر التجار فجأة رفع الأسعار؟ هل اتفقوا على ذلك ونفذوه معًا فى وقت واحد ودون سبب؟ إذا ما كان هذا صحيحًا فلماذا ارتفع سعر زجاجة المياه المعدنية أيضًا، وهى ليست فى أيدى التجار بل هى شركة كبرى، فلماذا ارتفع سعرها أيضًا؟
من يدعِ أن السبب هو الحرب ما بين روسيا وأوكرانيا يكذب كذبًا مفضوحًا، فتداعيات الحرب الروسية- الأوكرانية لم تصل إلينا بعد وسوف تصل بعد فترة بعد أن ينقطع توريد القمح من كلتا الدولتين ونضطر إلى استيراد القمح من دول أخرى بأسعار مرتفعة عما كنا نحصل عليه من الدولتين، أيضًا بعد أن يتأثر توريد الطاقة لنا بسبب الحرب، وهو ما لم يحدث بعد، لذا فكما يسخر الناس على مواقع التواصل من هذا الادعاء بالقول إن المدفعية الروسية قد ضربت مزارع الفراخ لدينا فارتفع سعر الفراخ.. هذا الادعاء بأن الحرب هى السبب ادعاء مفضوح ولا يمكن قبوله الآن، ولم تصلنا بعد تداعيات الحرب، فماذا بعد أن تصلنا هذه التداعيات ماذا سنقول وقتها؟
أشعر بأن كل الخطابات الموجهة لنا لتفسير هذا الارتفاع المفاجئ للأسعار هى خطابات كاذبة، سواء كانت عن جشع التجار أو عن الحرب بين روسيا وأوكرانيا، فلماذا لا تقولوا لنا الأسباب الحقيقية؟ من المؤكد أن هذه الرفعة فى الأسعار وراءها أسباب ما، وأسوأ ما يجب أن يخشاه الناس أن هذه الأسعار لن تتوقف عن الارتفاع بل سترتفع مرة أخرى مع وصول تداعيات الحرب إلينا بالفعل فما الذى ينتظرنا؟ من المهم أن يطلع الناس على الحقائق حول ما يجرى وأن يعرفوا أسباب ارتفاع الأسعار الآن دون إلقاء اللوم على التجار والحرب لأنه خطاب غير مصدق وغير مقبول.
اطلاع الناس على الحقائق هو أفضل وسيلة لمواجهة أى أزمة اقتصادية، كما يجب أيضًا فى هذه الأزمة أن تتم مراقبة السوق بشكل جدى حتى لا نلقى التبعة على التجار، بل أن نحاسبهم بحق عما يقرونه من أسعار، وهنا يجب على الدولة أيضًا أن تتدخل عبر منافذها لتوفير السلع بأسعار أقل، خاصة أن هناك أسرًا كثيرة لا تستطيع أن تتحمل هذا الارتفاع فى الأسعار فماذا بعد أن يأتى رمضان وترتفع الأسعار مرة أخرى، وماذا بعد أن تصلنا تداعيات الحرب فترتفع الأسعار مرة ثالثة؟ يجب ألا نترك الناس «عُزّل» فى مواجهة كل هذا، فالناس يصرخون من الآن فماذا بعد أن يحدث الارتفاع أكثر من مرة؟ ليس المهم أن نروج لأسباب غير حقيقية لارتفاع الأسعار بل أن نواجه هذا الارتفاع وأن نعين الناس عليه.