بقلم - كريمة كمال
أتأمل كل ما يجرى فى المنطقة العربية وأقارنه بموقعنا نحن من المنطقة.. هل نحافظ نحن على مكانتنا فى المنطقة أم أننا نتخلى عنها لغيرنا؟ رغم أننا مثلًا نمتلك شواطئ ساحرة لا تتوفر ليس فقط لبلاد المنطقة العربية بل لا تتوفر لدول العالم كله برمالها الناعمة ومياهها الزرقاء وجمال منظرها، ورغم أننا نمتلك أكبر ثروة من الآثار فى العالم كله، فمصر تضم أكبر كمية من آثار العالم مع تفردها وتميزها، كما نمتلك أيضًا فى القاهرة وحدها أجمل منطقة لوسط البلد فى المنطقة، بل هى تكاد تضاهى لندن وباريس لو تم الاعتناء بها.. لكن رغم هذا كله أجد مثلًا أن دبى قد حصلت على ما يقرب من ضعف عدد السياح الذين حصلنا نحن عليهم، والسؤال: لماذا؟ هل نحن لا نمتلك القدرة على استغلال ما نملكه؟ من المؤكد أن هناك أسبابًا وراء ذلك انتهت إلى هذا الذى انتهينا إليه.
هل نحن فى مرحلة التخلى عن مكانتنا التاريخية فى المنطقة؟ هذا السؤال أطرحه بالذات حول مكانتنا كهوليوود الشرق، فنحن الآن نرى صعود السعودية فى هذا المضمار، فهى تنظم المهرجانات الفنية بل وتنتج الأعمال الفنية التى تُصور هناك فى السعودية، والمثير هنا أن كل هذا يعتمد على الاستعانة بالفنانين المصريين إلى جانب الفنانين السعوديين، لكن كثيرًا من الفنانين المصريين باتوا يُمضون وقتًا أطول فى السعودية عما يُمضونه فى مصر نفسها، لدرجة أن هناك تخوفًا من أن تنتهى الأمور بأن يقيموا نهائيًا، حيث منحت السعودية العديد من الفنانين إقامات بالسعودية لتواجدهم الطويل بها.. وتحاول الإمارات منافسة السعودية فى هذا المجال، حيث أعطت إقامات ذهبية لمعظم نجوم الوسط الفنى، سواء كانوا ممثلين أو منتجين أو مخرجين، وقدمت لهم مزايا خاصة فى الإقامة والعمل والاستثمار، فهل تصمد القاهرة فى وجه كل من السعودية والإمارات؟ وهكذا ارتبط الكثيرون بالعمل مع السعودية بصفتها سوقًا فنية صاعدة، وارتبط العديد من الفنانين بأعمال مع «شاهد» أو مسرحيات فى موسم الرياض.. بل إن الرياض باتت ملتقى نجوم العالم، فهل هذا مقدمة لسحب البساط من مصر لصالح السعودية؟ بل إن المنصات السعودية، مثل منصة «شاهد»، باتت بانفتاحها الرقابى النسبى أهم المنصات التى توجد على الساحة بما تنتجه من مسلسلات وأعمال فنية، وليست «شاهد» وحدها بل إن قنوات «إم بى سى» تتفوق على كل القنوات، بالذات القنوات المصرية.
والسؤال الآن: ما هو الحال فى القاهرة؟ فى البداية كانت الشركة المتحدة ترفض تعاون نجومها مع «شاهد» أو «إم بى سى» لكن تدريجيًا فقدت الشركة المتحدة السيطرة لأنها لم تعد قادرة على أن تمنح فرص العمل لكل هؤلاء الممثلين، فهى لا تنتج أكثر من خمسة عشر مسلسلًا فى العام، ولذلك وجَّه كل الفنانين المصريين بوصلتهم نحو السعودية، حيث فرص العمل باتت أكثر كثيرًا من القاهرة.. باتت السعودية هى المركز، حيث قدمت السعودية أكثر من سبعة آلاف وخمسمائة فعالية ترفيهية ما بين حفلات غنائية وفعاليات رياضية، حصلت السعودية فى مقابلها على دخل ستة مليارات ريال.. كل هذا فى الوقت الذى يعانى فيه الفنانون المصريون من الركود فى الأعمال المصرية بسبب احتكار صناعة الدراما وتراجع إنتاج المسلسلات والأفلام، وقلة الحفلات الغنائية وصعوبة تنظيمها بسبب تحكم نقابة الموسيقيين فى التراخيص والإجراءات، والمثال على ذلك أن مطربى المهرجانات قدموا حفلاتهم فى الرياض بعد أن مُنعوا من الغناء فى مصر.
ما الذى ننتظره إذن؟ هل نُصر على الطريقة التى ندير بها الفن فى مصر الآن، أم نعيد النظر فى هذه الطريقة ونعيد فتح المجال للإنتاج ليعود للفن المصرى دوره ومكانته، ونحافظ لمصر على مكانتها التاريخية؟