بقلم : كريمة كمال
أمرت النيابة العامة بدمياط بحبس «سامى دياب»، معلم لغة عربية بمدرسة الشهيد جمال صابر الإعدادية المشتركة بدمياط- أربعة أيام على ذمة بلاغات متواصلة ضده بتهمة التنمر بـ«بسملة عبدالحميد». يذكر أن مباحث قسم شرطة ثان دمياط استدعت المعلم، وتم التحفظ عليه وإحالته إلى نيابة بندر دمياط، حيث خضع للتحقيقات التى استمرت خمس ساعات متواصلة.
وعلى صعيد آخر، انفجرت أزمة فستان الفنانة رانيا يوسف على مواقع التواصل الاجتماعى والعديد من الصحف والمواقع، وبسرعة لافتة للنظر تصاعدت الأزمة من مجرد «هرى» على السوشيال ميديا إلى بلاغات مقدمة ضد الفنانة من عدد من المحامين مطالبين بمحاكمتها، متهمين إياها بالفعل العلنى الفاضح والتحريض على الفسق والفجور وإغواء القصر بل طالبت بعض البلاغات بمنعها من السفر، ثم تصاعد الموقف بسرعة أكبر لتحدد محكمة جنح الأزبكية جلسة الثانى عشر من يناير القادم لنظر جنحة مباشرة ضد الفنانة.. وفى هذا السياق ترددت مناقشة البرلمان أزمة فستان «رانيا» فهل كل ما جرى على هامش قصة الفستان طبيعى أو منطقى أو مطلوب؟
رد الفعل هو شىء متوقع بل مفهوم فأن يتم التعليق على مواقع التواصل الاجتماعى على فستان رانيا وأن يتم الهجوم أو حتى الدفاع عنه- شىء ليس فقط متوقعا ومفهوما بل طبيعيا أيضا، ونفس الحال بالنسبة لموضوع تنمر الأستاذ بالتلميذة فهو يحتمل الرفض بل الإدانة والهجوم على المدرس وأدائه، لكن ما ليس مفهوما أو طبيعيا بأى حال من الأحوال هو أن يتم التصعيد من مجرد رد فعل يحمل رأيا أو رفضا إلى إجراءات قانونية فعالة وحاسمة.. التصعيد من مجرد رأى على السوشيال ميديا إلى تحرك جهات رسمية ليس فقط جهات رسمية عادية بل سلطات الدولة نفسها.. هنا يوجد خلط بين ما هو أخلاقى وما هو قانونى وهذا الخلط يتم من الدولة نفسها وسلطاتها التشريعية عندما يتدخل البرلمان ليناقش والقضائية عندما يتم تحويل المدرس إلى النيابة ليواجه التحقيقات أو يتم تحديد جلسة لمحاكمة «رانيا يوسف».
هنا سلطات الدولة تتدخل فيما هو بالضرورة أخلاقى أى نسبى خاضع للمناقشة والرفض لكنه ليس بحال من الأحوال خاضعا لتحرك سلطات الدولة، فالدولة لا تملك عصا أخلاقية تربى بها الناس، فالمساس بالأخلاق يستدعى الرفض، أى يستدعى موقفا من المجتمع وليس من الدولة، وتصرف المدرس مرفوض من المجتمع لأنه يتضمن تجاوزا أخلاقيا، وبالتالى الرد عليه يكون من المجتمع بإعلان رأيه فيما ارتكبه المدرس، والرفض المجتمعى هو العقوبة التى توقع على المدرس، أما الزج بالنيابة فى الموضوع فهو تصعيد مبالغ فيه وغير منطقى، فليس هذا هو دور النيابة وإلا لتدخلت فى مئات الحالات الشبيهة يوميا.
أيضا إدانة «رانيا يوسف» تتم على يد المجتمع.. موقف المجتمع ورأيه هو العقاب الحقيقى، أما تصعيد الأمور لتدخل النيابة والقضاء فهو تصعيد مبالغ فيه، فمثل هذه الحالات لا تستدعى تدخل الدولة ممثلة فى النيابة والقضاء، أى السلطة القضائية. من هنا نحن أمام تصعيد مخلّ، فسلطات الدولة ليست معنية بالتجاوزات الأخلاقية والسلطة القضائية تتدخل فيما هو جنائى فقط وليس ما هو أخلاقى.
هذا الخلط ما بين الأخلاقى والقانونى وحشر سلطات الدولة فى وقائع أخلاقية- فقد لبوصلة الدولة ودورها، وإذا ما ترسخ ذلك فسوف تتدخل الدولة فى عملية تربية المجتمع وفرض القواعد الأخلاقية عليه باستخدام القواعد القانونية والآليات القانونية. ودعونا نتصور أن تتدخل الدولة فى خطأ مدرس فيكون المتوقع أن تتدخل فى مئات الأخطاء أو أن تتدخل فى ارتداء فستان كاشف فيكون عليها أن تفتش فى كل الفساتين، ثم تقرر ما هو لائق وما هو غير لائق.. الدولة هنا تصبح امتدادا لرد الفعل، وهو ما يجب أن يكون مرفوضا.
نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع