بقلم : كريمة كمال
مواقع التواصل الاجتماعى هى بحق صورة للمجتمع تعكس التفاعلات والانحيازات كما تعكس أيضا الصراعات ولاحظت أخيرا أنه قد سرت على مواقع التواصل الاجتماعى موجة من «الردح» الطبقى فمن ناحية كان هناك «ردح» ضد الطبقة الدنيا أو الفقيرة واتهامها بالكثير من الاتهامات من قبيل أنهم مش بتوع شغل وبيضربوا برشام ويتعاطوا حشيش وقاعدين على القهاوى ليل ونهار وبيخلفوا عيال، بل وصل الأمر إلى القول بأن الشعب أكل فسيخ بكام وأكل كحك بكام بل ووصل التمادى إلى حد المعايرة بأنهم لديهم باقة نت..
على الناحية الأخرى وصلات ردح فى الاتجاه المعاكس ضد الطبقة الوسطى من قبيل «ماتبيعوا العربيات والشقق اللى اشترتوها وتعيشوا على قدكم وتودوا عيالكم مدارس غالية ليه، ولزومه إيه مدارس السباحة ودروس الرياضة والنوادى لولادكم عيشوا عيشة أهلكم ولزومه إيه المصيف كل سنة»، وهكذا باتت وصلات الردح فى كل الاتجاهات ويبقى السؤال من وراء هذه الوصلات ولماذا؟ هل باتت الطبقات الاجتماعية تناصب بعضها البعض العداء أم أن وراء هذه الحملات اللجان الإلكترونية التى تسعى للحد من تأثير أى شكوى أو غضب من الناس أم أن الأمر خليط من هذا وذاك وتصبح هنا اللجان الإلكترونية سببا فى إذكاء روح الصراع الطبقى فى المجتمع المصرى، حيث إنها تلعب على نغمة التناقض الطبقى أو تزيد من حدتها بشكل ملحوظ، خاصة أن كل طبقة تنظر إلى الطبقة الأخرى بعداء ومن هنا يزداد هذا الصراع بين الطبقات حدة وسخونة فالغاضب لا يجد من يوجه له غضبه سوى الآخر، ولكن هذا لا يلغى أن بذرة هذا الصراع قد وجدت من قبل ورويت من قبل ولعلنا نتذكر ما كشفت عنه العديد من «بوستات» التشفى عندما غرق التجمع الخامس من صراع طبقى موجود بل ومتنامٍ.
فى مقابل وصلات الردح الطبقى كانت هناك وصلات من نوع آخر هى وصلات الدفاع عن الطبقة، كل طبقة تدافع عن نفسها فالطبقة الدنيا تكتب لتدافع عن تشويهها من أنها لا تعمل بالتدليل عن آلاف الشباب الذين يعملون ليل نهار بقروش قليلة وتدافع عن استهدافها لأنها أكلت أكلة فسيخ أو كحك مرة فى السنة وأن باقة النت التى يتحدثون عنها ثمنها ثلاثون جنيها فقط، بينما على الناحية الأخرى أبناء الطبقة الوسطى يؤكدون على أنهم الطبقة التى لا تستفيد من الدولة فى شىء لكنها تدفع ضرائب، مؤكدين أنهم الطبقة التى تعول نفسها وأبناءها من الألف للياء من سياراتهم بجماركها العالية وضرائبها المتصاعدة إلى تعليم أبنائهم فى مدارس بمصروفات ويعالجون خارج مستشفيات الدولة فى مستشفيات خاصة بمقابل كبير ويسكنون فى شقق خارج إطار مساكن الدولة ويدفعون فيها الكثير، كما أنهم يدفعون ضرائب على الدخل إلى جانب ضرائب القيمة المضافة على كل مشترياتهم واحتياجاتهم من السلع والخدمات.. كل طبقة تتحصن للدفاع عن نفسها فى مواجهة الطبقة الأخرى والكل يشعر أنه ضحية ما يجرى.. مجتمع يمسك بتلابيب بعضه البعض فى صراع يزداد حدة مع ازدياد حدة الظرف الاجتماعى.. هناك محنة حقيقية يمر بها المجتمع المصرى لكن إلى ماذا تفضى هذه المحنة فى ظل هذا التنازع الطبقى.. هذا مجتمع لا يتعاطف مع بعضه البعض بل يصارع بعضه البعض وهناك للأسف من يزيد نيران الصراع اشتعالا متصورا أنه يتصدى للغضب والسؤال الحتمى هنا إلى ماذا يفضى هذا الصراع الطبقى وماذا هو فاعل بتركيبة هذا المجتمع وقدرته على التعايش.
نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع