من المؤكد أننا نتذكر تصريحات وزيرة الصحة، عند بداية توليها وحديثها عن ترديد النشيد الوطنى فى المستشفيات، وما أثاره من دهشة وتعجب!
ولم يتوقف المسؤولون والوزراء المصريون عن إدهاشنا بتصريحات عجيبة غريبة، لا يمكن لعقل أن يصدقها!
ومؤخرًا، خرج علينا مسؤول فى مصلحة السجون، يصرح بأن المساجين يحصلون على رواتب شهرية تصل إلى 6 آلاف جنيه، وأكد أن المساجين يأكلون البط والحمام!
ولا يدرى أحد كيف تصور المسؤول أن هناك من يمكن أن يصدقه فيما قال، خاصة أن هناك مسؤولًا سابقًا فى السجون خرج ليكذب هذا الكلام، ويقول إنه لا توجد مرتبات فى السجون، ناهيك من أن تصل إلى 6 آلاف جنيه، كما أكد أنه لا يوجد لا بط ولا حمام.
وبصرف النظر عن هذا التكذيب، كيف تصور المسؤول الحالى أن هناك من يمكن أن يصدقه؟.. المبالغة إلى هذا الحد! هل يتصور أحد أن هناك من يمكن أن يصدقها؟!
والأمر لم يتوقف عند هذه التصريحات المبالغ فيها؛ فالسيد وزير التعليم العالى والبحث العلمى الدكتور خالد عبدالغفار قال إن مصر تفوقت على الصين والهند وهولندا فى البحث العلمى، خلال عام 2018، مؤكدا أن مصر احتلت المرتبة الثانية بعد باكستان فى قائمة البحث العلمى والأوراق العلمية المنشورة التى نشرتها مجلة «نيتشر» الأمريكية.
والواقع أن من يراجع التقرير يجد مصر تأتى فى المرتبة الثانية، بعد باكستان فى تسجيلها تقدمًا عما كانت عليه من قبل، وليس تقدمًا على البلاد الأخرى أى أن السيد الوزير يخلط فى حقيقة ما جاء فى التقرير.
ويبدو أن السيد الوزير قد قرر أن يعتمد المبالغة منهاجًا لتصريحاته إلى الحد الذى دفعه للتصريح بأن كلية الصيدلة بجامعة القاهرة أفضل من السوربون ومساوية لنيويورك وجنيف.
والواقع أن هذا التصريح أثار ضجة شديدة وسخرية أشد؛ حيث إن جامعة السوربون من المعروف أنها لا تضم كليات علمية؛ لذا فليس بها كلية صيدلة أو هندسة، ولا يدرى أحد كيف بالغ السيد الوزير فى تصريحاته إلى هذا الحد الذى لا يمكن قبوله، بل يثير السخرية أيضًا.
لماذا يبالغ المسؤولون والوزراء إلى هذا الحد؟!
هل لأنهم يتصورون أن كلامهم مصدق مهما قالوا؟!
هل لأنهم يتخيلون أنه لا أحد يمكن أن يراجع تصريحاتهم هذه، مهما كانت حجم المبالغة فيها وحجم عدم الدقة؟
ألا يشكل ذلك نوعًا من إهانة الناس، بتصور تقبلهم لكلام لا منطق له، ولا دقة يستند إليها؟!
فمثل هذه المبالغات تصور الناس كأنهم أغبياء، يتقبلون ما يقال لهم بصرف النظر عن عدم مصداقيته وحجم المغالاة فيه.
فمسؤول السجون لم يجد أى غضاضة فى أن يدعى أن المسجونين يحصلون على رواتب تصل إلى 6 آلاف جنيه، ويأكلون الحمام والبط، رغم أن الحال فى السجون المصرية معروف تمامًا، ولا يمكن تصور صحة مثل هذا الكلام، ليس فى السجون المصرية، ولكن حتى فى أرقى السجون فى العالم!
لذا، فلم يكن هناك من رد فعل سوى السخرية والتندر حول ما قاله، ولا يمكن أن نقول لماذا يكذب، فهذا حتى ليس كذبًا،بل هو مبالغة تصل إلى حد قول اللامعقول.
أما السيد وزير التعليم العالى والبحث العلمى، فقد أراد أن يقول إنه قد نفذ توجيهات السيد الرئيس بالاهتمام بالبحث العلمى، وهذا ما نتج عنه.
نعم، يقول التقرير إن هناك تقدمًا فى عدد الأوراق البحثية المنشورة من مصر، لكنه لا يقول بتفوقها على الدول المتقدمة.
فلماذا هذا التزييف الذى لا يمكن تصديقه؟
ولماذا هذه المغالاة المفضوحة؟!
نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع