توقيت القاهرة المحلي 22:20:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

فرحت فقامت الدنيا

  مصر اليوم -

فرحت فقامت الدنيا

بقلم - كريمة كمال

رقصت فتاة نوبية جميلة يوم تخرجها على أنغام أغنية نوبى جميلة، فقامت الدنيا ولم تقعد، وكأنها ارتكبت كبيرة الكبائر، خرجت الفتاة بعد هذه الضجة لتقول إنها أرادت أن تنشر ثقافة الجنوب وكأن عليها أن تجد مبررًا لما فعلت. والحقيقة أن النوبيين هم الفصيل الوحيد من المصريين الذين مازالوا يرقصون فى كل مناسباتهم الاجتماعية، سواء كانوا رجالا أو نساء، أما باقى المصريين فالوضع يتوقف على الطبقة الاجتماعية.

فالأغنياء لهم مطلق الحرية فى الرقص والاستمتاع، بل الفقراء أيضا، أما الطبقة المتوسطة فهى التى تدور حول نفسها، لا تعرف الاستمتاع، خاصة إذا ما كانت امرأة، فهى مدانة وملاحقة بالعيب والخروج عن الدين والتقاليد. وأعتقد أننا مازلنا نتذكر صاحبة الفستان الأزرق التى رقصت فى حفل زفاف صديقتها فلاحقتها السوشيال ميديا، حتى إنها باتت لا تستطيع الخروج من منزلها للذهاب إلى الامتحانات.

فى الماضى، كان أى شىء يحدث تحده المساحة التى يحدث فيها.. فإن كان حفل زفاف، يقتصر الأمر على القاعة ومن فيها.. وإن كان حفل تخرج، فلا يخرج الأمر من القاعة التى يجرى فيها الاحتفال.. أما الآن، فما يحدث يتم التقاطه فى فيديو ويتم تشييره على مواقع التواصل الاجتماعى مصحوبًا بالرأى المطلوب نشره، وهو فى واقعة الفتاة النوبية الإدانة.. فكيف ترقص؟.

هناك رغبة فى ملاحقة المرأة والحد من حريتها وإدانة أى تصرف لها، ولمَ لا؟ بل إن البعض دخل ليعلق بأن هذه الفتاة لا يمكن أن تكون أسوانية و«أسوان براء منها ومن أمثالها.. دى استحالة تكون متربية فى أسوان».. كل ذلك من أجل لحظة بهجة طبيعية جدا فى أى مجتمع سليم، لكن هذا مجتمع تتم ملاحقته دوما بالأفكار السلفية والأفكار المنغلقة التى تسعى لتكبيل المرأة بالذات، فهذا مجتمع يراقب المرأة بشكل خاص ويتدخل فى كل حركة من حركاتها، بل أيضا ماذا تفعل، والأهم من كل هذا ماذا ترتدى.

خرج الشيخ رمضان عبدالرازق، وهو شيخ أزهرى ليقول لنا: «الراجل اللى ميعلقش على لبس مراته ومكياجها، عنده أزمة فى رجولته»، فإذا كان هذا هو ما يتم تصديره للمجتمع من أفكار دينية، فماذا نتوقع بعد ذلك من هذا المجتمع؟!.

إن المجتمع الذى تعمل فيه المرأة فى كل المجالات، بل المجتمع الذى تعول فيه المرأة أسرتها، سواء مع زوجها، أو كثيرا بمفردها فى وسط أزمة اقتصادية طاحنة تستدعى منها أن تعمل ليل نهار، هذه المرأة مسؤولية ملابسها ليست فى يدها هى، بل فى يد زوجها، وكأنها قاصر لا حول لها ولا قوة.. هذا مجتمع تدور فيه عجلة التطور الاجتماعى بسرعة، لكن فى نفس الوقت تتحكم فيه أفكار متزمتة قديمة تعامل المرأة كتابعة للرجل، أو أنه مسؤول عنها وعن ملابسها ومكياجها وإلا فقد رجولته.

لم ترتكب الفتاة النوبية أى كبيرة، بل تصرفت بعفوية جميلة ومحببة، وتعبير الإنسان عن نفسه فى لحظة فرحه تعبير إنسانى جميل، لكننا مجتمع تتصارع فيه السلوكيات الإنسانية الطبيعية مع التقاليد المتزمتة والنظرة السلفية للأمور، والتى يريدون لها أن تسود فى المجتمع، وتقع الطبقة المتوسطة فى قلب هذا الصراع؛ لهذا تمزقها الأفكار والانتماءات ما بين التصرف بحرية ومواكبة التطور الاجتماعى والتعبير عن النفس بحرية وإنسانية وعفوية، وبين الانغلاق فى قواعد وتقاليد قديمة، وبين ما يتم ترويجه على أنه اتباع للدين، سواء كان الدين الإسلامى أو المسيحى.

هناك صراع حقيقى يدور داخل المجتمع.. وتذكروا قصة نيرة أشرف، وكيف تعاطى معها المجتمع.. هذا الصراع فى القلب منه الأجيال الجديدة بالذات التى لا تجد من ينير لها الطريق بثقافة غنية وحية ومتطورة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فرحت فقامت الدنيا فرحت فقامت الدنيا



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع

GMT 01:22 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

العسيلي والليثي يطرحان أغنيتهما الجديدة "خاينة"

GMT 19:11 2015 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مركز "محمود مختار" يستضيف معرض الفنان وليد ياسين

GMT 03:33 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

دار VIDA للمجوهرات تطرح مجموعة جديدة لامرأة الأحلام
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon