بقلم : كريمة كمال
قاطع الرئيس عبدالفتاح السيسى اللواء خالد عبدالعال، محافظ القاهرة، أثناء تحدثه خلال افتتاح عدة مشاريع فى الجبل الأصفر وباغته بعدة أسئلة حول: هل ستغطى المرحلة الثانية من مشروع تطوير المناطق العشوائية فى الأسمرات الوحدات السكنية الست والأربعين ألفا المتفق عليها؟ وما ميزانية صندوق العشوائيات فى المحافظة؟ وكم يبلغ دخل المحافظة؟ وكم عدد مشروعات الكبارى التى تم تنفيذها فى السنوات الأربع الماضية؟ ولم يستطع المحافظ الإجابة عن هذه الأسئلة مما وضعه فى موضع حرج للغاية، وكان طبيعيا أن يدور الحديث فى الجلسات وعلى مواقع التواصل حول هذا الحدث وينتهى كأى حدث يثير جلبة لفترة ثم ينتهى إما أن نفاجأ بخبر يقول إن محامياً شهيراً تقدم ببلاغ عاجل للنائب العام ضد محافظ القاهرة للإهمال فى مهام وظيفته موضحا أن جهل السيد المحافظ أمام الرئيس فإن ذلك يشكل أركان جريمة الإهمال فى تأدية المبلغ ضده لعمله المعاقب عليها بقانون العقوبات وبذلك لا يسع المبلغ إلا التقدم بهذا البلاغ ملتمسا التحقيق فيه، وفى حالة ثبوت التهمة تتم إحالة المبلغ ضده اللواء خالد عبدالعال، محافظ القاهرة، للمحاكمة العاجلة.
هل منطقى بل هل هو واقعى ألا تخرج الأمور من دائرة المنطق لدائرة اللامعقول؟ أليس فى هذا استخدام مغلوط للقانون يصل بالأمور إلى حد العبث؟ قانون العقوبات يحاسب على الإهمال فى الوظيفة الذى ينتج عنه جريمة، كأن يهمل طبيب مثلا فيموت المريض أو يهمل مهندس معمارى فيسقط البناء الذى أشرف على بنائه على رؤوس سكانه أو يخطئ سائق القطار فيصطدم بقطار آخر ويروح ضحية الحادث عدد من المواطنين. أما أن يفشل المحافظ فى الإجابة عن عدة أسئلة فحتى لو عكس ذلك عدم إلمامه الكامل بالأرقام فإنه لا يشكل جريمة الإهمال التى ينص عليها القانون! من هنا فإن مثل هذا الاستخدام لقانون العقوبات يخرج به عن الهدف منه ويشكل محاولة للىّ القانون لكى يتم استخدامه فى حالة مختلفة تماما.
مجرد واقعة عادية تدفع إلى تقديم بلاغ للنائب العام!.. مجرد فشل لمحافظ فى أن يجيب أسئلة للرئيس فى مؤتمر ما مما يشكل امتهانا لمنصب النائب العام الذى له مكانة كمحامٍ للشعب والذى يجب أن يتدخل فى الحالات التى تشكل خروجا كبيرا على القانون... إن تدخل النائب العام فى أى حالة أو واقعة يجب أن يشكل تصعيدا مطلوبا ومنطقيا لحالة ارتكاب جرم ما. فهل يرى سيادة المحامى أن فى فشل المحافظ فى إجابة أسئلة الرئيس ارتكابا لجرم ما؟ كيف صعّد المحامى موقفا محرجا ليحوله بقدرة قادر إلى جرم يستتبع إبلاغ النائب العام عنه للتحقيق تمهيدا فى حالة ثبوت التهمة لإحالة المبلغ ضده للمحاكمة العاجلة؟.. محاكمة عاجلة لموظف كبير فشل فى الاجابة عن بضعة أسئلة!.
هذه ببساطة مزايدة بل مزايدة مبالغ فيها بشكل كبير تصل بالأمور إلى حد العبث، وقد يتوقف العبث عند حد أن يصرح أحدهم تصريحا ما ليعلن موقفه من فشل المحافظ فى الاجابة عن الأسئلة. أما أن يصل العبث إلى حد البلاغ للنائب العام ضد المحافظ فهذا عبث لا حدود له يخرج الأمور من منطقة العقل إلى منطقة الجنون، ويخرج الأمور من منطقة الجد إلى منطقة الهزل.
الأمر يكاد يكون نكتة لكنها للأسف لا تضحك بل تكاد تُبكى لحالنا الذى وصلنا إليه، فالمحامى صاحب البلاغات اليومية لم يتوقف عند تقديم البلاغات ضد المعارضين فقط بل تطور الأمر ليتقدم ببلاغ ضد من تسول له نفسه ألا يجاوب الرئيس.
نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع