بقلم : سحر الجعارة
بحسب تصريحات الرئيس «عبدالفتاح السيسى»، فإن مصر تحتضن 5 ملايين لاجئ: «فمصر قدمت رغم ظروفها الاقتصادية الصعبة كل ما تستطيع لاستضافة أشقائنا من سوريا والعراق واليمن وليبيا والسودان وجنوب السودان وإثيوبيا وإريتريا».. هؤلاء اللاجئون كما وصفهم الرئيس «من أهالينا» يعيشون فى مصر بكل الحب.. و«الفرق الوحيد بين مصر وأى دولة أخرى هو عدم وجود معسكرات لهم، لأنهم يعيشون مع أشقائهم المصريين ويعملون بالصناعة والتجارة كأى مصرى، لكن هذا يمثل أعباءً على اقتصاد الوطن».
منهم من جاء من «سوريا» وعمل بجد واجتهاد ونجح لدرجة غزو البلاد بالحلويات والمطاعم السورية ومصانع «اللانجيرى».. ومنهم الأفارقة الذين يعملون بالمنازل برواتب خيالية، (وهؤلاء لا يدفعون ضرائب ولا يقدمون شيئاً للبلد)، ومنهم من جاء من العراق أو ليبيا فتملكوا شققاً بمدينة 6 أكتوبر تحديداً وعاشوا بمصر.
لم يسأل أحد هؤلاء عن أوراق «الإقامة الشرعية».. ولا حاربناهم فى أرزاقهم.. بل تعاملنا معهم باعتبارهم جزءاً منا تعرض للحرب أو المجاعة واضطر للنزوح الجماعى تاركاً خلفه وطناً «آيلاً للسقوط»!. وفى المقابل ليس لدينا إحصاءات دقيقة عن عدد المصريين الذين ذهبوا إلى أمريكا أو كندا ودول أوروبا.. بحثاً عن «الجنسية» أياً ما كان الثمن، ووضعوا مدخراتهم فى شراء المنازل هناك، وألحقوا أولادهم بالدراسة ضماناً للحصول على جنسية أوروبية أو أمريكية!.
كل ما نعرفه هو ظاهرة ذهاب الفنانات للولادة بأمريكا للحصول على جنسيتها، وطوابير من تقدموا إلى السفارات الأجنبية، (خلال فترة حكم الإخوان)، طلباً للجوء بسبب «الاضطهاد الدينى».. وظاهرة أعضاء مجلس الشعب (فى عهد مبارك)، من مزدوجى الجنسية.. ونعرف أيضاً أن بلاداً كثيرة تشترط على المصرى التنازل عن «الجنسية الأم» ليقسم على الولاء للعلم الأمريكى.. أو حتى لإحدى البلدان العربية!!، نعرف أيضاً أن «الزوجة الأجنبية» تكتسب الجنسية المصرية بعد ثلاث سنوات من زواجها بمصرى.. فلماذا تصرخون جميعاً ضد قانون يضع ضوابط محددة لمنح الأجانب المقيمين فى البلاد الجنسية المصرية.. مقابل وديعة مالية قدرها الأدنى 7 ملايين جنيه.. بينما نحن نمنحها مجاناً أو يتنازل بعضنا عنها بإرادته؟!.
لقد منح المعزول «محمد مرسى» الجنسية المصرية «مجاناً» لنحو 10 آلاف فلسطينى من حركة «حماس» وغيرها من التنظيمات الإرهابية، وتزوجوا من أهالينا فى «رفح والعريش»، واستوطنوا «سيناء» بكل ما لديهم من أفكار تكفيرية أو أسلحة، وتجارة رابحة «عبر الأنفاق».. وولاء مطلق لدولة أخرى، (رغم أننا نعتبر الفلسطينيين أشقاءنا)، وهؤلاء ذابوا فى منازل المصريين ولا نعرف من منهم ضالعاً فى العمليات الإرهابية التى تدور هناك.. ومن منهم بريئاً؟.
الجنسية المصرية «لا تباع ولا تشترى».. لكن منح الجنسية فى كل بلاد العالم له شروط، (بعضها مادى بتملك المنازل)، ومن غير المقبول أن يكون لدينا «أثرياء» ينعمون بحضن مصر ويتقاسمون مع فقرائها «الدعم» ونصمت.. لأنه من «العار» أن نتخذ إجراءات حاسمة أو نصدر قوانين منظمة.. أو نحدد قيمة وديعة بالملايين للحصول على الجنسية.. رغم أن كثيراً من البلدان المتقدمة تفعل ذلك!، لقد اشترط القانون على هؤلاء الإقامة فى مصر لمدة لا تقل عن خمس سنوات متتالية، مما يشكل نوعاً من الوفاء والانتماء إلى الدولة المصرية.. وتقنين المعيشة فى مصر «بأوراق رسمية» هو دفاع عن «الأمن القومى» وليس العكس.. وإيداع مبلغ معين كوديعة بالبنوك ليس فقط دعماً للاقتصاد المنهك ولا للاستثمار.. بل إنه نظام موازٍ لشرط تملك الأصول الثابتة المعمول به فى دول أخرى.
ثم اسأل أى مصرى كم يتكبد من أسعار تذاكر وإقامة لعدة أسابيع فى أمريكا لمجرد الحصول على «الجرين كارد»؟.. وكم يدفع كل أب من «عملة صعبة» لتعليم الأبناء فى الخارج؟!.
إن كنت تتصور أن يأتيك فرنسى أو إنجليزى أو حتى خليجى طالباً جنسيتك فأنت واهم.. لقد أصبحت مصر طاردة لبعض مواطنيها بفعل البيروقراطية والفساد والبطالة والفقر والمناخ السلفى المعادى للأقليات والمناهض للنساء.
لكن هذا القانون كان يجب أن يشترط عدم منح الجنسية للإسرائيليين وعرب فلسطين.. حرصاً على عدم نشر «الجواسيس» بيننا، وتطبيقاً لقرار «جامعة الدول العربية» التى تشترط عدم منح المولود من «أم فلسطينية» الجنسية المصرية أو العربية حرصاً على الهوية الفلسطينية من «التصفية العرقية».. وهو ما أحسبه فى يد وزير الداخلية المنوط به تنفيذ القانون.
تذكر جيداً فيلم «عسل اسود».. وتغنَّ مثل البطل: «فيها حاجة حلوة».. ودع المقبل للحصول على الجنسية يتذوق معنا مرارة العسل الذى نتجرعه يومياً!.
نقلا عن الوطن
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع