بقلم : سحر الجعارة
لا يمكن لأحد أن يشكك فى وطنية الكاتب الكبير «وحيد حامد»، ولا فى حربه الموصولة دائماً على الفساد، من خلال أفلامه وكتاباته، ولا تتصور أى «نفس مريضة» أن «حامد» ساعٍ للشهرة أو مغرض، لأن تاريخه الملىء بالنجاحات يشهد له، وهو رغم مرضه الشديد استطاع أن يخوض معركة شرسة (وفقاً لقناعاته والمستندات المتوافرة تحت يده)، فالاتهام بالفساد من «رجل عُقر» فى حكمة «وحيد حامد» لا يمكن أن يُلقى جزافاً، ولا يُبنى على تفسيرات شخصية!
لقد بدأ «حامد» حملته ضد مليارات الإعلانات من رمضان العام الماضى بمقال كان عنوانه «تبرعوا لإهانة مصر».. ثم كتب مجدداً مع حملة الاستفزاز الإعلانية لجمع التبرعات، التى تبلغ أربعة مليارات جنيه.. ومن هنا بدأت حملته ضد ما يحدث داخل مستشفى سرطان الأطفال «57357». فقال «حامد» إن إدارة هذا المستشفى تهيمن عليها عائلة واحدة هى عائلة الدكتور «شريف أبوالنجا» الذى يقبض بيده على جميع السلطات، ويشغل عدة مناصب، فهو المدير العام وعضو مجلس إدارة المجموعة، ومناصب أخرى.. ثم الأستاذ «محمود التهامى» الذى يشغل منصب المدير التنفيذى للمؤسسة، وهو زوج أخت الدكتور «أبوالنجا»، وهو أيضاً عضو مجلس الأمناء ومناصب أخرى.. وفنّد أدوار وأسماء باقى ما سماه «الأسرة الحاكمة» للمستشفى، والتى أسست جمعية أمريكا للمستشفى بهدف جمع التبرعات من أمريكا بالدولار، (وإذا بهذه الجمعية تلعب دوراً غامضاً ولا أحد يعرف هل تأتى بدولارات أم الدولارات هى التى تسافر إليها) كما قال!. ثم كتب «حامد» أن الدكتور «أبوالنجا» ومن معه يحتمون وراء شبكة قوية من كبار وصغار الصحفيين والمسئولين أيضاً، وأن «أبوالنجا» يعلنها أحياناً صراحة وأحياناً تلميحاً بأن «الصدام مع المستشفى هو صدام مع الدولة، وأنا شخصياً لا أخشى الصدام مع الدولة فى حالات الكشف عن فساد أو إهمال، ثم أنا على يقين أن هذا المستشفى ليس هو الدولة». ورغم التهديدات التى وردت إلى الكاتب الكبير، والبلاغات المتعددة التى قُدمت ضده إلى النائب العام، وحملة التشويه الممنهجة على مواقع «التواصل الاجتماعى»، وبيان هزيل من المستشفى لم يتوقف «حامد» عن حملته، لأن «عش الدبابير» -كما سماه- ليس جديداً عليه، منذ بدأ حربه على الإرهاب والفساد. أكد «وحيد حامد»، فى سلسلة مقالاته، بعض المعلومات الموثقة، منها أن «عدد أسرّة المستشفى نحو مائتى سرير فى القاهرة وطنطا، ويستقبل كل عام ألف مريض لا أكثر، ونسبة الوفيات ٢٥٪، بينما الإعلانات تقول إن نسبة الشفاء مائة فى المائة.. أما إجمالى التبرعات فنحو مليار جنيه سنوياً.. ما ينفق منها على علاج الأطفال بين ١٦٠ مليون جنيه و٢٠٠ مليون جنيه.. والرواتب عام ٢٠١٥ بلغت ٢١٠ ملايين جنيه».
وطالب «وحيد حامد» المستشفى المحاط بالسرية والكتمان كأنه مؤسسة عسكرية، بحسب وصفه، أن يكشف أوراقه ويعلن عن ميزانيته، فهو بعيد عن الحصانة من أى نوع، ويخضع للمحاسبة، فإذا بمن يطالب بالشفافية وقتل الفساد إن وُجد يتلقى عدة مكالمات تطالبه بالتوقف عن النشر.. وفوجئ «حامد» بحملة مسعورة، وبعضها مأجور، تكيل له الشتائم والاتهامات.. لكن المقالات التى أعادت للصحافة دورها فى الرقابة الشعبية قد تحولت إلى «قضية رأى عام»، وصرخة لا يمكن إخراسها.. أما الكاتب فلا سنّه ولا تاريخه ولا رهان البسطاء عليه وتضامن الشرفاء معه يسمح له بالتراجع!.
«وحيد حامد» قدم للرأى العام قضايا محددة وموثقة، وبند واحد مما طرحه يستوجب المساءلة، منها استغلال الأطفال المرضى وتصويرهم فى الإعلانات، وهو ضد «حقوق الطفل»، مروراً بمصاريف الإعلانات، والصرف على مسلسل فاشل، والرواتب الخيالية للعاملين فى المستشفى، وتعيين الأقارب والمحاسيب، وصولاً إلى قوله إن المستشفى يسعى لتهجير السكان فى المناطق المتاخمة له.. وكلها أمور تستوجب تحرك الأجهزة الرقابية لبيان صحتها من عدمه.
لقد تقدم النائب «أسامة شرشر» ببيان عاجل إلى الحكومة بشأن ما سماه «انتشار الفساد والمحسوبية فى مستشفى 57357»، لكننى لست متفائلة.. فكما قال «وحيد حامد»: «عندما يتوحش الفساد فإنه إذا قال فعل، وإذا وعد نفذ، وهو يأمرنا جميعاً بالسمع والطاعة لأنه قادر على قهر كل من يتصدى له»!.
نقلا عن الوطن
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع