بقلم : سحر الجعارة
فجأة تضاعف سعر بخاخة حساسية الصدر spiriva من 288 جنيهاً إلى 416 جنيهاً، دون أن نسمع عن مفاوضات بين وزيرة الصحة والسكان، الدكتورة هالة زايد، وبين الشركة المستوردة، ولم نقرأ قراراً وزارياً برفع السعر.. فهل كانت الدكتورة «هالة» مشغولة بتنفيذ حكم المحكمة لصالح الأطباء بزيادة قيمة بدل العدوى، المستحق بأثر رجعى منذ أبريل 2014، الذى لم تنفذه الحكومة، وطعنت عليه أمام المحكمة الإدارية العليا، وما زال الطبيب المصرى حديث التخرج يتقاضى راتباً أساسياً لا يتعدى 286 جنيهاً وبدل العدوى الخاص به 19 جنيهاً فقط، أما الأطباء ممن بلغوا سن المعاش فلا يتعدى راتبهم الأساسى ألف جنيه وبدل العدوى 30 جنيهاً، بحسب موقع «اليوم السابع»؟
أم كانت وزيرة الصحة تبحث عن مشروع قانون لنقل الأعضاء من المتوفين حديثاً، أم كانت تتفقد أحوال مستشفيات الحكومة المتهالكة، التى يدفع فيها المواطن ثمن «الشاش والقطن»، ويشترى النزيل «البطانية» برشوة عشرة جنيهات.. أم تراها كانت تحاول إنصاف الفقراء الذين ظلمهم قانون «التأمين الصحى الجديد»؟
لم يحدث شىء من هذا، لقد ذهبت سيادة الوزيرة فى زيارة لشيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، لبحث «تعزيز سبل التعاون فى القطاع الطبى»، ودعم مستشفيات جامعة الأزهر وتوفير كل احتياجاتها الطبية! بينما لو ألقت الوزير نظرة على «معهد الأورام»، الكائن بجوار مقر الوزارة، ومعاناة المرضى فيه، لعرفت كيف تحدد بوصلة توجهاتها وأن دورها ليس أن تصرح بأن «الدين معاملة».. ثم تخرج من مشيخة الأزهر لتذهب فى اليوم التالى إلى الكاتدرائية، لتلتقى بقداسة البابا «تواضروس» الثانى، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية.. أيضاً من أجل «تعزيز سبل التعاون الطبى».. ثم تخرج علينا بتصريح عبقرى قائلة «نحن دم واحد»! وبعيداً عن احترامنا وتقديرنا لقيمة هذه الشخصيات، فإنه لا علاقة لها بالطب ولا بالبحث العلمى.. بل على العكس لقد عاصرنا شخصيات دينية كان كل همها تشجيع «ختان الإناث» منهم الشيخ «جاد الحق»، شيخ الأزهر سابقاً.. وعايشنا رجال دين حرموا نقل الأعضاء وتسببوا فى وفاة آلاف المرضى حتى صدر قانون «التبرع بالأعضاء».. فهل كانت الوزيرة تبحث عن «البركة» أم تقوم بعمل دعاية فجة تغازل بها الشعب «المتدين بطبعه»؟ هل تبحث الوزيرة عن بدائل علاجية فيما يسمى بـ«الطب النبوى»، أم قررت أن تقنن العلاج بالحجامة وبول الإبل.. أم تراها سمعت عن القس الشهير «أبونا مكارى» الذى يُخرج الجان من الإنس بقراءة بعض التراتيل الدينية، فوجدت ضالتها فى علاج الشعب المصاب بالاكتئاب بالتراتيل؟
أنا أتحدث عن «الصورة الذهنية» التى تقدمها الوزيرة للشعب عن نفسها.. عن أولويات عملها وأجندة من تترأس منظومة الصحة والسكان.
إن كان الهدف من زيارة «شيخ الأزهر» هو مساهمة المشيخة بالتبرع لعلاج مرضى فيروس c، فهذه المهمة بدأها الدكتور عادل العدوى وزير الصحة الأسبق، الذى كانت تعمل معه.. وقد قطعت مصر شوطاً كبيراً فى هذا المجال.. وكان الأولى بالوزيرة أن تخرج على الرأى العام لتوضح موقفها «الملتبس» من العمل كمدير تنفيذى «لأكاديمية مؤسسة 57357 للعلوم الصحية»، خاصة أن الكاتب الكبير «وحيد حامد» ألمح إلى أنها كانت وراء إتمام صفقة شراء مدرسة الصباح الإعدادية التابعة لإدارة السيدة زينب التعليمية والمجاورة لمبنى مستشفى ٥٧٣٥٧، ومساحتها ستة آلاف متر، وهى الوحيدة فى المنطقة، (ومحافظة القاهرة بها ٤٥ ألف طالب على قوائم الانتظار وليس لهم فصول ويحتاجون إلى مائة مدرسة جديدة.. والآن المدرسة فى حوزة المستشفى وتم هدم أسوارها استعداداً لهدم المبانى من أجل إقامة فندق على أرضها)!!
إن مأساة مصر هى فتاوى رجال الدين فى الطب، وتعطيل دوران عجلة العلم، فلسنا بحاجة إلى المزيد من المرضى «المجاذيب» فى الشارع.. فهذا الشعب يستحق من سيادة الوزيرة «الشفافية» والعمل فى تخصصها وهو أبعد ما يكون عن أخذ المدد الروحى من القيادات الدينية الرسمية.. وإلا فعلى الوزيرة أن تجامل الصوفيين والسلفيين وتشارك فى حلقات الذكر لترضى جميع الأطراف!!
نقلا عن الوطن
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع