ثبت بالفعل أن «الإعلام» هو رأس الحربة فى حروب الجيل الخامس، أو ما يُسمى «الجيل الرابع المتقدّم»، يتم بواسطته احتلال العقل الجمعى، ومن ثم يتولى «ناس مننا» تسليم الأرض للعدو.. البعض يدخل وهو شبه مغيب المعركة، لا يعرف عدوه من حليفه، ويتصور أنه بتصديق الشائعات والأكاذيب والترويج لها أنه ينفّذ «أجندة وطنية»، فى حين أنه ينفّذ «مؤامرة» تمّت كتابتها فى أرض بعيدة، ليُحارب بالإنابة لحساب رجل جالس فى «جهة ما» قد تكون استخباراتية أو عسكرية.. حتى نصل إلى مشهد «السقوط من الداخل»!
لهذا حذّر الرئيس «عبدالفتاح السيسى» من قبل قائلاً: إن مصر لا يمكن هزيمتها بحرب من الخارج، مشدّداً على أهمية «الوعى» وضرورة الحفاظ على الدولة، مشيراً إلى أن هناك أجيالاً جديدة من الحروب الآن تتعامل مع التحديات الموجودة وتعيد تصديرها للرأى العام فى مصر.. و«من ثمّ يكون الرأى العام هو أداة التدمير للدولة».
تأسيساً على هذا لا بد من تقييم قناة «القاهرة الإخبارية»، باعتبارها محوراً مهماً فى الأمن القومى لمصر، ليس لنشر الوعى فى الداخل فحسب، بل لتقديم الحقيقة للرأى العام العالمى، الذى يتأثر بكل حرف يُقال عن مصر كما يؤثر فى قضايا مصيرية تخص بلادنا.. وكان السؤال: كيف تتغلب «القاهرة» على المنافسة الشرسة بين الأقمار الفضائية بقنواتها المختلفة؟
أنت تحتاج إلى إمكانيات تقنية مهولة، وجيش من المقدمين ذوى المصداقية، والمعدين أصحاب الخبرة المتخصّصة، وشبكة مراسلين حول العالم لا تترك قرية ولا زاوية دون تغطية مباشرة، وحس وطنى يجعل منها «صوت مصر» الصادق الدقيق المحترف.
مع سرعة الإيقاع والتدفّق الإخبارى من جميع أنحاء العالم، والخدمة التحليلية المتميزة والجاذبية والإبهار فى الوقت نفسه.. بحيث توفّر المحتوى الثرى والتناول بأكثر من بُعد.
وقد وفّرت الشركة «المتحدة للخدمات الإعلامية» كل الإمكانات التقنية والبشرية لقناة «القاهرة الإخبارية»، وراهنت على قيادة شابة، وهو الإعلامى «أحمد الطاهرى»، رئيس القنوات الإخبارية بالشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، الابن الشرعى لصاحبة الجلالة، الذى تربّى فى بلاط «روزاليوسف»، وتمرّس على الصحافة التليفزيونية فى «إكسترا نيوز»، حتى أصبح وجهاً إعلامياً مضيئاً.
و«الطاهرى» يعبّر عن جيل يقدّر خطورة الحرب الإعلامية والسيبرانية، ولديه «رؤية» لكل عناصر نجاح القناة.
أعود لأذكّر بأن القنوات المعادية لمصر أسقطت -بالفعل- أوطاناً من خلال حملات إعلامية ممنهجة، مما جعلها عدواً حقيقيّاً لا بد أن تتصدّى لها منصات إعلامية قوية وموضوعية وفرق إنقاذ تنتشل المواطن من دوامة الشائعات والأكاذيب، تواجه الحقيقة مهما كانت صادمة.. فجاءت «القاهرة الإخبارية».
نجحت القاهرة فى أن تنتزع الريموت كنترول من الجماهير المصرية والعربية أيضاً، وأن تثبت الشاشة على قناة «القاهرة»، وأن تمنح المشاهد غزارة المعلومات و«الرأى والرأى الآخر» مع جاذبية العرض.
كما نجحت فى اختيار «الوجوه» التى تعبّر عن هوية القناة وتاريخ مصر فى الريادة الإعلامية.. وهنا لا بد أن أنوه إلى دور الإضاءة والتصوير والديكور والإخراج، فكلها عناصر نجاح مثيرة للدهشة.
الخدمة الإخبارية هى أصعب تجربة يخوضها الإعلامى، الذى يعيش على أعصابه حرفياً لحظة بلحظة، فلا بد أن يتمتّع بجاهزية المعلومات وسرعة البديهة والحضور مع الوقار بالطبع واللغة السليمة.. إنه يعيش تقريباً «على الهواء»، بعيداً عن التسجيل والتعليب، خاصة مع تسارع الأحداث العالمية والمحلية.
وفى ذكرى مرور عام على إطلاق قناة «القاهرة الإخبارية» جاء الاختبار الأصعب: «الحرب على غزة».. وهو الحدث الذى أصبح العالم كله طرفاً فيه وليس مجرد متابع «مصر فى القلب منه»: مصر-السلام التى سعت ألف مرة لحل الدولتين بالتفاوض السلمى.
ونجحت فى تحقيق أكثر من هدنة، سواء بين الفصائل الفلسطينية بعضها البعض، مصر الحدود ومعبر «رفح» و«قمة القاهرة للسلام» والزعيم العربى «عبدالفتاح السيسى».. وأيضاً الريادة الإعلامية لـ«القاهرة الإخبارية».
نجحت قناة «القاهرة» ليس فى إثبات وجودها فحسب، بل بفرض أسلوبها فى تحرى الصدق والحياد، والانحياز إلى الحقيقة وحدها، وفرض قيم «القانون الدولى» ونشر رسالة مصر إلى العالم: «لا لتصفية القضية الفلسطينية ونعم لحل الدولتين».
أصبحت «القاهرة الإخبارية» هى «المقياس» الذى نعود إليه كلما سمعنا أو شاهدنا خبراً غير دقيق، أو كانت مثلاً: (صورة خروج مزدوجى الجنسية والجرحى الفلسطينيين من غزة -وقت كتابة المقال- لا تتّفق مع التعليق الصوتى لإحدى الفضائيات).. انتهى من القاموس منهج «دس السم فى العسل»: هنا القاهرة.
(هنا القاهرة الساحرة الآسِرة.. الهادرة الساهرة الساترة السافرة.. هنا القاهرة الساخرة القادرة.. الصابرة المنذرة الثائرة الظافرة).