بقلم : سحر الجعارة
كنت أتمنى أن تركز وزيرة الصحة والسكان الدكتورة «هالة زايد» فى أداء مهمتها تجاه المواطن البسيط، بدلا من أن تلعب دور «مأمور الضرائب»، وتسعى لـ«جباية الأموال» من العيادات والمستشفيات والمراكز الطبية، فليس من مهام منصبها أن تصدر منشورا دوريا ينص على (إلزام 38 ألفا و600 عيادة و4620 مركزا طبيا و1460 مستشفى خاصا بإعلان تسعيرة «الفيزيتا»)!.
ودورها ليس إثبات (حق الدولة فى الضرائب المقدرة على هذه المنشآت الربحية).. كما صرح الدكتور «على محروس» رئيس الإدارة المركزية للعلاج الحر والتراخيص الطبية بوزارة الصحة والسكان، ولا يجوز التعامل مع الأطباء بـ(1500 مجموعة تفتيشية بالقاهرة والمحافظات لضبط الأداء بالتعاون مع الأجهزة الأمنية.. بل كان لابد أن توجه هذه «المجموعات القتالية» إلى «الصيدليات الكبرى» التى تفتح سلاسل بنفس الاسم خلافا للقانون، وأن تلزمها بالإعلان عن أسعار «الأدوية المستوردة»، وأن تهجم على مصانع بئر السلم التى تعبئ الأدوية المغشوشة، وأن تفتش فى الصيدليات عن الأدوية المهربة ومنتهية الصلاحية التى يدفع فيها المواطن «دم قلبه».. ثم يموت بمفعولها!.
كان على الوزيرة أن تتجه أولاً لمستشفيات الحكومة، لتوفر «الشاش والقطن» والأغطية والسرائر النظيفة والأدوية لفقراء مصر ممن يرقدون فى الطرقات انتظارا لطبيب «تحت التمرين»، وإن كانت هذه المستشفيات مؤهلة بالفعل لتنفيذ مشروع رئيس الجمهورية لعلاج «الحالات الطارئة»، فلماذا لا تفتش الوزيرة عن «الحالات المزمنة» التى تعانى من الإهمال والفساد فى مستشفيات الحكومة؟.. إلا إذا كانت تنتظر تطبيق مشروع «التأمين الصحى» الذى يستهدف خصخصة تلك المستشفيات!.
إن شاءت الوزيرة أن تحمى المواطن من «جشع الأطباء»، وهو تعبير سخيف مضطرة لاستخدامه، ومن سطو المستشفيات والمراكز الطبية على أموالهم.. كان عليها أن تضع منظومة مختلفة لتحديد «الفيزيتا» المختلف عليها، أن تقدر الحد الأدنى والحد الأقصى لمقدم الخدمة الطبية بـ«تسعيرة استرشادية»، طبقا لشهادة الطبيب مثلا (ماجستير، دكتوراه، أستاذ) ومكان الخدمة، لأن المهندسين تفرق كثيرا عن شبرا، ومستوى «جودة المكان» سواء كان عيادة أو مستشفى.. وألا تقحم الوزارة فى تقدير «الضرائب» أو إثباتها، فهذا خلط للأدوار.. وهى ليست وزيرة للمالية!.
ثم إن هذا القرار ليس له سند من الدستور، وتحديد «فيزيتا» للكشف غير موجود فى أى دولة بالعالم، وعدد الأطباء الذين يزيد سعر كشفهم على 500 جنيه لا يتعدى 150 طبيبا.. وكان من الممكن قبوله لو تم تعميمه على مهن أخرى مثل «المحاماة».
كان الأولى بالوزيرة أن تحل مشاكل الأطباء، وتسعى لتنفيذ الحكم القضائى الصادر لهم بالحق فى «بدل العدوى» وتحسين دخل شباب الأطباء الذين لا يتجاوز راتبهم 2000 جنيه.
وأخيرا، هل شاهدت الدكتورة «زايد» إعلان «لو بصينا فى المراية»، الذى يتهم الأطباء بسرقة الأعضاء؟.. وهل تقبل الوزيرة بأن تكون هذه صورة «الطبيب المصرى» فى عيون العالم: (مطارد بحملات التفتيش لأنه يتحايل على المرضى والضرائب، ومتهم بسرقة الأعضاء).. إننا ننسف بأيدينا أرقى العقول المصرية، وندمر أهم صناعة «لم تسمع عنها الوزيرة» تسمى «السياحة العلاجية»!!.
نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع