توقيت القاهرة المحلي 05:39:26 آخر تحديث
  مصر اليوم -

هلّا شققت عن قلبه؟

  مصر اليوم -

هلّا شققت عن قلبه

بقلم - سحر الجعارة

 «الحرية» لا تحتاج إلى «تصريح» لتمارسها، لكنها تحتاج إلى حصانة لكى تطبقها.. والحصانة تعنى القانون وهذه مسئولية الدولة وحدها.. وبموجب الدستور الذى توافق عليه الشعب تضع الدولة الحدود الفاصلة بين حرية الفرد وحريات الآخرين.

المثال الأبرز الذى يصطخب به المجتمع ويثير جدلاً شديداً لمقياس الحرية الفردية هو «ارتداء الحجاب».. العنوان الأبرز الذى يجب أن يسود بيننا هو احترام من ترتديه ومن ترفض ارتداءه.. وعدم إيذاء غير المحجبة لأنه تحريض على الكراهية وتنمر بغير المحجبة وصل إلى حد تكفيرها ووصمها بالخروج من الملة.

أنا أتحدث عن «الحرية» وليس عن الفتاوى، حتى وإن كانت الفتاوى هى المجال الأوضح للتبارز بالسنة والنصوص القرآنية لانتزاع حرية الفرد فى الفكر والعقيدة والتعبير.. وهى حريات يكفلها الدستور.

(هلّا شقََقْتَ عن قلبِه؟) هذه المقولة لرسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم تصلح لأن تكون عنواناً لكل اجتهاد بشرى فى مجالات الإصلاح الدينى والفكر والإبداع، لكن المتربصين بالمفكرين والمجتهدين يرفعون «سيف الردة» فى وجوهنا دائماً، لبث الرعب فى نفوس كل إصلاحى، وهو «منهج تكفيرى» بكل المقاييس يجب أن يُحاسَب من يرتكبه بقسوة: آن الأوان لسن قانون يجرم «تكفير الآخر».

عقب مقتل الطالبة «نيرة أشرف» أثيرت قضية الحجاب مجدداً، وقدم الأستاذ الدكتور «سعد الدين الهلالى» أستاذ الفقه المقارن، رؤيته وهو متخصص فى هذا المجال، فاشتعلت حرائق الفتنة وناله الكثير من غضب رجال المؤسسة الرسمية، وتفرغ البعض لزندقة أفكاره فقط ليثبت أنه «وصىّ على الدين» ووصىّ على البشر وعلى المجتمع.. ولم يجرؤ أحد على الدفاع عنه.. لماذا؟

لأن مصير الدكتور «نصر حامد أبوزيد» حاضر أمامنا، لا أحد يريد مصيره فى التفريق بينه وبين زوجته، لا أحد يرغب فى دخول السجن مثل «إسلام بحيرى».. لا أحد يريد أن يُقتَل برصاصة غادرة مثل الدكتور «فرج فودة».. هذا المشهد المخيف يتكرر كلما طُرحت قضية خلافية فى الدين خصوصاً ما يتعلق بالمرأة.

للأسف القانون الذى شرعن تكفير الناس بالمادة (98 من قانون العقوبات) المعروفة اصطلاحاً بازدراء الأديان، لم يضع عقوبة واضحة «فى المقابل» تنهى عن توريط الناس فى تهمة مطاطة لا يمكن إثباتها أو نفيها بمنطق عقلانى واضح أو بمقاييس دقيقة متفق عليها.. هكذا وصلنا إلى تهديد تنظيم «القاعدة» باغتيال الكاتب «إبراهيم عيسى» وتكليف الذئاب المنفردة بذلك!.

لم يكن الجهد العلمى للدكتور «الهلالى» أو «عيسى» أو غيرهما من المفكرين والإصلاحيين إلا استجابة لمطالبة الرئيس عبدالفتاح السيسى دائماً بتجديد الخطاب الدينى وإعادة فهم المعتقد.

هذا المناخ الشرس المهين لم يراعِ أن حتى المخطئ له «أجر».. ولم يرَ «حزب التكفير» العبرة فى قول الله تعالى «لا إكْراهَ فى الدِّين»، فماكينة التكفير تعمل بشكل هستيرى لتنهش عقول المجتمع التى تنهض به.. ونحن لا نزال ننتظر تجريم تكفير الآخر أو المساس به لاختلاف معتقده بقانون عاجل ومحاسبة كتائب المكفرين الذين يسعون إلى استدعاء الإرهاب إلى وطننا الآمن، و«اغتيال المستقبل».. نعم ضرب الاستقرار والسلم الاجتماعى يغتال مستقبل التنمية وفرص الاستثمار فى وطننا الآمن.

«لا إكْراهَ فِى الدِّين» أنت لا تراقب الإنسان فى خشوعه فى صلاته ولا فى صحة صيامه ولا تعد له مرات الطواف بالكعبة المشرفة.. ومن قال إن الحجاب فرض على المرأة أن تلتزم به فى صلاة العيد، حطمت الإرادة الشعبية وصايته على الشعب، وخرجت النساء بحجاب أو بدونه فى حماية القوانين الوضعية والشرطة المصرية.

أنت لن تسجن الأفكار والأحلام وحرية الفكر والعقيدة فى «كهف مظلم».. سوف نظل ندافع عن وطننا وديننا، حتى وإن كان الدفاع عن الدولة المدنية يدخلنا فى دائرة الخطر.

الدين لا يصلح لكل زمان إلا بالاجتهاد وحده، وليس بكتب التراث المفخخة بفتاوى تكفيرية تحت راية الجهاد.

هذا الوطن لن يسقط برصاصة طائشة لأحد الذئاب المنفردة.. فعلى قمة هرم السلطة «رئيس مستنير» يحارب «فتنة التكفير»، وقد آن الأوان لمواجهة الإرهاب الفكرى بقانون حاسم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هلّا شققت عن قلبه هلّا شققت عن قلبه



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

ياسمين صبري بإطلالات أنيقة كررت فيها لمساتها الجمالية

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 13:09 2024 السبت ,21 أيلول / سبتمبر

دواء مضاد للاكتئاب قد يساعد في علاج أورام المخ
  مصر اليوم - دواء مضاد للاكتئاب قد يساعد في علاج أورام المخ

GMT 20:39 2024 السبت ,21 أيلول / سبتمبر

يوسف الشريف خارج دراما رمضان 2025
  مصر اليوم - يوسف الشريف خارج دراما رمضان 2025

GMT 05:22 2024 السبت ,21 أيلول / سبتمبر

حجب منصة “إكس” في البرازيل للمرة الثانية
  مصر اليوم - حجب منصة “إكس” في البرازيل للمرة الثانية

GMT 22:12 2019 الجمعة ,24 أيار / مايو

البورصة الأردنية تنخفض 1.01% في أسبوع

GMT 21:55 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

أبوريدة يبحث ترتيبات مباراة مصر وتونس مع وزير الشباب

GMT 22:51 2018 الإثنين ,01 تشرين الأول / أكتوبر

اكتشاف نوع جديد من العناكب الذئبية جنوب إيران

GMT 21:31 2018 الإثنين ,13 آب / أغسطس

حنان ترك غاضبة من حلا شيحة بعد خلعها الحجاب

GMT 07:06 2018 الثلاثاء ,19 حزيران / يونيو

أبوسعدة يكشف عن تنفيذ قطر حُكم تعويض أسر القتلى

GMT 18:35 2018 الثلاثاء ,08 أيار / مايو

آبل تستبدل بعض هواتف "iPhone X" التي تعاني من مشاكل

GMT 17:43 2018 الثلاثاء ,08 أيار / مايو

حمادة صدقي يعلن دراسة السنغال بشكل جيد
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon