توقيت القاهرة المحلي 13:35:40 آخر تحديث
  مصر اليوم -

هلّا شققت عن قلبه؟

  مصر اليوم -

هلّا شققت عن قلبه

بقلم - سحر الجعارة

 «الحرية» لا تحتاج إلى «تصريح» لتمارسها، لكنها تحتاج إلى حصانة لكى تطبقها.. والحصانة تعنى القانون وهذه مسئولية الدولة وحدها.. وبموجب الدستور الذى توافق عليه الشعب تضع الدولة الحدود الفاصلة بين حرية الفرد وحريات الآخرين.

المثال الأبرز الذى يصطخب به المجتمع ويثير جدلاً شديداً لمقياس الحرية الفردية هو «ارتداء الحجاب».. العنوان الأبرز الذى يجب أن يسود بيننا هو احترام من ترتديه ومن ترفض ارتداءه.. وعدم إيذاء غير المحجبة لأنه تحريض على الكراهية وتنمر بغير المحجبة وصل إلى حد تكفيرها ووصمها بالخروج من الملة.

أنا أتحدث عن «الحرية» وليس عن الفتاوى، حتى وإن كانت الفتاوى هى المجال الأوضح للتبارز بالسنة والنصوص القرآنية لانتزاع حرية الفرد فى الفكر والعقيدة والتعبير.. وهى حريات يكفلها الدستور.

(هلّا شقََقْتَ عن قلبِه؟) هذه المقولة لرسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم تصلح لأن تكون عنواناً لكل اجتهاد بشرى فى مجالات الإصلاح الدينى والفكر والإبداع، لكن المتربصين بالمفكرين والمجتهدين يرفعون «سيف الردة» فى وجوهنا دائماً، لبث الرعب فى نفوس كل إصلاحى، وهو «منهج تكفيرى» بكل المقاييس يجب أن يُحاسَب من يرتكبه بقسوة: آن الأوان لسن قانون يجرم «تكفير الآخر».

عقب مقتل الطالبة «نيرة أشرف» أثيرت قضية الحجاب مجدداً، وقدم الأستاذ الدكتور «سعد الدين الهلالى» أستاذ الفقه المقارن، رؤيته وهو متخصص فى هذا المجال، فاشتعلت حرائق الفتنة وناله الكثير من غضب رجال المؤسسة الرسمية، وتفرغ البعض لزندقة أفكاره فقط ليثبت أنه «وصىّ على الدين» ووصىّ على البشر وعلى المجتمع.. ولم يجرؤ أحد على الدفاع عنه.. لماذا؟

لأن مصير الدكتور «نصر حامد أبوزيد» حاضر أمامنا، لا أحد يريد مصيره فى التفريق بينه وبين زوجته، لا أحد يرغب فى دخول السجن مثل «إسلام بحيرى».. لا أحد يريد أن يُقتَل برصاصة غادرة مثل الدكتور «فرج فودة».. هذا المشهد المخيف يتكرر كلما طُرحت قضية خلافية فى الدين خصوصاً ما يتعلق بالمرأة.

للأسف القانون الذى شرعن تكفير الناس بالمادة (98 من قانون العقوبات) المعروفة اصطلاحاً بازدراء الأديان، لم يضع عقوبة واضحة «فى المقابل» تنهى عن توريط الناس فى تهمة مطاطة لا يمكن إثباتها أو نفيها بمنطق عقلانى واضح أو بمقاييس دقيقة متفق عليها.. هكذا وصلنا إلى تهديد تنظيم «القاعدة» باغتيال الكاتب «إبراهيم عيسى» وتكليف الذئاب المنفردة بذلك!.

لم يكن الجهد العلمى للدكتور «الهلالى» أو «عيسى» أو غيرهما من المفكرين والإصلاحيين إلا استجابة لمطالبة الرئيس عبدالفتاح السيسى دائماً بتجديد الخطاب الدينى وإعادة فهم المعتقد.

هذا المناخ الشرس المهين لم يراعِ أن حتى المخطئ له «أجر».. ولم يرَ «حزب التكفير» العبرة فى قول الله تعالى «لا إكْراهَ فى الدِّين»، فماكينة التكفير تعمل بشكل هستيرى لتنهش عقول المجتمع التى تنهض به.. ونحن لا نزال ننتظر تجريم تكفير الآخر أو المساس به لاختلاف معتقده بقانون عاجل ومحاسبة كتائب المكفرين الذين يسعون إلى استدعاء الإرهاب إلى وطننا الآمن، و«اغتيال المستقبل».. نعم ضرب الاستقرار والسلم الاجتماعى يغتال مستقبل التنمية وفرص الاستثمار فى وطننا الآمن.

«لا إكْراهَ فِى الدِّين» أنت لا تراقب الإنسان فى خشوعه فى صلاته ولا فى صحة صيامه ولا تعد له مرات الطواف بالكعبة المشرفة.. ومن قال إن الحجاب فرض على المرأة أن تلتزم به فى صلاة العيد، حطمت الإرادة الشعبية وصايته على الشعب، وخرجت النساء بحجاب أو بدونه فى حماية القوانين الوضعية والشرطة المصرية.

أنت لن تسجن الأفكار والأحلام وحرية الفكر والعقيدة فى «كهف مظلم».. سوف نظل ندافع عن وطننا وديننا، حتى وإن كان الدفاع عن الدولة المدنية يدخلنا فى دائرة الخطر.

الدين لا يصلح لكل زمان إلا بالاجتهاد وحده، وليس بكتب التراث المفخخة بفتاوى تكفيرية تحت راية الجهاد.

هذا الوطن لن يسقط برصاصة طائشة لأحد الذئاب المنفردة.. فعلى قمة هرم السلطة «رئيس مستنير» يحارب «فتنة التكفير»، وقد آن الأوان لمواجهة الإرهاب الفكرى بقانون حاسم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هلّا شققت عن قلبه هلّا شققت عن قلبه



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 00:03 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

حكيمي علي رأس المرشحين للفوز بجائزة أفضل لاعب في أفريقيا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 15:09 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة المصرية تمنح أموالاً "كاش" لملايين المواطنين

GMT 17:19 2021 الثلاثاء ,17 آب / أغسطس

حكم صيام الأطفال يوم عاشوراء

GMT 18:05 2021 الثلاثاء ,15 حزيران / يونيو

خالد جلال يُعلن قائمة البنك الأهلي لمواجهة انبي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon