توقيت القاهرة المحلي 22:02:40 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«محمد خان» ذاكرتنا الحية

  مصر اليوم -

«محمد خان» ذاكرتنا الحية

بقلم - سحر الجعارة

أحياناً تكون الجنسية اختياراً، وهو اختار أن يكون «مصرياً»، أن تحتل ملامح مصر خياله، وتتحكم أوجاعها فى أدواته الإبداعية.. فلا ترى «الكاميرا» بعيونه بل تتحرك مع «آهة» تختبئ خلف بيوتها العتيقة.. ولا تقرأ عيونه إلا الهموم المحفورة على جباه البشر.

اعتاد أن يكون قلبه مثل مقهى شعبى، يستقبل الوافدين على تنوعهم، يمسح عرقهم ويستمع لحكاياتهم المغزولة بالشجن والحلم.. أن يستبدل حلمه الخاص بأحلام البسطاء.. أن يستعير لغتهم ومفردات حياتهم.. أن يتوحد مع الزحام والوجوه المختلفة، والحوارى، والبيوت المتهالكة، يسكن فوق الأسطح ليرى كيف يدير الحاكم دولته!وفوق سطح منزل متهالك شاهدنا -معه- كيف تناوبت «هند» أمومتها مع «كاميليا»، بكينا «عرق النساء» المستباح ببلطجة بعض الذكور.. ضحكنا من فرط سذاجة «هند وكامليا» وهما تفرطان فى الثروة المفاجئة من أجل لحظة تعانقان فيها موج البحر الهادر!إنه صاحب الدراجة البخارية الفتية التى نقلتنا من «سوبر ماركت» أقرب ما يكون لصورة الوطن، تباع فيه المشاعر والضمائر والبشر، إلى «وطن» يسطر تاريخه فى «أيام السادات».. ويسجل عبقرية النجم «أحمد زكى»!

إنه المخرج الراحل «محمد خان» الوريث الشرعى لواقعية المخرج «صلاح أبوسيف» فى السينما، وشريك الراحل «عاطف الطيب» فى رائعته «سواق الأوتوبيس» والذى كتب له السيناريو عام 1982.. لتكون كلمة النهاية فيه لأول مرة على شاشة السينما العربية بجملة واحدة رددها الراحل «نور الشريف» فى وجه من اغتصبوا ثروات مصر: «يا ولاد...»!!

لم يتقيد «خان» بربطة عنق فى حياته، كان أميل إلى البساطة، يحتضن الناس جميعاً فى جلساته فتشعر معه بالألفة والسكينة.. تماماً مثل أفلامه التى تجد نفسك بالقطع فى مشهد أو جملة منها، أو تشعر أنه كان يصرخ نيابة عنك فى رؤيته السياسية.فى «زوجة رجل مهم» ستجد «لغة شاعرية خاصة»، لغة سجّلها بصوت «عبدالحليم حافظ» لتكون أرشيفك الخاص وأنت تلملم فتافيت قصص الحب لتكتمل.. يكاد يكون هذا الفيلم هو الفيلم الوحيد الذى يصلح لكل زمان وأى مكان.. وأنت ترى صورة مجسمة للصدام المتكرر بين «السلطة والحب».. صورة فجّة لسقوط قناع السلطة عن وجه قبيح يكتسب أهميته من «المنصب والسلاح»، وجه يستغل أقرب الناس إليه ويقتل أروع ما فيه!

فى سينما «محمد خان» فتِّش دائماً على الإنسان، ربما تجده مهزوماً لكنه يصر على المقاومة، يعيش فى ضنك، مثل «مستر كاراتيه»، لكنه يرقص ويغنى، ستجده عاشقاً يحلم بلحظة حرية ليختار معشوقته فى «موعد على العشاء».. وستجد أنماط الأسر تتكرر لكنه يتمرد.. ستجد الإنسان بصدقه ولوعه.. بحيرته ويقينه.. بشوقه الجارف إلى «إيمان ما» وهوسه بالسلطة والمال!على شاشة «محمد خان» ستجد بعضاً من نفسك.. من مشاعرك وخصالك: (كثير من القيم النبيلة وقليل من الخسة)، ستجد أهلك ورفاقك وجيرانك.. من ناصروك ومن خذلوك.. صور تتتابع على شريط سينما لا تشبهك بل تتطابق معك فى كثير من الأحيان.. هو أنت بدون رتوش أو مساحيق تجميل.أحد المشاهد العبقرية لـ«محمد خان» فى فيلم «موعد على العشاء» حين كان «أحمد زكى» يحرر خصلات شعر «سعاد حسنى» من (الشينيوه).. عليك إذاً أن تختار أن تفك قيودك بنفسك أو تختار من يكسرها.رحل «محمد خان» وترك لنا «ذاكرة حية» ممهورة بتوقيعه، تنطق بالصوت والصورة، شاهدة على الوطن بكل ما فيه من قبح وجماليات.. لنظل ننظر دائماً فى مرآة «خان» ونقول إنه كان مصرياً للنخاع بأفلامه قبل أن تمنحه مصر جنسيتها!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«محمد خان» ذاكرتنا الحية «محمد خان» ذاكرتنا الحية



GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 23:01 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

ستارمر والأمن القومي البريطاني

GMT 22:55 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حول الحرب وتغيير الخرائط

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:23 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

أزياء ومجوهرات توت عنخ آمون الأيقونية تلهم صناع الموضة
  مصر اليوم - أزياء ومجوهرات توت عنخ آمون الأيقونية تلهم صناع الموضة

GMT 13:51 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

ولي العهد السعودي يُدين الإجراءات التي اتخذتها إسرائيل في غزة
  مصر اليوم - ولي العهد السعودي يُدين الإجراءات التي اتخذتها إسرائيل في غزة

GMT 08:54 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الهلال⁩ السعودي يتجاوز مانشستر يونايتد في تصنيف أندية العالم
  مصر اليوم - الهلال⁩ السعودي يتجاوز مانشستر يونايتد في تصنيف أندية العالم

GMT 17:01 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

أداة ذكية لفحص ضغط الدم والسكري دون تلامس
  مصر اليوم - أداة ذكية لفحص ضغط الدم والسكري دون تلامس

GMT 22:02 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

إحالة عمرو دياب إلى المحاكمة في واقعة صفع شاب
  مصر اليوم - إحالة عمرو دياب إلى المحاكمة في واقعة صفع شاب

GMT 13:37 2024 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

مكون غذائي يساعد في تسريع تعافي العضلات بعد التمرين

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 06:54 2024 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريش يؤكد أن الأمم المتحدة مستعدة للعمل مع ترامب

GMT 05:30 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

ميسي يثير الغموض حول مشاركته في كأس العالم 2026

GMT 09:59 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

نجوى كرم بإطلالات استثنائية وتنسيقات مبهرة في "Arabs Got Talent"

GMT 09:00 2021 الأربعاء ,05 أيار / مايو

جرح فلسطين المفتوح
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon