بقلم :سحر الجعارة
(نتمنى الوصول لاتفاق قانونى ملزم بشأن ملء سد وتشغيل السد، إحنا مش بنتكلم كتير بس بنقول للناس كلها محدش يقدر ياخد نقطة مياه من مصر، واللى عاوز يجرب يجرب، إحنا مش بنهدد حد، عمرنا ما هددنا، وحوارنا رشيد جداً، وصبور جداً، لكن محدش هياخد نقطة مياه من مصر، وإلا هيكون فيه حالة من عدم الاستقرار فى المنطقة، لا يتخيلها أحد، ومحدش يتصور إنه يقدر يبقى بعيد عن قدرتنا، لأ، مش بهدد حد، ومياه مصر لا مساس بها، والمساس بها خط أحمر، وهيبقى رد فعلنا فى حال المساس بها أمر يؤثر على استقرار المنطقة بالكامل).. بنبرة حادة وقوية وحاسمة قالها الرئيس «عبدالفتاح السيسى»، القائد الأعلى للقوات المسلحة.. ومن يتابع تصريحات الرئيس وخطواته يعلم أنه لا يهدد أو يتوعد أحداً، ولهذا اعتبر بعض المحللين أن عبارات الرئيس بمثابة «إعلان حرب»، لكن ماضيه وخلفيته العسكرية تؤكد أنه لا يريد أن يورط مصر فى حرب جديدة، لأنه يعلى قيمة «الإنسان»، وأنه القائد الأبرز فى السعى لاستقرار المنطقة وترسيخ السلام فيها.. ولكن.
مصر كانت واضحة فى الدفاع عن أمنها المائى، وأعلنت أن قضية المياه أمن قومى، فالدولة لن تتنازل عن حق أكثر من 100 مليون مصرى، بينما كانت نوايا إثيوبيا واضحة من البداية مع سياسة ملء سد النهضة بتصرف أحادى، وبالتالى انتهت الاجتماعات الفنية إلى طريق مسدود، بعدما أعلنت القاهرة، فى بيان رسمى، عدم التوصل إلى اتفاق فى أى من النقاط الرئيسية.
وتفعيلاً لكل الحلول السلمية الممكنة لجأت مصر إلى «مجلس الأمن»، استناداً للمادة 35 من ميثاق الأمم المتحدة، والتى تنص على أن: (لمجلس الأمن أن يفحص أى نزاع أو أى موقف قد يؤدى إلى احتكاك دولى أو قد يثير نزاعاً لكى يقرر ما إذا كان استمرار هذا النزاع أو الموقف من شأنه أن يعرض للخطر حفظ السلم والأمن الدولى).
وبعد إبلاغ إثيوبيا المبعوثَ الأمريكى إلى السودان أنها ستمضى قدماً فى المرحلة الثانية من ملء خزانات السد يوليو المقبل، وقيام إثيوبيا بإزالة الغابات من أجل تسهيل مرحلة الملء، وبدء السودان تفريغ خزان جبل أولياء جنوبى الخرطوم للحد من الآثار المتوقعة جراء عملية الملء الأحادى.. أصبحت كل الخيارات مفتوحة أمام مصر «سلماً وحرباً».
فى أول ر فعل لكلمات الرئيس «السيسى»، أعربت عدة دول عربية عن تضامنها مع موقف مصر منها الكويت والإمارات والسعودية والبحرين والسودان وسلطة عمان واليمن، لأن «أمن مصر والسودان المائى جزء لا یتجزأ من الأمن القومى العربى».. بينما لجأ السفير الإثيوبى ماركوس تيكلى ريكى، إلى «مناورة» جديدة بالحديث عن استئناف المفاوضات بشأن ملف سد النهضة مع مصر والسودان قريباً، للتوصل إلى اتفاق مُرضٍ لجميع الأطراف برعاية الاتحاد الأفريقى، فى الوقت الذى تتهيأ فيه إثيوبيا للمرحلة الثانية من ملء خزانات السد!
ورغم التعنت الإثيوبى لا ترفض مصر التفاوض، ولكن آن الأوان أن يدرك الجميع أن ذراع مصر طويلة: «محدش يتصور إنه يقدر يبقى بعيد عن قدراتنا»، وأن عنجهية إثيوبيا وإصرارها على استفزاز مصر ببناء السد بدلاً من اللجوء لتوليد الكهرباء ببناء محطة كهرباء، فإنها تعرض المنطقة بأسرها للفوضى والخراب.. مصر القوية تملك إفساد مؤامرة التعطيش والجفاف، وحتى المفاوضات تحتاج لأوراق ضغط، وحين ينفد صبر الرئيس لن يكون أمامنا إلا خيار واحد!.