بقلم - سحر الجعارة
تعرضت لتكييف شديد البرودة حين كنت ضيفة فى إحدى الفضائيات، وعند الفجر ارتفعت درجة حرارتى إلى 40، فاتصلت بالأستاذ الدكتور «يسرى عقل»، أستاذ أمراض الصدر بطب القاهرة، وهو طبيب عبقرى أتابع معه «حساسية الصدر» التى أعانيها، فنصحنى بأخذ عقار «التاميفلو» نظراً لضعف مناعتى وخشية أن تتحول الإنفلونزا إلى التهاب رئوى.. والمعروف أن العقار يتعاطاه مرضى «إنفلونزا الخنازير»، وتوزعه مراكز الحميات عند تشخيص هذه الحالات مجاناً.. أما وأننى لست مصابة بها، فعلىَّ أن ألجأ لإحدى الصيدليات الكبرى.
بالفعل، اتصلت بواحدة من أشهر سلاسل الصيدليات المعروفة بالقاهرة، ويبدأ اسمها بحرف «السين»و وتشرف عليها الدكتورة «ف».. وطلبت العقار وتجاوزت صدمة سعر العقار الذى وصل إلى 1050 جنيهاً.. وبدأت تعاطيه بانتظام ليومين دون أى تحسن.. فأرسلت العلبة والنشرة الطبية للصيدلى، الذى أتعامل معه، ليقرأ لى الآثار الجانبية والمفعول.. وعندها فوجئنا معاً بأن اللغة ربما تنتمى لدولة ما فى «شرق آسيا».. بينما شركة «هوفهمان -لاروش Roche» شركة سويسرية، قد تمنح حق تصنيع المادة الفعالة لأدويتها لأحد البلدان، لكنها لا تنتج قطعاً فى دول اعتدنا منها على تهريب الأدوية المغشوشة.. وحتى العلبة نفسها كانت مقلدة وليست أصلية!.
اتصلت على الفور بصيدلية «سين»، وسألت الطبيب «م. أ»، الذى باعنى العبوة المهربة أو الفاسدة: أين بلد المنشأ أو ختم أى جهة رقابية راجعت العقار؟.. وهل من المعقول أن تمتد فاعلية أى عقار لثمانى سنوات، كما هو مدون على علبة التاميفلو؟؟.. قرر أن يأخذنى لجدل طبى.. حتى قلت له رسالة موجزة: (قل للمشرفة على سلسلة الصيدليات إننى لا أتردد على أقسام الشرطة ولا النيابات، ولن ألجأ لجهاز «حماية المستهلك» وأقصى ما يمكننى فعله هو تسليم العلبة لمعامل وزارة الصحة لتحليل المادة الفعالة بها أو لأحد برامج «التوك شو»، لأننى أمام واقعة فساد لا بد أن أحمى منها ملايين المصريين.. وأفصحت له عن شخصيتى، لأننى عادة لا أدون بياناتى فى أى مكان إلا باسم الوالد فقط)!.
قبل أن تمر 5 دقائق أعاد دكتور «م» الاتصال بى مبدياً استعداده لرد ثمن العلبة مقابل الحصول عليها (!!).. رغم أننى أكدت له أننى أخذت منها أربع حبات، والأغرب أنه طلب منى التوقيع على «ورقة ما».. ولم تكن حالتى الصحية تسمح بالجدال.. لكنى اتصلت بأكثر من مصدر، فأكدوا لى أن العلبة والحبوب هما أدوات الجريمة.. وأن الحفاظ عليهما يساوى حياة آلاف المرضى الذين قد يكونون مصابين بحالة حادة تستوجب العلاج فيأخذون دواءً فاسداً هو بالفعل «سم قاتل».. وحذرنى البعض من أن مافيا تهريب الأدوية المغشوشة (مسنودون)!
فى اليوم التالى زرت طبيبى ورأى علبة الدواء، وأكد لى أنها مقلدة، وصُدمت حين عرفت بأن هناك تراخيص تُمنح بإنشاء «مخازن أدوية»، فتتحول إلى مصانع «بير السلم» وتغش الأدوية، وانهالت علىّ الأخبار، وكان أسوأها تقليد العلاج الكيماوى.. فحتى مرضى السرطان لم يشفع لهم أحد أمام جشع الثروة!.
هذا المقال ليس موجهاً لوزيرة الصحة د.«هالة زايد» بصفتها المسئولة عن هذه المهزلة، ولا لنقيب الصيادلة د.«محيى عبيد»، (فأنا أعلم أنه لن يتحرك أحد)، أما إن شاء أحد التحقق فكل الأدلة تحت يدى.
هذا «تحذير» لكل مصرى: ليست هناك أى جهة تحميك من «الأدوية الفاسدة».. فاحترس، لم تعد نكتة، «الدواء فعلاً به سم قاتل»!!.
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
نقلا عن الوطن