توقيت القاهرة المحلي 04:12:25 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تشيىء الطفولة

  مصر اليوم -

تشيىء الطفولة

بقلم : سحر الجعارة

غالبية الأطفال فى السنوات الأولى من أعمارهم يتصرفون بنفس السلوكيات، نفس البراءة والعفوية، الأحلام المتشابهة بدمية أو طائرة، نفس المخاوف من الظلام، من غياب أنفاس الأم.. نفس الاحتياج العاطفى والاجتماعى للأسرة، البحث عن «القدوة».. حتى قصص الغرام البريئة.

حتى سن المراهقة لا تعرف الطفلة أن «الرقص» عيب، ولا يجرّم الولد أوراقه الملونة باسم زميلته فى الفصل.. لكننا على ما يبدو فقدنا البراءة، كل شىء فى حياتنا تحول إلى سلعة.. حتى «الأحلام».. إنه عالم السوشيال ميديا!.

فى عالم السوشيال ميديا لكل شىء «مقابل»، (على اليوتيوب أو إنستجرام أو تيك توك.. إلخ)، العِبرة هنا بعدد المتابعين ونسب المشاهدة، بغض النظر عن «قيمة المحتوى»: السياسة تتساوى بالعرى، والدين بالجنس، والفن بالطهى.. المهم أن تسجل «رقمًا» فى نسبة مشاهدة أى حدث حتى لو كان كارثة أو جثة.. هكذا تحول الطفل «محمد» إلى «شىء»!. هذا «الشىء» كليب يروى فيه «محمد» نزاعًا مع زميله «ياسين» فى الفصل على قلب زميلته «بسنت» بهدايا لن تخرج عن كونها «مصاصة أو شيكولاتة».. وانتهت المعركة ببوكس أسقط أسنان «محمد» الذى يروى لأبيه «سره» بحرقة.. يتلعثم فى الكلام وتخرج الحروف من حلقه مكسرة «بحكم السن».. لكن الأب «فنان شعبى» يعرف كيف يستغل هذا «السر» ويجعله مثارًا لسخرية الجميع، ويتحول الفيديو إلى فيديوهات!.

إنها صناعة جديدة فى «الإعلام الموازى»، الذى أفرز نجومه بلا أى ضوابط أو رقابة أو قانون يحكمه، اللهم إلا «الرقابة الشعبية» التى تضغط أيضا بنفس الأداة «السوشيال ميديا»، لحجب فيديو أو صورة ينتهكان حقوق الطفل أو المرأة أو يروجان للعنف أو الكراهية. وكأننا أمام فريقين، أحدهما يحترف صناعة «القبح» والترويج للخرافة والتطرف الفكرى والدينى، والآخر يتصدى للدفاع عن الإنسانية والقيم النبيلة.

«محمد» هو تجسيد لتلك المعركة المتكررة، التى يفرض مفهوم «الحرية» نفسه خلالها كل مرة، وتتصارع كل الأضداد: التنوير ضد خفافيش الظلام، الإبداع ضد «المخدرات الفنية»، الحرية ضد الفوضى.. هذا بخلاف مواقع جماعة الإخوان الإرهابية وما تبثه من شائعات وأكاذيب.. إلخ. كل من ابتعدوا عن الإعلام الرسمى سوف تجدهم بشكل عشوائى على السوشيال ميديا: (الداعية الذى مُنع من الشاشات يتربح 180 ألف جنيه شهريا من اليوتيوب، والمغنى الذى رفضته نقابة الموسيقيين لعدم إجادته القراءة والكتابة يتجاوز الـ 100 ألف دولار شهريًا ومن بعده أغانى المهرجانات، وقِس على ذلك «فوتوسيشن سقارة»، أو رقصة خليعة أو سحل حيوان أو ضرب امرأة).

هذا العالم حقق معادلة «العرض والطلب»، حتى امتلك قانون (العرض أو الحجب) بكل ما فيه من معرفة أو تغييب ليس هو قضيتنا.. القضية هى فيديو «ياسين وبسنت» الذى تحول إلى بلاغ من المجلس القومى للطفولة والأمومة، لمكتب حماية الطفل بمكتب المستشار النائب العام، تحت عنوان «واقعة استغلال الطفل من قبل والده المطرب الشعبى».

وبحسب الدكتورة «سحر السنباطي»، أمين عام المجلس القومى للطفولة والأمومة، فإنه قد تم رصد قناة على موقع «يوتيوب» تتضمن نشر فيديوهات بها إساءة وبث للعنف بين الأطفال، بالإضافة إلى نشر الصفحة الخاصة بذلك المطرب على «فيسبوك»، بالإشارة إلى بث مهرجان غنائى بعنوان خادش للحياء العام سيكون بطله الطفل نفسه موضوع الفيديوهات، وذلك ما أثار استياء شديدا من هذه الأفعال غير المقبولة.

وأضافت «السنباطي» أن استغلال الأطفال من أجل التربح والشهرة هو أمر مخالف لأحكام قانون الطفل وبما فى شأنه تعريض طفل للخطر، ومخالف لحكم المادة 291 من قانون العقوبات المصرى فيما يتضمنه من حظر المساس بحق الطفل فى الحماية من الاتجار به أو الاستغلال الجنسى أو التجارى أو الاقتصادى. لقد فتح «محمد» دون قصد ملف استغلال الأطفال فى الميديا أو فى التسول أو النشل بالشوارع، والإكراه والعنف لاستثمار الطفولة بأبشع الوسائل.. وهو ملف ضخم يعجز القانون عن مواجهته، لكن السوشيال ميديا فعلته.. ويبقى التناقض: محاكمة الأب فيما لاتزال الفيديوهات متاحة على اليوتيوب ويتربح منها

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تشيىء الطفولة تشيىء الطفولة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 08:21 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 11:07 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

سعر الذهب في مصر اليوم الجمعة 24 كانون الثاني يناير 2020

GMT 00:28 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

خالد النبوي يكشف كواليس تدريباته على معارك «ممالك النار»

GMT 14:08 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحوت" في كانون الأول 2019

GMT 00:09 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

ارتدي جاكيت الفرو على طريقة النجمات

GMT 20:08 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة تصدر 9 قرارات تهم المصريين "إجازات وتعويضات"

GMT 08:01 2019 الأربعاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

عرض فيلم "الفلوس" لتامر حسني أول تشرين الثاني

GMT 08:44 2019 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

إنجي علي تفاجئ فنانا شهيرا بـ قُبلة أمام زوجته
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon