توقيت القاهرة المحلي 23:40:01 آخر تحديث
  مصر اليوم -

العباقرة لا يرحلون

  مصر اليوم -

العباقرة لا يرحلون

بقلم : سحر الجعارة

«وحيد حامد» يبدع.. يناضل.. يسافر للعلاج.. يكتئب.. يبوح وأنا أستمع فى سنوات الوجع الأخيرة حين يفضفض بأنفاس تخرج من رئتيه بصعوبة.

بيننا أسرار دافئة وشائكة، تسجل يوميات الوطن بعيدًا عن سيناريوهات تمر على الرقابة.. قبل عام ونصف كتب لى: (أستاذة أنا خايف عليك منهم- يقصد تيار الإسلام السياسى- لم أعتاد أن تقلق، هم جرّونى إلى المحكمة هل سيقتلونى؟.. صدقينى.. لا أمان لهم، والوش الحقيقى كامن بداخلهم.. لديهم عدوانية العقارب)!.

ورغم التحذير والخوف الأبوى كان «الأستاذ» يسجل لى دائما كلمات الفخر والإعجاب بنضالى ضد «العقارب» وهم أكثر وحشية ممن أسماهم «طيور الظلام».. هذا العملاق يقرأ لنا جميعا، ويسجل ملاحظاته ويرسل لنا عبر «الواتس آب» مقالا أعجبه: (الكتابة أصبحت صعبة).. كان هذا المناخ أكثر قسوة على قلب «وحيد» المنهك!.

فى مثل هذا الأسبوع من السنة الماضية كتبت فى «المصرى اليوم» مقالا بعنوان: («وحيد حامد» شخصية العام).. قلت فيه: (نعم أنا منحازة للأستاذ «وحيد حامد»، أحببته منذ كنت أحبو فى عالم الصحافة، حين كتب ضد من جلدوا الطبيب المصرى، (الذى كان يدافع عن عرض نجله فى أحد البلدان العربية)، أحببته حين قاد حملة الهجوم على «عمر عبدالكافى» حين كان الأخير يقود حملة تكفير الفن وتحجيب الفنانات.. وقتها سدد «حامد» ثمن مواقفه الشجاعة فأوقفت الدول العربية شراء أفلامه وإبداعاته فى أول «حصار» لمبدع من نوعه فى العالم العربى.. لكنه نجح فى إقصاء «عبدالكافى» عن تليفزيون الدولة، ونجح دائما فى «كشف المستور» وتعرية الجروح المتقيحة فى مجتمعنا.. وفى كل مرة كان يسدد الثمن من صحته وسمعته بكتائب التشهير وشلل المصالح.. لكنه لم يندم أبدا ولم يعلن إفلاسه إبداعيا ولا اعتزاله للنضال بقلمه الشريف).

عقب الأستاذ: (غدا سوف يكرمنى «أبو مازن» ويمنحنى وسام.. ومقالك عنى وسام على صدرى لأنه من مصرية تحمل قضية).

نعم كان لابد أن نحتفى بمن علّمنا كيف نفكر ونكتب ونحارب- مثله- الفساد والاستبداد، وأن نقيم له تظاهرة حب، وأن نكرمه قبل أن يغادر أرضنا الشائكة، التى جاهد على مدار 50 عاما لينزع الأشواك منها ويمهدها للأجيال القادمة.. كان لابد أن يشعر بالبهجة والفرح، أن يعاند مرضه ويقف على المسرح يستوعب تلك الطاقه الهائلة من الحب.

قبلها بعدة أشهر كان بيننا لقاء أخير لم يتم، داهمتنا «كورونا»، اكتأب الأستاذ الذى اعتاد أن يجلس على شرفة مطلة على النيل ليستقبل «مجلس الأشرار».. وأتصور أن تكريمه فى وطنه أخرجه من حالة الاكتئاب لتستعيد روحه جسارة القتال.. لكن يبدو أن معركته قد انتهت.. ترجل الفارس شامخا وترك ساحة المعركة لا تزال صاخبة.

كيف كان «وحيد حامد» ينحت مصطلحاته الخاصة فى اللغة: («البلد دى اللى يشوفها من فوق غير اللى يشوفها من تحت.. فيلم طيور الظلام، «الفيلم ده قصة ولا مناظر».. فيلم المنسى).. هذه اللغة هى التى كانت تحول الشاشة إلى بشر وأحاسيس وأحداث.. هى التى كانت تحرضنا على التأمل والرفض.. تدفعنا للسخرية من أنفسنا من جهلنا من واقعنا.. تدفعنا لضحك بطعم البكاء.. اللغة التى جعلت السينما سلاحًا للتغيير.

«وحيد حامد» كان طرفا فى كل معركة خاضها شرفاء الوطن بفنهم وإبداعهم أو بأقلامهم، كان دائما مشتبكًا مع الحياة، وداعما لكل «حرف» متمرد ومقاوم.. هو من غزل بقلمه الساحر خطواتنا.. من علمنا أن نكتب بحبر القلب.. أن نهزم «الخوف».. أن نذوب عشقًا حتى يتطهر البشر من حولنا.

نحن جيل محظوظ حاور «الرمز».. وعشق سطورًا جعلت لوجودنا «قيمة».. تعلمنا أن الثورة «فن» يتقنه الأذكياء.. وأن الكتابة «شرف» لا يناله إلا النبلاء.. وأن كلمة الحب «وعد».

سوف يسجل التاريخ أن «وحيد حامد» كان فى الصف الأول لمواجهة التطرف والإسلام السياسى والإرهاب، وأنه أول من كشف خداع الإخوان «الجماعة» والسلفيين.. وأنه لم يساوم أو يهادن ولم يسلم سلاحه «قلمه» لآخر نفس فى صدره.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العباقرة لا يرحلون العباقرة لا يرحلون



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 08:21 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
  مصر اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:50 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض
  مصر اليوم - منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 07:44 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

البنك المركزي المصري يعلن تراجع معدل التضخم السنوي

GMT 22:26 2018 السبت ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات Xbox One X تتجاوز 80 ألف فى أول أسبوع

GMT 14:26 2016 الجمعة ,16 كانون الأول / ديسمبر

أبطال " السبع بنات " ينتهون من تصوير أدوارهم في المسلسل

GMT 18:22 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن "هوندا سبورت فيجن GT" الجديدة بتصميم مثير

GMT 05:34 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

إيفانكا ترامب تحتفل بعيد الميلاد في هاواي

GMT 09:27 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

أهم صيحات فساتين السهرة المثالية

GMT 10:34 2023 الثلاثاء ,24 كانون الثاني / يناير

الأردن يسلم اليونسكو ملف إدراج أم الجمال إلى قائمة التراث

GMT 04:47 2021 السبت ,02 تشرين الأول / أكتوبر

الفنان محمد فؤاد يطرح فيديو كليب «سلام»
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon