توقيت القاهرة المحلي 21:51:56 آخر تحديث
  مصر اليوم -

شهادة القاضية نصف شهادة الرجل

  مصر اليوم -

شهادة القاضية نصف شهادة الرجل

بقلم : سحر الجعارة

لى مع المستشارة «تهانى الجبالى»، نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا المصرية سابقاً، ذكريات مغزولة بمشاعرنا مثل قطعة «دانتيلا» ناعمة وقوية.. لى معها ضحكات ودموع وليالى ألم وسعادة منقوصة.. وحدى كنت أحتضن لحظات ضعفها.. وكانت- وحدها - تلقنى دروس «النضج السياسى». كنت قبل 20 عاما أجلس لأتابعها فى القاعة، ثم فى آخر بلاد الدنيا أجلس إلى جوارها «على المنصة».. وكانت كل أيام العمل النسوى مشحونة بمصطلحات «العنف ضد المرأة، المساواة، رفع التمييز عن النساء... إلخ أجندة القهر».. لم نتخيل آنذاك أن تغير «توتو»- كما نناديها- تاريخ المرأة المصرية.. لم نتوقع أن تدخل التاريخ كأول قاضية مصرية، فقد كانت بشكل أو بآخر «على يسار السلطة».. كنت أحبو فى عالم الصحافة بينما كانت هى نقابية بارزة وكادرا مهما فى «الحزب الناصرى».. وكانت تخلع ألقابها ومواجعها على باب شقتى الصغيرة لنبدأ معا ترتيبات «العيد»: «السفر إلى مدينتنا طنطا». فى يناير 2003 كتبت مقالًا بعنوان «المرأة الاستثنائية التى أصبحت أول قاضية فى مصر»، كتبت فيه: (كانوا يطلقون عليها لقب المرأة الحديدية وكنت وحدى أراقب دموعًا أرق وأنبل من أن يراها البعض فى عيون الأساتذة، أتابع ذلك البريق الهارب من عينيها يطارد أحلامًا تبددت فى رحلة النضال). (الضعف عند أول قاضية مصرية هو موطن قوة كامنة فى امرأة صادرت أحلامها الخاصة وأجلت أمومتها وعطلت أنوثتها وتنازلت بكامل إرادتها عن الدور الطبيعى لتصبح فيما بعد امرأة استثنائية).

فى مجال العمل العام ربت المستشارة «تهانى» أجيالا، وفى مجال عائلتها كانت أما للجميع وكأنما غلفت قلبها بأوراق الورد ووزعته على الأحباء.. نعم هى نفسها التى وقفت فى وجه المعزول «محمد مرسى» وأجبرته على أن يذهب إلى مقر «المحكمة الدستورية العليا» ليؤدى اليمين الدستورية. «العدل» كان دخول المستشارة «تهانى» التاريخ، والسقوط السياسى المروع كان تغيير عصابة الإخوان لدستور البلاد، ووضع نص دستورى قلص عدد قضاة المحكمة الدستورية من 19 إلى 11 عضواً، خصيصاً لعزل المستشارة «تهانى الجبالى».. إنها المرأة التى وقفت ضد «مرسى» من اللحظة الأولى لتوليه رئاسة مصر، وهاجمته بشدة عقب الإعلان الدستورى فى 2012 معلنة أنه فقد شرعيته كرئيس للجمهورية.

دفعت «الجبالى» منصبها ثمناً لمواقفها، ولا أظنها نادمة، وعادت لصفوف المناضلين.. تتفق أو تختلف مع مواقفها.. لكنك لا تملك إلا أن تحترم تاريخها وصلابتها.. وتقدمها إلى خط المواجهة حين تراجع بعض الرجال. اسمحوا لى أن أهدى مقالى فى «يوم المرأة المصرية» إلى صديقتى وعشرة عمرى.. وفخر نساء مصر المستشارة «تهانى الجبالى»، لأننا نجنى ثمار تعبها ومشوارها الطويل فى أراض ملغمة بفتاوى اضطهاد المرأة وإقصائها عن منصة القضاء. فى عام المرأة 2017، وخلال احتفالنا بذكرى ثورة 30 يونيو، وجه الرئيس «عبدالفتاح السيسى» ضربة موجعة لأنصار الخطاب السلفى الذى يقوض حركة المرأة، فكان قراره بتعيين المستشارة «رشيدة فتح الله»، عضو المجلس الأعلى لهيئة النيابة الإدارية، رئيسًا للهيئة، رغم أنها لم تستمر فى منصبها سوى 70 يومًا فقط لبلوغها سن المعاش. لقد اتخذ «السيسى» قراره دون صدام مع تيارات دينية متطرفة، مستندًا - ربما - لرأى الدكتور «على جمعة»، مفتى مصر السابق، فى تفسيره لحديث الرسول، صلى الله عليه وسلم: (لن يفلح قوم ولّوا أمورهم امرأة)، والذى ظل سيفًا مصلتًا على رقابنا، حتى قال «جمعة» إن الرسول كان يقصد بقوله «الروم» وليس عموم الناس. ورغم ذلك بعض النساء اقتنعن بأنهن «عورة»، وأن أحكام الرجال مُنزّلة من السماء، وأن الاستسلام للقهر مدخل إلى الجنة.. المرأة الآن «وزيرة ومحافظة وقاضية» ولكن تظل شهادتها منقوصة «نصف شهادة».. وبينما يناقش «مجلس النواب» الآن قانونا يجعلها «فاقدة الأهلية».. وجه الرئيس «السيسى»، المستشار «عمر مروان» وزير العدل، بالتنسيق مع رئيسى مجلس القضاء الأعلى ومجلس الدولة، للاستعانة بالمرأة فى هاتين الجهتين، تفعيلا للاستحقاق الدستورى بالمساواة وعدم التمييز تفعيلا كاملا.. وهو ما تم تنفيذه بالفعل تتويجا لمشوار طويل بدأته الدكتورة «عائشة راتب»، وتكريما للمرأة المصرية: «صاحبة الولاية».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شهادة القاضية نصف شهادة الرجل شهادة القاضية نصف شهادة الرجل



GMT 05:26 2022 الأربعاء ,17 آب / أغسطس

حول التعديل الوزارى

GMT 19:15 2022 الأربعاء ,20 تموز / يوليو

هل بقيت جمهوريّة لبنانيّة... كي يُنتخب رئيس لها!

GMT 02:24 2022 الخميس ,09 حزيران / يونيو

لستُ وحيدةً.. لدىّ مكتبة!

GMT 19:37 2022 الأحد ,05 حزيران / يونيو

البنات أجمل الكائنات.. ولكن..

GMT 01:41 2022 السبت ,04 حزيران / يونيو

سببان لغياب التغيير في لبنان

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:42 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة
  مصر اليوم - أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 10:08 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد
  مصر اليوم - وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 09:50 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل
  مصر اليوم - نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 19:23 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

خروج مسلسل ظافر العابدين من موسم رمضان 2025 رسمياً
  مصر اليوم - خروج مسلسل ظافر العابدين من موسم رمضان 2025 رسمياً

GMT 10:53 2024 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

مدبولي يترأس اجتماع المجموعة الوزارية الاقتصادية

GMT 00:06 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

الأمير ويليام يكشف عن أسوأ هدية اشتراها لكيت ميدلتون

GMT 13:01 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

شام الذهبي تعبر عن فخرها بوالدتها ومواقفها الوطنية

GMT 01:05 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

النيابة العامة تُغلق ملف وفاة أحمد رفعت وتوضح أسباب الحادث

GMT 15:39 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

"المركزي المصري" يتيح التحويل اللحظي للمصريين بالخارج

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الزمالك يتأهل لربع نهائي دوري مرتبط السلة علي حساب الزهور

GMT 10:59 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

أبرز اتجاهات الديكور التي ستكون رائجة في عام 2025

GMT 22:30 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

5 قواعد لإتيكيت الخطوبة

GMT 14:43 2024 الثلاثاء ,17 أيلول / سبتمبر

أحمد مالك وطه دسوقي يجتمعان في "ولاد الشمس" رمضان 2025
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon