توقيت القاهرة المحلي 22:02:40 آخر تحديث
  مصر اليوم -

شهادة القاضية نصف شهادة الرجل

  مصر اليوم -

شهادة القاضية نصف شهادة الرجل

بقلم : سحر الجعارة

لى مع المستشارة «تهانى الجبالى»، نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا المصرية سابقاً، ذكريات مغزولة بمشاعرنا مثل قطعة «دانتيلا» ناعمة وقوية.. لى معها ضحكات ودموع وليالى ألم وسعادة منقوصة.. وحدى كنت أحتضن لحظات ضعفها.. وكانت- وحدها - تلقنى دروس «النضج السياسى». كنت قبل 20 عاما أجلس لأتابعها فى القاعة، ثم فى آخر بلاد الدنيا أجلس إلى جوارها «على المنصة».. وكانت كل أيام العمل النسوى مشحونة بمصطلحات «العنف ضد المرأة، المساواة، رفع التمييز عن النساء... إلخ أجندة القهر».. لم نتخيل آنذاك أن تغير «توتو»- كما نناديها- تاريخ المرأة المصرية.. لم نتوقع أن تدخل التاريخ كأول قاضية مصرية، فقد كانت بشكل أو بآخر «على يسار السلطة».. كنت أحبو فى عالم الصحافة بينما كانت هى نقابية بارزة وكادرا مهما فى «الحزب الناصرى».. وكانت تخلع ألقابها ومواجعها على باب شقتى الصغيرة لنبدأ معا ترتيبات «العيد»: «السفر إلى مدينتنا طنطا». فى يناير 2003 كتبت مقالًا بعنوان «المرأة الاستثنائية التى أصبحت أول قاضية فى مصر»، كتبت فيه: (كانوا يطلقون عليها لقب المرأة الحديدية وكنت وحدى أراقب دموعًا أرق وأنبل من أن يراها البعض فى عيون الأساتذة، أتابع ذلك البريق الهارب من عينيها يطارد أحلامًا تبددت فى رحلة النضال). (الضعف عند أول قاضية مصرية هو موطن قوة كامنة فى امرأة صادرت أحلامها الخاصة وأجلت أمومتها وعطلت أنوثتها وتنازلت بكامل إرادتها عن الدور الطبيعى لتصبح فيما بعد امرأة استثنائية).

فى مجال العمل العام ربت المستشارة «تهانى» أجيالا، وفى مجال عائلتها كانت أما للجميع وكأنما غلفت قلبها بأوراق الورد ووزعته على الأحباء.. نعم هى نفسها التى وقفت فى وجه المعزول «محمد مرسى» وأجبرته على أن يذهب إلى مقر «المحكمة الدستورية العليا» ليؤدى اليمين الدستورية. «العدل» كان دخول المستشارة «تهانى» التاريخ، والسقوط السياسى المروع كان تغيير عصابة الإخوان لدستور البلاد، ووضع نص دستورى قلص عدد قضاة المحكمة الدستورية من 19 إلى 11 عضواً، خصيصاً لعزل المستشارة «تهانى الجبالى».. إنها المرأة التى وقفت ضد «مرسى» من اللحظة الأولى لتوليه رئاسة مصر، وهاجمته بشدة عقب الإعلان الدستورى فى 2012 معلنة أنه فقد شرعيته كرئيس للجمهورية.

دفعت «الجبالى» منصبها ثمناً لمواقفها، ولا أظنها نادمة، وعادت لصفوف المناضلين.. تتفق أو تختلف مع مواقفها.. لكنك لا تملك إلا أن تحترم تاريخها وصلابتها.. وتقدمها إلى خط المواجهة حين تراجع بعض الرجال. اسمحوا لى أن أهدى مقالى فى «يوم المرأة المصرية» إلى صديقتى وعشرة عمرى.. وفخر نساء مصر المستشارة «تهانى الجبالى»، لأننا نجنى ثمار تعبها ومشوارها الطويل فى أراض ملغمة بفتاوى اضطهاد المرأة وإقصائها عن منصة القضاء. فى عام المرأة 2017، وخلال احتفالنا بذكرى ثورة 30 يونيو، وجه الرئيس «عبدالفتاح السيسى» ضربة موجعة لأنصار الخطاب السلفى الذى يقوض حركة المرأة، فكان قراره بتعيين المستشارة «رشيدة فتح الله»، عضو المجلس الأعلى لهيئة النيابة الإدارية، رئيسًا للهيئة، رغم أنها لم تستمر فى منصبها سوى 70 يومًا فقط لبلوغها سن المعاش. لقد اتخذ «السيسى» قراره دون صدام مع تيارات دينية متطرفة، مستندًا - ربما - لرأى الدكتور «على جمعة»، مفتى مصر السابق، فى تفسيره لحديث الرسول، صلى الله عليه وسلم: (لن يفلح قوم ولّوا أمورهم امرأة)، والذى ظل سيفًا مصلتًا على رقابنا، حتى قال «جمعة» إن الرسول كان يقصد بقوله «الروم» وليس عموم الناس. ورغم ذلك بعض النساء اقتنعن بأنهن «عورة»، وأن أحكام الرجال مُنزّلة من السماء، وأن الاستسلام للقهر مدخل إلى الجنة.. المرأة الآن «وزيرة ومحافظة وقاضية» ولكن تظل شهادتها منقوصة «نصف شهادة».. وبينما يناقش «مجلس النواب» الآن قانونا يجعلها «فاقدة الأهلية».. وجه الرئيس «السيسى»، المستشار «عمر مروان» وزير العدل، بالتنسيق مع رئيسى مجلس القضاء الأعلى ومجلس الدولة، للاستعانة بالمرأة فى هاتين الجهتين، تفعيلا للاستحقاق الدستورى بالمساواة وعدم التمييز تفعيلا كاملا.. وهو ما تم تنفيذه بالفعل تتويجا لمشوار طويل بدأته الدكتورة «عائشة راتب»، وتكريما للمرأة المصرية: «صاحبة الولاية».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شهادة القاضية نصف شهادة الرجل شهادة القاضية نصف شهادة الرجل



GMT 05:26 2022 الأربعاء ,17 آب / أغسطس

حول التعديل الوزارى

GMT 19:15 2022 الأربعاء ,20 تموز / يوليو

هل بقيت جمهوريّة لبنانيّة... كي يُنتخب رئيس لها!

GMT 02:24 2022 الخميس ,09 حزيران / يونيو

لستُ وحيدةً.. لدىّ مكتبة!

GMT 19:37 2022 الأحد ,05 حزيران / يونيو

البنات أجمل الكائنات.. ولكن..

GMT 01:41 2022 السبت ,04 حزيران / يونيو

سببان لغياب التغيير في لبنان

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:23 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

أزياء ومجوهرات توت عنخ آمون الأيقونية تلهم صناع الموضة
  مصر اليوم - أزياء ومجوهرات توت عنخ آمون الأيقونية تلهم صناع الموضة

GMT 13:51 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

ولي العهد السعودي يُدين الإجراءات التي اتخذتها إسرائيل في غزة
  مصر اليوم - ولي العهد السعودي يُدين الإجراءات التي اتخذتها إسرائيل في غزة

GMT 21:37 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران تؤكد على أهمية تنمية العلاقات مع السعودية
  مصر اليوم - إيران تؤكد على أهمية تنمية العلاقات مع السعودية

GMT 17:01 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

أداة ذكية لفحص ضغط الدم والسكري دون تلامس
  مصر اليوم - أداة ذكية لفحص ضغط الدم والسكري دون تلامس

GMT 22:02 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

إحالة عمرو دياب إلى المحاكمة في واقعة صفع شاب
  مصر اليوم - إحالة عمرو دياب إلى المحاكمة في واقعة صفع شاب

GMT 13:37 2024 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

مكون غذائي يساعد في تسريع تعافي العضلات بعد التمرين

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 06:54 2024 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريش يؤكد أن الأمم المتحدة مستعدة للعمل مع ترامب

GMT 05:30 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

ميسي يثير الغموض حول مشاركته في كأس العالم 2026

GMT 09:59 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

نجوى كرم بإطلالات استثنائية وتنسيقات مبهرة في "Arabs Got Talent"

GMT 09:00 2021 الأربعاء ,05 أيار / مايو

جرح فلسطين المفتوح

GMT 12:11 2019 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

5 طرق للقضاء على مشكلة الشعر المتقصف بلا رجعة

GMT 04:36 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

جهود مكثفة لكشف غموض اختفاء فتاة في أسيوط
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon