بقلم :سحر الجعارة
من الواضح أن مصر تخوض معركة لم تشهدها من قبل، وكذلك العالم أجمع، وأعنى بها خطة الدولة للتصدى لجائحة فيروس كورونا، من خلال توفير لقاحات فيروس كورونا المستجد للفئات المستحقة من المواطنين.. فى العالم المتقدم ستجد المواطن يسارع للحصول على اللقاح، بينما فى مصر على الدولة أن تكثف حملتها الإعلامية لنشر الوعى، وأن تطمئن المواطن لفاعلية اللقاح، هذا بخلاف توفيره مجانًا لمن يستحق.
أنا أرى المأزق الحقيقى فى أن المواطن الذى قرر أنه أكثر علمًا من علماء العالم، والذى يثق فى «الحلاق» أكثر مما يثق فى الطبيب.. المأزق الآخر أن بعض الحالات الإنسانية (من تمت زراعة أعضاء لهم مثلًا) قد لا تناسبهم الأمصال التى أُتيح لمصر أن تستوردها حتى الآن، ( بسبب طرق النقل والتخزين)، لأنهم يحتاجون مصلًا يتناسب مع أدوية تخفيض المناعة التى يتناولونها (مثل فايزر وموديرنا).. وحتى الآن العالم يتقاتل على أخذ نصيبه من المصانع مباشرة.. لدرجة حدوث أزمة بين دول «الاتحاد الأوروبى» والمُصنِّعين للقاح بسبب تصديره للعالم. لكن العالم المتقدم «علميًا وتكنولوجيًا» يعرف أن الوباء لا يمكن القضاء عليه إلا بعد أن يتم تلقيح معظم سكان الكرة الأرضية.. وهو ما يدعو للتفاؤل. وبينما يتعثر المواطن فى كيفية التسجيل على موقع وزارة الصحة للحصول على اللقاح، يبحث العلماء ظهور متغيرات فيروسية على برامج اللقاح، فبصرف النظر عن طول فترة الحماية التى توفرها اللقاحات الحالية، يعد ظهور المتغيرات الفيروسية، التى تقلل من فاعليتها، وتعد مصدرًا للقلق، ويمكن أن يعزز ذلك الحاجة إلى المزيد من حملات اللقاحات فى وقت لاحق من العام الحالى.
كما يحاول العالم تجنب «شبح المجاعة» الذى يتهدد الإنسان، وقد بدأت المواجهة بالفعل فى محاولات لاستعادة حركة السفر والطيران (بهدف السياحة).. وبدأ العمل على إنشاء «منصة جواز سفر كورونا الرقمية»، «محمد على البكرى»، نائب رئيس الاتحاد الدولى للنقل الجوى فى إقليم إفريقيا والشرق الأوسط، قال، فى تصريحات صحفية: إن منصة جواز سفر كورونا الرقمية ستوفر خيارًا مناسبًا لمساعدة المبادرات الرامية إلى إعادة تشغيل قطاع الطيران، وإعادة تنشيط حركة السفر الجوى.
واعتبر أن الحصول على الشهادات الرقمية للفحوصات واللقاحات ستوفر الكثير من الجهد والوقت على المسافرين والحكومات، وتساعد المشغلين فى قطاع الطيران على مواجهة آثار الجائحة. وشدد على أنه: لا يمكن تحمل المزيد من الاستنزاف لاحتياطى السيولة لدى شركات الطيران، والذى ارتفع ليتراوح بين 75 مليار دولار و95 مليار دولار للعام الحالى، «والكثير من الشركات على حافة الانهيار، بجانب خسائر الوظائف والكثير من الخطط التى بنتها الشركات خلال عقود من الزمن».
وبالفعل اتفقت الدول الأوروبية على البدء بإصدار «جوازات سفر كورونا» قبل حلول موسم العطلات الصيفية لتسهيل الاصطياف والترتيب المسبق لها، لكنها ستصبح شرطًا جديدًا للسفر، حيث يتوجب أن يكون الراغب فى التنقل حاصلًا على اللقاح ضد فيروس كورونا مسبقًا.
إذن العالم يتهيأ لاستعادة نشاطه، وبالتالى اقتصاده، وتخطط أثينا لفتح قطاع السياحة فى بداية شهر مايو المقبل، فاليونان هى البلد الأكثر مديونية فى الاتحاد الأوروبى. وفى نفس الوقت بدأت مصر حملة التطعيم ضد فيروس كورونا على أمل أن تلحق العالم المتسارع فى تجاوز الأزمة.. لكن المواطن يقف حائرًا ما بين الامتحانات على الإنترنت وقانون الشهر العقارى الجديد.. وأمصال تدخل جسده وهو الذى تربى على «الخوف من الحقنة».. المؤكد أن ضريبة مصر مضاعفة من جائحة كورونا (رغم عدم الإغلاق).. لأن المشكلة الأساسية فى ثقافة ووعى المواطن، وقد حاولت مقارنة وضعنا الحالى بعدم الإغلاق فوجدت أن التزاحم على مترو الأنفاق قبل موعد الحظر كان من الممكن أن ينجم عنه أضعاف الإصابات الممكنة مع فتح الأنشطة.. وأن المواطن الذى تجبره الدولة على ارتداء الكمامة بتوقيع غرامة هو مواطن غير مسؤول بالمرة.. لكن فى المقابل مواطن «لا حول له ولا قوة»، تعرض لزرع الأعضاء (كبد أو كلى)، وأنفق عليها كل ما يملك، وهو بحاجة لأن تنتبه الدولة إلى ضرورة الحصول على المصل المناسب لهم.. فهذا «جواز مرور للحياة».