توقيت القاهرة المحلي 22:14:50 آخر تحديث
  مصر اليوم -

زوجة مع إيقاف التنفيذ

  مصر اليوم -

زوجة مع إيقاف التنفيذ

بقلم : سحر الجعارة

استقبلت عامها العشرين مثل قطة واعدة بالنعومة والشقاوة.. الطفلة الكامنة بأعماقها تتحرر.. تطلق ضفيرتها من أسر العائلة.. تخلع أساور «العار» و«العورة».

فارسها سيطرق الباب، سيأتى اليوم لتتعطر وترتدى ثيابًا ملونة تبرز مفاتنها.. ربما يتملكها الحياء.. أو يصادر الخوف فرحتها ليلة الزفاف.. لكنها ستنضج سريعا مثل نساء البلدة. ستعلم البدر كيف يستدير.. وتسرق حنجرة العصفور لتغنى.. وتكحل عينيها - كل صباح - بصورة زوجها: سطوة الزوج أكثر رحمة من سلطة «الأب».

هناك فى صعيد مصر: «آباء» ظالمون.. أكثر عنفا.. كلهم أوصياء: فى المسجد، فى الكنيسة، فى الدار. «الشرف» ملكية عائلية.. والسلاح مشرع للثأر.. وأنا مجرد «ذبيحة» تجر إلى رجل آخر، أحيانا حقنًا للدماء.

جسدى، وعقلى، وأحلامى، وشهادتى الجامعية ملكهم.. ميراثى من أمى لهم.. إنهم أسياد ونحن جوارى.. نعجن خبزهم بدموعنا، ونسويه على نار حسرتنا.

خلف الأبواب الموصدة نخلع عنا السواد، لنبيت فى أحضان الوحدة.

لم أرَ أمى تضحك طوال حياتها، ولا بكاها أبى يوم ماتت.. الرجال بلا دمع!. وضعها فى تابوت فخم يليق بمكانة العائلة.. حين ألقيت عليها نظرة الوداع لمحت بسمة تكسى ملامحها.. إنها ابتسامة الخلاص. تغيرت ملامح بلدتى، فلا هى مدينة تحتضن الجامعيات، ولا قرية تنادينا للفلاحة. المبانى الجديدة دخيلة على أصالتها.. المدنية هزمت كبرياء النخيل حتى انحنى.. البلدة فقدت عذريتها، تلوثت بشركات السياحة، والعمارات المرتفعة.. وحدها المرأة بقيت على حالها!. كان صوت طلقات الأعيرة النارية وزغاريد النسوة يفزعنى.. وحالة من التشاؤم تتلبسنى وكأننى أُزف إلى قبر. لماذا نعيش فى عزلة بعيدًا عن أهالى البلدة؟.. نختبئ فى «جيتو» مغلق وكأننا فارون من إرهابى عابر يتربص بديننا. الأسلحة البيضاء تتربص بنا على أبواب الكنيسة.. حتى صرنا خائفين من كل شىء.. نخاف على أعراض الصبايا أن يختطفها غراب من غير ملتنا.. ترى هل الإرهاب كائن خرافى صنعناه فى خيالنا؟. منيت نفسى مجددا بليلة عرس منزوعة الخوف، أشعلت شمعة للسيدة «العذراء» البتول.. عَلّنى أبرأ من عقدة الخوف. من عتبة الكنيسة إلى عتبة الدار.. البنات يتراجعن بأحلامهن الصغيرة، والنساء يحاصرن خصرى وهن متشحات بالسواد.. الرجال شهيتهم مفتوحة لرؤية دمائى.. وأنا مستسلمة تماما: لِمَ لا يتركوننى وزوجى؟. داخل بقعة الشرف المؤنثة اخترقتنى يد إحداهن.. سرقتنى غيبوبة الألم، ومازلت أسأل: لماذا يتلذذون بانتزاع البكارة من أجسادنا عنوة؟. فى الليلة الأولى تركنى زوجى لأستريح.. تركنى طويلًا.. أتممت أسبوعًا دون أن يمسنى!. حين لمس شفتى للمرة الأولى أحسست أن الحياة تستحق الخوف، عبث بلحمى بتوتر شديد، ثم نهض غاضبًا: «باردة»!. كنت أتلقى حمم الغضب بجهل شديد، لا أعرف سببًا لثورته.. ثلاث سنوات مضت فى صمت، عمتى تسألنى عن «جنين» فى الطريق فأبتلع لسانى خجلًا. عمتى: أباكِ يسأل عن موعد قدوم «الحفيد». يا عمة.. أنا نصف عذراء.. زوجى «عنين» يعاند مجرد رغبتى فى الذهاب لطبيب.. رشقتنى عمتى بنظرة تهديد: لقد كتبت عليك السماء «التبتل».. لكن أنا فى «دار» ولست فى «دير».. لو شئت «الرهبنة» لما بقيت هنا!. هذا الزواج «باطل»!.. ترد العمة فى حياد: انقضت المدة القانونية لإثبات ذلك فلا داعى للفضائح. عشر سنوات مضت وأنا محكومة بزيجة أبدية.. أموت كل ليلة.. زوجى يقتص لعجزه بتلوين جسدى ببصمات العنف.. تصلبنى إرادة عائلة تفضل قتل الأنثى على تطليقها. أسمع حديثا هامشيا حول مناقشات غاضبة: العلمانيون الأقباط يرون الرحمة فى لائحة 38، والكنيسة غاضبة من دعاة الزواج الثانى.. شابات يبحثن عن سبيل للطلاق.. وشباب ينتظرون التصريح بالزواج. وفجأة، حادث مروع يفرض شريعته على الجميع: ماتت «إيرين»: فى الغرفة 902 بأحد فنادق الإسكندرية، ماتت عروس السماء.. قتلها الزوج ليحصل على لقب «أرمل».. خنقها دون وَجَل. ماتت «إرين».. عنوان صفقة مع الشيطان، لينتصر الزوج على قانون الأحوال الشخصية المجحف ويهزم عدالة القصاص. ما زلت أتذكر «إيرين» وأبكى جسدى المعطل عن الحياة، رحمى التواق للإنجاب.. وأسمع صخبًا جديدًا حول «مؤامرة طلاق» تخنق الأطفال بخيوط الفضيحة لترضخ الأم!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

زوجة مع إيقاف التنفيذ زوجة مع إيقاف التنفيذ



GMT 08:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 08:21 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 08:18 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 08:15 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:23 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

أزياء ومجوهرات توت عنخ آمون الأيقونية تلهم صناع الموضة
  مصر اليوم - أزياء ومجوهرات توت عنخ آمون الأيقونية تلهم صناع الموضة

GMT 13:51 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

ولي العهد السعودي يُدين الإجراءات التي اتخذتها إسرائيل في غزة
  مصر اليوم - ولي العهد السعودي يُدين الإجراءات التي اتخذتها إسرائيل في غزة

GMT 21:37 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران تؤكد على أهمية تنمية العلاقات مع السعودية
  مصر اليوم - إيران تؤكد على أهمية تنمية العلاقات مع السعودية

GMT 17:01 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

أداة ذكية لفحص ضغط الدم والسكري دون تلامس
  مصر اليوم - أداة ذكية لفحص ضغط الدم والسكري دون تلامس

GMT 22:02 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

إحالة عمرو دياب إلى المحاكمة في واقعة صفع شاب
  مصر اليوم - إحالة عمرو دياب إلى المحاكمة في واقعة صفع شاب

GMT 13:37 2024 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

مكون غذائي يساعد في تسريع تعافي العضلات بعد التمرين

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 06:54 2024 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريش يؤكد أن الأمم المتحدة مستعدة للعمل مع ترامب

GMT 05:30 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

ميسي يثير الغموض حول مشاركته في كأس العالم 2026

GMT 09:59 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

نجوى كرم بإطلالات استثنائية وتنسيقات مبهرة في "Arabs Got Talent"

GMT 09:00 2021 الأربعاء ,05 أيار / مايو

جرح فلسطين المفتوح

GMT 12:11 2019 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

5 طرق للقضاء على مشكلة الشعر المتقصف بلا رجعة

GMT 04:36 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

جهود مكثفة لكشف غموض اختفاء فتاة في أسيوط
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon