منذ متى أصبحت الحياة أرخص من ثمن طلقة رصاص؟.. منذ أصبح الإرهاب «ديناً»، والوطن العربى «ساحة مؤامرة».. أم أن الحياة هانت يوم هانت الأوطان، وشاخت الزعامات على عروشها، فانقضت عليهم عصابة «الإخوان» الإرهابية، لتعلن لحظة «التمكين فى الأرض» وتتحالف مع دول العالم لتنفيذ «خريطة حدود الدم» وتسلم مفاتيح العواصم العربية لتنظيم «داعش» ليدمر حضاراتها وينهب ثرواتها ويغتصب أعراض بناتها!.
أحسب أن لحظة سقوط بغداد فى 20 مارس 2003 كانت بداية التعايش مع الموت، اكتست خريطتنا بلون الدم، وأصبح الدمار مشهداً مألوفاً فى يومياتنا، تحول «التعذيب» والقهر وحتى اغتصاب الرجال مسلسلاً يومياً لا نمل متابعته من سجن «أبوغريب» إلى معتقل «جوانتانامو».. وكأننا سلمنا إرادتنا -ضمنياً- لمن يحدد مصيرنا بالريموت كنترول!.
يوم سقوط الجيش العراقى كان يوم أن ذبحت الكرامة العربية، توحش الإرهاب حتى أصبح تنظيماً عابراً للقارات، وانقلب السحر على الساحر، فعانت أوروبا وأمريكا من الجيل الأول من «العائدين من أفغانستان»، الذى تحول إلى قنبلة موقوتة تبدد أمن أوروبا وأمريكا، لكن مع الجيلين الثانى والثالث بدأت الأفكار تتغير، والخريطة يعاد صياغتها، والحرب تزداد ضراوة.. وتصور الغرب أن الكيانات الإرهابية فى قبضته، يحركها مثل عرائس الماريونيت، لتقسيم العالم العربى إلى دويلات عرقية ودينية.. وتخيل أيضاً أن «الإخوان» هم جسر عبورهم للسيطرة على العالم العربى «تونس ومصر البداية».. فبارك العالم استيطان البؤر الإرهابية فى «سيناء» ليعاد شحنها وتغذيتها بالأفكار التكفيرية تحت لافتة «الجهاد» ويعاد تدريبها عسكرياً وينتشر نشاطها الإرهابى فى الشرق الأوسط، بدعم «تركى - قطرى».
ومنذ قال المعزول «محمد مرسى» جملته الشهيرة: نحن نطالب بسلامة «الخاطفين والمخطوفين» والعالم من حولنا يرفع شعار «حقوق الإنسان» ليحمى التنظيمات الإرهابية التى نجحت فى تقسيم الجيش السورى.. ولم يتبق فى العالم العربى إلا جيش واحد قوى هو الجيش المصرى الذى يحارب الإرهاب «نيابة عن العالم»!.
ومع التفاصيل الدموية الكثيرة التى عشناها، والأرواح البريئة التى صعدت إلى بارئها دفاعاً عن الوطن، كانت ثورة 30 يونيو نقطة فارقة أسقطت سيناريو التقسيم، وخرج من بين صفوف الشعب الثائر «قيادة» تقول «لا» وتجدد دماء الوطن حتى فى لحظات الشهادة.. وبدأت أسر الشهداء تطالب الرئيس «عبدالفتاح السيسى» بالقصاص العادل لأرواح أبناء الوطن.
أسر جريحة بمشاهد «الذبح والنحر والرجم»، ورجال تأبى كرامتهم اختطاف جندى أو استهداف كتيبة جيش أو شرطة.. ينتظرون كلمة «القضاء» وفى مرحلة الانتظار تشتد الحملات الإرهابية لإنهاك الجيش والشرطة، والعالم يراقب تنويع مصر لمصادر السلاح ورفع قدراتها القتالية وتدريبات قواتنا المسلحة.. وتكثف بعض الصحف الغربية، «المؤجرة من الباطن للإخوان»، حملاتها المسعورة ضد مصر التى تطبق عقوبة الإعدام!.
فى يونيو من العام الماضى أمر الرئيس الأمريكى «دونالد ترامب» بتشديد العقوبة على المسئولين عن جرائم الكراهية وعمليات إطلاق النار الجماعية وصولاً إلى إعدامهم، وأعاد العمل بعقوبة الإعدام بعد ما يقرب من عقدين على إلغائها، رغم إدانة مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان لهذا القرار.
وبحسب موقع منظمة العدل الدولية، الصادر فى أبريل 2019، فقد سجلت المنظمة فى عام 2018 ما لا يقل عن 690 عملية إعدام فى 20 بلداً، أى انخفاضاً بنسبة 31٪ مقارنةً بعام 2017 (ما لا يقل عن 993 عملية إعدام). ويمثل هذا الرقم أدنى عدد من عمليات الإعدام سجَّلتَها المنظمة فى العقد المنصرم.. وقد نُفذ معظم هذه الإعدامات فى الصين وإيران والمملكة العربية السعودية وفيتنام والعراق بالترتيب. ورغم ذلك لم نجد عويلاً ولا صراخاً ولا انتقاداً إلا لمصر التى تقتص لأرواح بريئة من أعضاء تنظيمات أجمع العالم على أنها «إرهابية».. وتنسى منظمات حقوق الإنسان أن من أهم حقوقه: أن (لكلِّ فرد الحقُّ فى الحياة والحرِّية وفى الأمان على شخصه)!.
حين سُئل الرئيس «عبدالفتاح السيسى» أمام قمة شرم الشيخ «العربية - الأوروبية» عن عقوبة الإعدام، أكد أنها وسيلة للاقتصاص من المتورطين فى قتل المصريين خلال العمليات الإرهابية.. وأوضح أن واقع المنطقة العربية يفرض علينا الحفاظ على دولنا ومنعها من الخراب والانهيار كما يحدث فى دول الجوار، وليس البحث عن «الرفاهية».. وإن كان هذا لا يعنى تجاوز القانون أو حقوق الإنسان.. وقال «الرئيس»: «لن تعلمونا إنسانيتنا ونحن أدرى بظروفنا، ولدينا أخلاقنا وعليكم أن تحترموها كما نحترمها لديكم»، مضيفاً أن أقارب الضحايا فى العمليات الإرهابية يطالبونه بالقصاص لأبنائهم، مختتماً بالقول «عليكم أن تشاهدونا بظروفنا نحن وتحترموها، وليس وفق ظروفكم أنتم، فاحترموا أخلاقياتنا وأدبياتنا وقيمنا كما نحترم قيمكم».
لكن العالم ينظر إلى مصر من زاوية «مصالحه» فحسب، وكأنما اتفقوا ضمناً أن قدر مصر «ألا تسقط وألا تنهض».. يريدونها محنية الهامة مقصومة الظهر «تابعة».. لقمة سائغة لمن يريد أن يلتهمها!.
لكل ما سبق فإن تطبيق الحكم بإعدام الإرهابى «هشام على عشماوى»، الذى يُعتبر أخطر إرهابى مصرى، يثير حفيظة دكاكين حقوق الإنسان الممولة من الخارج، ويستفز العملاء و«نوشتاء السبوبة»، وفى نفس الوقت يرسل رسالة شديدة البلاغة للعالم أجمع بأن «المخابرات المصرية» قدمت ملحمة وطنية بالقبض على إرهابى خطير أينما كان وقدمته للعدالة.. فلسنا همجاً ولا قراصنة مثل جماعة «الإخوان» التى تحالف معها العالم!.
إن ما نعرفه عن «الشرعية» هو الحكم بما أنزل الله وبالقانون.. والشريعة تقول فى القرآن الكريم «وَلَكُمْ فِى الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِى الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ» سورة البقرة 179.. أما فى القانون الوضعى فالحكم «عنوان الحقيقة».
لكن العالم الذى يرتعد من جرائم الكراهية هو نفسه من بارك الاغتيالات الممنهجة لجنودنا ولشعبنا الأعزل باسم «الجهاد».. وكذلك عقوبة الإعدام فى قاموس عدالتكم تتبع منهج «لكم غفور رحيم ولنا شديد العقاب»!.