توقيت القاهرة المحلي 20:29:54 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الحياة ليست عادلة

  مصر اليوم -

الحياة ليست عادلة

بقلم : سحر الجعارة

تحبو أحلامنا مثل طفل يتخبط.. يترنح.. ينتظر تلك اللحظة التى يتمرد فيها على الانحناء و«يصلب عوده»، تبدو أحلامنا كسيحة رغم أيام الانتظار الطويلة.. لا تأتينا رغم أنها تسكننا.. تبدو غريبة رغم تطابقها بملامحنا، هناك حلقة مفقودة فصلت بين العطاء والعائد.. قطعت علاقة السبب بالنتيجة، وكأنما قطعت حبلك السرى بكل ما أنفقت وأسرفت من عمرك ولم تتلق الجنين: «الحياة ليست عادلة»!.

إن شئت أن تفهم العلاقة بدقة بين ما منحته وما انتظرته اقرأ نظرية «الكارما».. الكارما مصطلح شق طريقه بقوة فى الثقافة الاجتماعية العامة. كثيرون يؤمنون به، ولكن أغلبهم لا يعرفون تحديداً أين نشأ وكيف اشتق.

الكارما معتقد دينى تعود أصوله إلى الديانات الهندية وتحديداً البوذية والهندوسية. وهو قانون كونى عام وأبدى، ويُقصَد به القوّة التى تَنتُج من تصرُّفات الشخص، سواء كانت خيراً، أو شرّاً وتؤثِّر مُستقبلاً فى حياته، كما يُنظَر إليها على أنّها الطريقة التى تتمّ من خلالها مُعاقَبة الفرد أو مُكافَأته على أعماله السابقة، السيِّئة بمِثلها والجيِّدة بمِثلها أيضاً، ويمكن القول إنّ الكارما كلمة تعود إلى اللغة السنسكريتيّة، وتُعتبَر مفهوماً رئيسيّاً ومُهمّاً فى الديانات الشرقيّة، وعلى الرغم من اختلاف خصائصها من ديانة إلى أخرى، إلّا أنّ الفكرة الرئيسيّة منها واحدة.

وهكذا تدور حياتك فى حلقة متصلة من العطاء والأخذ: الحب بالحب، والكراهية بالبغض.. الخير هو جنتك المشتهاة على الأرض، والشر هو أداة العقاب الذى يقع عليك.. والعلاقة بين العمل والعاقبة من أهمّ الأمور التى تهتمّ بها الكارما، بالإضافة إلى ذلك فهى تبحث فى نوايا الشخص، والأسباب التى دفعته لهذا العمل، وهناك العديد من العبارات الغربيّة الدينيّة، وغير الدينيّة التى تُعطى معنى الكارما نفسه، مثل عبارة العُنف يُولِّد العُنف (بالإنجليزيّة: violence begets violence)، وعبارة (what goes around comes around) والتى تُفيد بأنّ الأفعال تدور وتعود على صاحبها.

غالبية التيار السلفى المتطرف يرفض «الكارما» لأنهم يعتبرونها قانونا أخلاقيا طبيعيا قائما بذاته، وليس تحت سلطة الأحكام الإلهية، وكأن الديانات السماوية جاءت لتجردنا من «الأخلاق النبيلة».. أو تحثنا على النزاعات السياسية والصراعات المذهبية والدينية، كأطر رئيسية، لنمارس فى القلب منها كل ألاعيب (الجلا جلا.. وقرب قرب): بعض صناديق النذور تُسرق، زواج عرفى وأطفال لقطاء فى الشوارع، تجارة بالعلم والعقل والدين تحت بنود «السحر والحسد والشعوذة».. البعض يبرر كل ما هو شاذ ومحرم فى الأديان بغطاء فقهى.. البعض يتحرش بالنساء والأطفال.. صفقات بين تعدد الزوجات ونشر النقاب وحرمان المرأة من الميراث والتعليم وتشويه أعضائها التناسلية وحرمانها من «القضاء».. وتحريم صوتها وعطرها وعملها ومحاصرتها بدعاة «بعضلات مفتولة» ومحترفو زواج رسمى وعرفى «بما لا يخالف شرع الله».. والتمويل لا يتوقف من دول داعمة للإرهاب وصولا إلى اليوتيوب.. هذه هى منظومة الأخلاق التى يبشرنا بها فقهاء الدين الإسلامى!.

وبالتالى سوف تجلس مثل تلميذ أبله لتسمع أحد شيوخك، (الذى يعيش فى قصر، ويلبس سينييه، ويمتلك ثروة هائلة من الأموال والنساء)، وهو يحدثك عن «الابتلاء» ويعدك بـ«حور العين».. فلا تنتظر- إذن- أى رد فعل إيجابى لعمل أخلاقى قمت به: إن أخلصت تُخان، إن أغدقت بمالك بمشاعرك بدمك تُطعن من الخلف، إن صادقت أحدهم يغدر بك.. وكأن الفضائح والكوارث والأمراض التى يتسبب فيها من توجتهم «آلهة» على قلبك من نصيبك وحدك.. أما متع الحياة بأكملها فانتظرها فيما بعد الحياة الأولى.

لو حكمت نظرية «كارما» الحياة لأعادت صياغه واقعنا المتوحش الهمجى، بالقاعدة الذهبية: «عامل الناس كما تحب أن يعاملوك».. والجزاء من نفس جنس العمل.

أما «هنا والآن»: فالحياة ليست عادلة.. ركز على اللّحظة الحاليّة، لا تتعلّق بالماضى أو تتكعبل بالخوف من المستقبل.. وحدك تملك مصيرك وحدك سيد الحياة «خليفة الله على الأرض».. أنت من ترسم خريطة الغد بأفعالك.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحياة ليست عادلة الحياة ليست عادلة



GMT 09:26 2021 الخميس ,08 إبريل / نيسان

لعنة المومياوات

GMT 09:18 2021 الخميس ,08 إبريل / نيسان

«اللي عمله ربنا مش هيغيره بشر»

GMT 12:12 2021 الأربعاء ,07 إبريل / نيسان

صورة سامح شكري

GMT 09:56 2021 الأحد ,04 إبريل / نيسان

داعش في موكب المومياوات!

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 19:59 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

تصريحات فيفي عبده تتصدر التريند
  مصر اليوم - تصريحات فيفي عبده تتصدر التريند

GMT 08:31 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 20:29 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

أنجلينا جولي تكشف عن شعورها تجاه عملها بعد رحيل والدتها

GMT 15:48 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

ليونيل ميسي يختار نجمه المفضل لجائزة الكرة الذهبية 2024

GMT 13:55 2021 الأربعاء ,08 أيلول / سبتمبر

اتفاق رباعي علي خارطة طريق لإيصال الغاز إلي بيروت

GMT 06:11 2020 الخميس ,08 تشرين الأول / أكتوبر

الشكشوكة التونسية

GMT 19:44 2019 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

تفاصيل العثور على "سوبرمان هوليوود" ميتاً في صندوق

GMT 04:38 2019 الثلاثاء ,09 تموز / يوليو

تعرفي على 9 موديلات مميزة لتزيّني بها كاحلكِ

GMT 22:22 2019 الأربعاء ,27 شباط / فبراير

مستوى رمضان صبحي يثير غضب لاسارتي في الأهلي

GMT 04:46 2018 الخميس ,27 كانون الأول / ديسمبر

إليكِ أفكار سهلة التطبيق خاصة بديكورات المطابخ الحديثة

GMT 02:17 2024 الأحد ,08 أيلول / سبتمبر

مناظر خلابة ورحلة استثنائية في جزر فينيسيا
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon