بقلم : سحر الجعارة
يدرك الرئيس «عبد الفتاح السيسي» جيدًا كيف يعمل العدو، وما الآليات التى مكنته من إسقاط بعض دول الجوار «من الداخل»، فحروب الجيل الخامس أو ما يسمى «الجيل الرابع المتقدم»، يتم خلالها احتلال العقل الجمعى، ومن ثم يتولى «ناس مننا» تسليم الأرض للمحتل.. البعض يدخل وهو شبه مغيب المعركة، لا يعرف عدوه من حليفه، ويتصور أنه بتصديق الشائعات والأكاذيب والترويج لها أنه ينفذ «أجندة وطنية»، فى حين أنه ينفذ «مؤامرة» تمت كتابتها فى أرض بعيدة، ليحارب بالإنابة لحساب رجل جالس فى «جهة ما» قد تكون استخباراتية أو عسكرية.. حتى نصل إلى مشهد «السقوط من الداخل»!.
32 للقوات المسلحة بمناسبة نصر أكتوبر المجيد، إن مصر لا يمكن هزيمتها بحرب من الخارج.. مشددا على أهمية «الوعى» وضرورة الحفاظ على الدولة، مشيرًا إلى أن الحروب والمواجهات التى تتم لإسقاط الدولة أو هزيمتها وعرقلة تقدمها كانت حروبا مباشرة.
ونوه بأن هناك أجيالًا جديدة من الحروب الآن تتعامل مع التحديات الموجودة وتعيد تصديرها للرأى العام فى مصر، متابعًا: «من ثَمّ يكون الرأى العام هو أداة التدمير للدولة».
وجه الرئيس كلمته إلى الرأى العام، وأجاب على الشائعات التى تتردد من القنوات التابعة لدول معادية لمصر قائلا: «الإعلام اللى برا بيقول دول فاسدين سايبينكم وبيعذبوكم، لا والله.. والله لأحاجى الكل يوم القيامة على اللى إحنا بنعمله لبلدنا».
وأكد الرئيس أهمية الوقوف ثابتين فى مواجهة التحديات التى تواجهنا داخليا وخارجيا، مؤكدا حرصه على أن يكون واضحًا فى طرح جميع المشاكل على الشعب، متابعًا أنه «لا يجعل الشعب يعيش الوهم من خلال الوعود الكاذبة أو الخداع».
وأضاف أن الدولة تعمل بكل جهد وتصميم وفكر؛ لإحراز تقدم فى ملف النمو السكانى، مطالبا المصريين والمسؤولين والمفكرين والمثقفين بالحفاظ على استقرار الدولة.
وقال الرئيس السيسى: «إحنا بنموّت نفسنا عمل وجهد وفكر.. عشان نطلع بالدولة قدام»، وأقسم على أن ما تحقق فى 6 سنوات فى مصر تجاوز عمل 20 عامًا.
لكن اللافت للنظر أن الرئيس عادةً ما يتحدث عن الإنجازات التى تحققت، بينما من يراها بالعين يشيع الإحباط ويشكك فى جدواها الاقتصادية، ربما هذا ما دفع الرئيس لأن يخاطب المفكرين والمثقفين.. وربما لهذا كان تكريم أبطال مسلسل «الاختيار»، وقال الرئيس: «إن المسلسل قدم صورة رائعة، وحمل صدقًا حقيقيًا، ولم يَقصر الرسالة التى حملها على المصريين فقط، ولكن كمان وصلت للخارج»، وأضاف أن ما تم تقديمه فى «الاختيار» لم تكن به مبالغة، وكانت وقائع حقيقية رغم ما حملته من قسوة للمصريين، وأشار إلى أنه خلال سنين كثيرة من تناول إعلامى لموضوعات تتم فى سيناء لم تصل للناس بنفس المستوى الذى استطاع العمل توصيله خلال شهر، وقال إن «فكرة المسلسل أكثر من رائعة وعظيمة».. وهذه اللفتة إدراكًا من الرئيس لأهمية «القوى الناعمة» لمصر وقدرتها على تنمية الوعى الوطنى وتربية الأجيال الجديدة التى لم تشهد حروبًا على الحس الوطنى برؤية الملاحم العسكرية.
لقد كانت حروب الجيل الرابع تعتمد على «اللا عنف»، واختارت منهج الهدم من الداخل، ثم جاءت حروب الجيل الخامس لتستخدم العنف المسلح عبر مجموعات «عقائدية مسلحة» وعصابات التهريب المنظم والتنظيمات الصغيرة المدربة صاحبة الأدوار الممنهجة، حيث يستخدم فيها مَن تم تجنيدهم بالتكنولوجيا المتقدمة، والسبل الحديثة لحشد الدعم المعنوى والشعبى.
فى هذا السياق، يمكن أن تعتبر «الفساد» إحدى آليات حروب الجيل الخامس، وأن محاربته أشد ضراوة من محاربة الإرهاب المسلح.
إن لم ننتبه إلى أننا نخوض حروبًا على جبهات عديدة: (التنمية، الإرهاب، الفساد، المؤامرات الداخلية)، وأن وعى المواطن بذلك هو «طوق النجاة».. وعيه بأن ما يعانيه اقتصاديا يسمى «اقتصاد حرب»، وأن عليه دورا ومسؤولية على السوشيال ميديا فى مواجهة الشائعات والأكاذيب وكأنه مجند فى كتيبة «إعلام شعبى».. إن لم يحدث هذا، فسوف يتمكن العدو من اختراق عقل الوطن وتغذيته بما يشاء من أفكار تحريضية، كلها تصب فى محاولة إسقاط مصر.. لا قدر الله.