بقلم : سحر الجعارة
كانت مثل أى قطعة أثاث تركتها الأم فى المنزل عقب طلاقها، يمكن للجميع: (استخدامها، إخضاعها، ابتزازها، تهديدها بالقتل، ضربها).. كان يمكن فى ظلمة الليل هتك عرضها وتناوب الوحوش على افتراس لحمها!. كانت تقريبًا فى الرابعة عشرة «دون ربيع» من عمرها، حين فوجئت لأول مرة بالأب المزعوم، الذى سجلها باسمه فى شهادة الميلاد، والذى لا يخجل من التباهى بأنها عرضه و(شرفه الرفيع الذى لا يسلم من الأذى حتى يُراق على جوانبه...).. فوجئت بأنه لم يرق إلا دم بكارتها بعدما دخل غرفتها واغتصبها كرهًا وهو يهددها بالقتل!. تجسد الشيطان- فى هذه الليلة البعيدة- فى هيئة أب (35 عامًا، عامل فراشة)، وتجوّل مثل سكين صدئ يرسم بصماته الهمجية على خريطة جسدها، اخترق رحمها ليخمد شهوته.. نهش اللحم النيئ، الذى لم يعرف المتعة الحلال ولو فى الخيال.. كانت رائحة أمها تطوف بالمكان، وهى مذعورة تكتم صرخاتها تحت وطأة التهديد، ترى قبحه وقسوته «عاريًا» من وقار الأب وحنوّه.. فى تلك الليلة عرفت طعم الموت قهرًا، عرفت ما نسميه «الاستعباد الجنسى للنساء»!. لكنها لا تعرفنا أصلا، لم تسمع لغة المثقفات عن ضحايا «الاتجار بالبشر» ولا تعرف معنى «الرقيق الأبيض».. لقد كسرها الأب، ومن قبله أو من بعده جاء «توأمها» ليسجل علامة «الهزيمة» على جسدها.. لو كانت تعرف سبيلا للمقاومة لربما قاومت.. لو كانت تعلم رقمًا ما لتستنجد بـ«المجلس القومى للأمومة والطفولة» لربما فعلت.. لكنها ضحية مؤامرة متكاملة: أسرة مفككة، وفقر وتعليم دون تثقيف، (طالبة بالصف الأول الثانوى)، وغرائز حيوانية لم يهذبها شرع ولا دين، ولم يقمعها وازع أخلاقى. قدم توأمها الفقر مبررًا ليغتصب عفتها هو الآخر، لقد سقط «الرمز- الأب» من نظره، فأسقط هو الآخر معانى الستر والنخوة والتعاطف مع أخته.. لو تخيلنا «فيلمًا عربيًا قديمًا» لربما رأينا الأخ يهرب بأخته من جنون الأب وشططه، أو يلجأ لأمهما أو للشرطة لينقذ توأمه من الاغتصاب المتكرر تحت سيف التهديد. لكنه - فى واقعنا المؤلم- لم يكن إلا نسخة من أبيه، تناوب الوحشان على اغتصابها حتى «حملت»، لتكتمل مأساة الفتاة التى ولدت مثل «نبت شيطانى» فى أسرة ملعونة.. كل ما فكر فيه الأب هو إبعادها بحملها عن منطقة السكن، وبعدما وضعت طفلها المشبع بدم «زنا المحارم»، وضعه الأب، (لاحظ أنه ربما كان والدًا للأم وطفلها)، فى كرتونة وذهب بنفس الاستهتار من «روح بريئة» إلى منطقة «منشأة القناطر» ليلقى به فى صندوق القمامة، فشاهده أحد المارة وتجمع الأهالى وأبلغوا الشرطة. رغم صدمتى وذهولى مما أكتب، أحاول أن أستوعبه، أبحث عن أى مبرر عقلانى.. للأسف الحادثة مثل فيلم رعب تتبدل فيه الوجوه البشرية إلى كائنات بدائية، عدوانية و«سادية».. كيف تم كل هذا العنف؟. يقول المتهم- تلميذ بالصف الثالث الإعدادى- بمعاشرة أخته التوأم معاشرة الأزواج ونتج عنها طفل سفاح، فى اعترافاته أمام جهات التحقيق المختصة، يقول إنهما كانا يقلدان الأفلام الإباحية الأجنبية.. ويضيف المتهم أنه مرتبط بعلاقة عاطفية مع شقيقته التوأم منذ عام وشهرين، بعدما تركت والدته المنزل، وتعلّم مشاهدة الأفلام الإباحية على الهاتف المحمول، وفى يوم ضبطته شقيقته بمشاهدة فيلم إباحى، وأقنعها بتقليد الأفلام الجنسية، واستمرا على ذلك لمدة عام كامل. الحقيقة أنها «تراجيديا سوداء»، لدينا الآن طفل مجهول النسب فى إحدى دور الرعاية الاجتماعية، وضحية سوف تُعرض على الطب الشرعى لإجراء تحليل DNA، ومجرمان لا يشعر أحدهما بالذنب.. لكن القصة لم تتم فصلها الأخير: لايزال لدينا أنثى مرشحة لتصبح من «نساء الشوارع»، وطفل سفاحٍ لا نعرف مصيره.. والمهزلة تتكرر بتفاصيل متشابهة لأننا نرفض تدريس «الثقافة الجنسية» ونترك فتاوى «الهوس الجنسى» تتحكم فى عقول الشباب.. ونعتبر «العار» فى مناقشة «زنا المحارم» ودراسة أسبابه وسبل منعه، وليس فى دم بكارة البنت المراق على فراش الأم!!.