توقيت القاهرة المحلي 23:40:01 آخر تحديث
  مصر اليوم -

د. «نوال» وبنات أفكارها

  مصر اليوم -

د «نوال» وبنات أفكارها

بقلم : سحر الجعارة

كنت فى منتصف العشرينيات حين وقفت على باب مكتبها: (لافتة عريضة د. نوال السعداوى- د. شريف حتاتة)، لم تغِب اللافتة عن ذهنى، لقد اعتبرتها- آنذاك- عنوانًا للمساواة، وحين امتلكت شقة بالقاهرة صممت لافتة لباب الشقة وأنا أهمس لنفسى: «أنا سيدة المكان».. «نوال السعداوى» هى الكتب المحرمة فى حياة كل فتاة مصرية، هى عنوان «التمرد والعصيان» على الثقافة الذكورية، هى مفتاح النساء للحرية.. إنها الطبيبة التى فسرت لنا خريطة الجسد وحررته من أسْرِ العبودية، إنها أول مَن حطم تابوهات «الجنس والدين» لتصطدم بتابو «السياسة».

فى مرحلة من حياتى المهنية كرَّست وجودى لخدمة قضايا المرأة، لم أكن أفهم- ساعتها- أن التخلص من «الاغتصاب الزوجى» يؤدى فى نهاية الطريق إلى مقاومة «الاستبداد السياسى»، كنت أتواجد بالمؤتمرات الدولية وأشعر بأننا نعمل على أرضية أضيق من همومنا.. وأن همومنا تبدأ من رأس «السلطة» لتنتهى بنا إلى مناهضة كل سلطة متلازمة بالعنف ضد المرأة.

وهكذا وجدت نفسى بعد سنوات من الكتابة والنضال برفقة الدكتور «نوال» والدكتور «شريف» و«منى حلمى» فى لندن عام 1996، ندعم المقاومة الإيرانية «حركة مجاهدى خلق»، فى مؤتمر حمل عنوان «المرأة صوت المقهورين».. بحضور رئيسة الجمهورية المنتخبة للمجلس الوطنى للمقاومة الإيرانية «مريم رجوى».. ولم يكن المؤتمر إلا تلخيصًا لرؤيتى عن رفع القهر عن المرأة: إننا أمام تحدٍّ سياسى واجتماعى وثقافى وعقائدى، أمام صدام حتمى مع أخطبوط الاستبداد الدينى والمرأة تقف على خط المواجهة.

اختلفت كثيرًا مع بعض أفكار «السعداوى»، لكنى كنت أحترم شجاعتها، قدرتها على الصمود فى مواجهة مجتمع منافق يختبئ خلف عباءة «الإسلام السياسى» ويتمترس بمنظومة من القيم المزيفة التى تكرس نموذج «المجتمع الذكورى»، الذى يناهض حقوق الإنسان ليخفى هشاشة الرجال وضعفهم وسطوتهم الشرهة للاستيلاء على حقوق النساء، منذ الميلاد «تشويه الأعضاء الجنسية للمرأة»، مرورًا بحرمانها من التعليم والعمل والميراث، وصولًا إلى تحريم صوتها ومصادرة وجودها لأنها «عار وعورة».. وكانت «نوال» فى القلب من المعركة: مقاتلة، مشاغبة، شرسة.. كانت امرأة خطيرة على المجتمعات العربية التى تتقاتل دفاعًا عن «الشرف المزعوم»، بينما بعضها «محتل» يتعرض رجاله أنفسهم للاغتصاب (أبوغريب، وبعض معتقلات الدول الفاشية).. وكانت «السعداوى» شاهدةً على جرائم اعتداء جنسى و«جرائم شرف» ودعارة خلال عملها كطبيبة فى إحدى القرى!.

فى سبتمبر 1981 دخلت «السعداوى» السجن ضمن حملة اعتقالات طالت معارضى الرئيس المصرى- آنذاك- «أنور السادات»، وحينها كتبت مذكراتها باستخدام مناشف ورقية وقلم لرسم الحواجب هرّبته إليها عاملة سجينة.

وفى عهد «مبارك» كانت بطلة لمسلسل التشهير والتكفير، وفتحت النيابة العامة ملف التحقيق فى دعوى حسبة ضدها، فهى دائمًا متلبسة بجريمة حرية الفكر ومُعرَّضة لإقامة حد الحرابة أو حد الردة عليها!.

(لقد أصبح الخطر جزءًا من حياتى منذ أن رفعت القلم وكتبت. لا يوجد ما هو أخطر من الحقيقة فى عالم مملوء بالكذب).. هذا أشهر أقوال د. «نوال».. أتصور أنها بعد 90 عامًا قد رأت نضالها يؤتى ثماره: «الختان» أصبح مُجرَّمًا بموجب القانون.. «الحجاب» أصبح معصية أقل ذنبًا من النميمة.. لكن «الكهنوت الدينى» لايزال يفرض نظرته الرجعية المتطرفة على المرأة.. وبعض آرائها الأخرى تحولت إلى «نبوءات» ربما تتحقق على المدى الطويل بجهود تيار التنوير والإصلاح.

فى تصورى أن أهم ما قدمته د. «نوال السعداوى» إلى الإنسانية والعالم العربى هو أجيال من النساء المستنيرات، اللاتى يمتلكن «الوعى» والقدرة على التغيير.. فإن لم تؤمن بأفكارها سيظل «النموذج خالدًا»: الكفاح الطويل من أجل الحرية والكرامة، امتلاك «المعرفة» بحقوق المرأة القانونية والاجتماعية والإصرار على تفعيلها.. الكفاح من أجل «قضية» تدافع عنها بالبوح بتقديم رقبتك فداءً لها.. وهذا النموذج يكرهه الحقراء الضعفاء الشامتون فى موتها.. ولهؤلاء أقول إنها ستبقى «حية» فى كل أنثى تحمل حرفًا واحدًا من «بنات أفكارها».. وإنها ستتجسد كل يوم حين تتحقق مطالبها العادلة «أفكارها التنويرية» وكأنها «العرّافة» التى كتبت طالعنا من الواقع ليبقى «العقل».. وتركتهم يعيشون أوهام السلطة الدينية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

د «نوال» وبنات أفكارها د «نوال» وبنات أفكارها



GMT 05:26 2022 الأربعاء ,17 آب / أغسطس

حول التعديل الوزارى

GMT 19:15 2022 الأربعاء ,20 تموز / يوليو

هل بقيت جمهوريّة لبنانيّة... كي يُنتخب رئيس لها!

GMT 02:24 2022 الخميس ,09 حزيران / يونيو

لستُ وحيدةً.. لدىّ مكتبة!

GMT 19:37 2022 الأحد ,05 حزيران / يونيو

البنات أجمل الكائنات.. ولكن..

GMT 01:41 2022 السبت ,04 حزيران / يونيو

سببان لغياب التغيير في لبنان

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
  مصر اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:50 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض
  مصر اليوم - منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 07:44 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

البنك المركزي المصري يعلن تراجع معدل التضخم السنوي

GMT 22:26 2018 السبت ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات Xbox One X تتجاوز 80 ألف فى أول أسبوع

GMT 14:26 2016 الجمعة ,16 كانون الأول / ديسمبر

أبطال " السبع بنات " ينتهون من تصوير أدوارهم في المسلسل

GMT 18:22 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن "هوندا سبورت فيجن GT" الجديدة بتصميم مثير

GMT 05:34 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

إيفانكا ترامب تحتفل بعيد الميلاد في هاواي

GMT 09:27 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

أهم صيحات فساتين السهرة المثالية

GMT 10:34 2023 الثلاثاء ,24 كانون الثاني / يناير

الأردن يسلم اليونسكو ملف إدراج أم الجمال إلى قائمة التراث

GMT 04:47 2021 السبت ,02 تشرين الأول / أكتوبر

الفنان محمد فؤاد يطرح فيديو كليب «سلام»
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon