بقلم : سحر الجعارة
خلال عهد «مبارك» كانت عادة ما تتكرر عبارة «إنت مش عارف أنا مين»؟.. وكانت هذه الجملة كفيلة بإسقاط هيبة الدولة والإطاحة بالقانون وضرب القيم المتوارثة من الاحترام والتقدير.. كانت جملة تختصر بطش السلطة والنفوذ، وسطوة المال وقدرته على شراء الذمة والكرامة والحق الدستورى.. وكأنها «عصا الفتوة» التى تقهر حيا بأكمله كما رأيناها فى روايات «نجيب محفوظ»!.
وكانت عبارة «ابن مين فى مصر» تلخص الواسطة والمحسوبية التى تحرم المواطن من وظيفة أو مكان فى جامعه ما لأنه «بلا ظهر» بلا سند.. وكأن «مبارك» عاد بنا إلى عصر الإقطاع لتتحكم فى مصر قلة قليلة من «حاشية مبارك» ورجالات دولته وهم فى حقيقة الأمر كبار «رجال الأعمال»!. تصورنا بعد ثورة 25 يناير أن كل مظاهر القهر والظلم قد اختفت من حياتنا، لم نتخيل أن «عصابة الإخوان» سوف تختطف الوطن، لتحكمنا ميليشيات «المغير» وصفقات «الشاطر ومالك».. وكأن ما كنا ننتظره من إصلاح وتغيير أن النظام أطلق لحيته فحسب!!. دعك من أن «محمد مرسى» لم يكن يحكم، وأن الحاكم الفعلى كان مكتب الإرشاد، وأنه كان «مسخرة».. فى مارس 2013 كتبت عن قيام «عبدالله»، نجل محمد مرسى، (الذى كان رئيسا منتخبا للبلاد آذاك).. كتبت عن قيامه بعمل إشارات بذيئة لأحد ضباط الشرطة المكلفين بحراسة المنزل، بعد نشوب مشادة كلامية بينهما. وقلت فى مقال موجود على محرك البحث «جوجل» إن: (عبدالله قال لضابط الشرطة انت مش عارف أنا مين.. أنا هقلعك البدلة الميرى وهخليك تقعد جنب أمك)، وعلقت مستنكره: (يبدو أن عبدالله لا يعلم أن جمال مبارك الذى كان يحكم مصر من الباطن فى سجن طرة الآن). ووثقت فى مقالى أن: «عبدالله عمره 19 عاماً، يركب سيارة BMW رغم أن والده يقول إنه تنازل عن راتب الرئاسة!». وأكدت أن عقوبة نجل الرئيس لن تقل عن الحبس مدة لا تتجاوز 6 أشهر وغرامة لا تتجاوز 200 جنيه إذا تقدم الضابط بشكوى، وتساءلت: «هل سيقدم الضابط أحمد حمدى بلاغاً فى نجل مرسى فى ظل دولة تسودها البلطجة السياسية، ويُعطل فيها القضاء بميليشيات الإخوان حازمون»؟!. كان الخلاف قد وقع بسبب تأخر قوة التأمين فى فتح الحواجز الحديدية للسيارة التى كان يقودها عبدالله أثناء عودته لمنزله برفقة أحد أصدقائه.. وكلنا نعلم الآن كيف كانت نهاية «مرسى» وعصابته!. لم يكن غريبا أن وقود ثورة 30 يونيو كان عدد من القضاة سجلوا أسماءهم بحروف من نور فى تاريخ مصر، على رأسهم المستشار «أحمد الزند»، وزير العدل سابقا، ولا أن يعجل حصار المحكمة الدستورية العليا ومحاولة أخونة القضاء بسقوط الإخوان.. هذا الشعب يثق فى أن القضاء هو «خط الدفاع الأخير»، ولهذا كان تعيين المستشار «طلعت عبدالله»، النائب العام الملاكى للإخوان بمثابة كتابة تتر النهاية لحكم الإخوان. ما سبق ذكره من تحولات سياسية دفعنا ثمنه مليارات من اقتصادنا، ومئات من أرواح شبابنا وجنودنا، وأيامًا عصيبة عشناها تحت القصف العشوائى لميليشيات الإخوان وغلق الطرق والفوضى.. وليالى «حظر التجوال» الطويلة. أثق أن نظام 30 يونيو لن يسمح بتكرار المآسى التى عاشها المواطن المصرى.. أثق أنه بعد ثورتين لا مجال لعبارة «انت ما تعرفش أنا مين؟».. قد يستغل البعض «ثغرات القانون» ليفلت من «العدالة»، لكن ستبقى العدالة «قانونا سماويا» ولن يمس أحد «وشاح القضاة».. هذا يقينى الشخصى. صحيح أن مظاهر السلوكيات العشوائية والفتونة موجودة، وأن البعض يصر على أن «القانون وُضع لنخالفه»، وصحيح أن لدينا من يصر على استغلال «السلطة» وإذلال الآخرين بعبث ومجون.. ولكن هذا لن يمر!. كل ما تابعناه على «السوشيال ميديا»- من فيديوهات صادمة- يصل إلى «الاتحادية».. ليس مهما أن تعرف «العقاب» لكنه سوف يُطبق. القيادة السياسية للبلاد لن تسمح بـ«استغلال النفوذ» لأنه يعنى «الفساد» فى أبشع صوره، سيناريو «الفوضى» لن يتكرر ثانية.. والشعب لن يصمت على بطش «أولاد الأكابر».