توقيت القاهرة المحلي 22:14:50 آخر تحديث
  مصر اليوم -

فرنسا تستعيد هويتها

  مصر اليوم -

فرنسا تستعيد هويتها

بقلم : سحر الجعارة

تستطيع أن ترفض كل ما جاء فى خطاب الرئيس الفرنسى «إيمانويل ماكرون»، بمناسبة طرح مبادرته ضد التطرف والنزعات الانفصالية، لكنك لا تستطيع أن تتجاهل رؤيته لمنابع التطرف، ولا أن تمنعه من تطبيق سياساته على أرضه!.

فرنسا، التى تضم أقلية إسلامية كبيرة، معظمها نشأت من مستعمراتها السابقة فى شمال إفريقيا، تشعر بالقلق منذ فترة طويلة بسبب ما يصطلح عليه «الإسلام السياسى».. وقد ألقى «ماكرون» هذا الخطاب فى ظل ظروف ضاغطة بعد الاعتداء بالساطور الذى نفذه شاب باكستانى قبل أسبوع فى باريس والمحاكمة الجارية فى قضية الهجوم على شارلى إيبدو عام 2015 والذى قام منفذه الإسلامى المتشدد بتصفية أعضاء هيئة تحرير الصحيفة الهزلية. كما أنه تزامن أيضا مع خطوات يقوم بها مسؤولون لصياغة مشروع قانون ضد «أشكال الانعزالية» المتوقع أن تتم إحالته على البرلمان أوائل العام المقبل. طرح الرئيس «ماكرون» خطة عمل ضد النزعة الدينية المتطرفة.. معتبرًا أن السلطات تتحمل قسمًا من المسؤولية فى تطوير ظاهرة «تحول الأحياء إلى جيتوهات». وطرح ماكرون مجموعة من التدابير لمواجهة ما سماه «النزعة الإسلامية الراديكالية» الساعية إلى «إقامة نظام مواز» فى فرنسا.. مثل إلزام أى جمعية تطلب مساعدة من الدولة على التوقيع على ميثاق للعلمانية، وفرض إشراف مشدد على المدارس الخاصة الدينية.. قائلا: إن المدارس يجب أن «تدرب مواطنين وليس مؤمنين»!. لاحظ أن لدينا تعليما منفصلا هو «التعليم الأزهرى» الذى يتغذى على منابع فكرية ثبت أن معظمها يعتمد على أفكار تكفيرية. دعا الرئيس الفرنسى إلى «فهم أفضل للإسلام» وتعليم اللغة العربية.. كما تمنى «إسلاما يكون فى سلام مع الجمهورية»، وخاليا من «التأثيرات الخارجية». وقال إنه سيتم تعزيز الرقابة على تمويل دور العبادة، وأضاف أنه سيتم تضمين القانون «آلية تمنع الانقلاب» لمنع استيلاء متطرفين على المساجد. وكذلك إنهاء نظم «الأئمة المبتعثين». ما يهمنى فى كل ما سبق هو تحديد مصادر التطرف الدينى فى عدة محاور: النزعة الانفصالية والعزلة للعيش فى مجتمعات خاصة، «التعليم الدينى» والتسرب من المدارس، الجمعيات التى تتلقى تمويلا من الدولة أو من الخارج والتعتيم على دخلها، «الأئمة» وسيطرتهم على دور العبادة لدرجة قد تمكنهم من الانقلاب.. وأخيرا الفهم الخاطئ للإسلام!!.

شدد الإليزيه، فى وقت سابق، على أن «هذا القانون يهدف لحماية المسلمين الذين يمثلون الضحايا الرئيسيين للإسلام المتطرف».. إذن نحن أمام عملية تصحيح لدولة مُحيت هويتها العلمانية، وفقدت مناخ الحرية الذى كان يميزها، وشهدت أزمات لإقرار البوركينى أو دخول المدارس بالنقاب.. وحين قال «ماكرون» إن: «الإسلام دين يعيش أزمة اليوم فى جميع أنحاء العالم»، لم يكن يتنمر بالإسلام ولا يكرس العنصرية.. بل على العكس كان يحدد مراكز الخلل ومناطق الاختراق التى جعلت كلمة الإرهاب لصيقة بالإسلام. فلا أحد ينكر أن «حظر الاجتهاد» قد أغرق المسلمين فى دوامة فتاوى عبثية وهوس جنسى، وأن كل التنظيمات الإرهابية: (القاعدة، داعش، الإخوان) وجدت مرجعية دينية فى التراث الإسلامى لما ترتكبه من جرائم وحشية فى حق الإنسانية.

وحين تضع فرنسا مشروع قانون يمثل لها إحياء الجمهورية، وقيمها حول التحرر والمساواة وترسيخ قيم العلمانية فى التعليم والحياة العامة.. فإنها تخوض حربًا صدرتها إليها الدول المسلمة، والكيانات الإرهابية، وحين تقرر مد حظر الحجاب إلى القطاع الخاص، فهى تعلم أنه «رمز سياسى» أكثر منه فرضًا دينيًا، وإذا اعتبر البعض أن التصدى للإسلام السياسى بالقانون وهيمنة الدولة على التعددية الدينية هما حرب على الإسلام.. فعليهم أولا أن ينظروا كم دولة إسلامية سقطت وتمزقت بأيادى المسلمين: (ليبيا، سوريا، العراق، اليمن). ولنسأل أنفسنا أولا: هل فرنسا هى من قسمتنا إلى سُنة وشيعة وعلويين وأراقت دماء المسلمين وضيعت الحضارات العربية.. أم نحن من فعل هذا بتراثنا الميمون وتوقف عقولنا عن النمو وإصرارنا على أن يكون «الدين فوق الدولة».. حتى سقطت كل الدول التى تبنت هذه القاعدة فى قبضة التنظيمات الإرهابية وأصبحت عواصمها خرائب وجيوشها ميليشيات وشعوبها لاجئين «إلى أوروبا»!!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فرنسا تستعيد هويتها فرنسا تستعيد هويتها



GMT 08:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 08:21 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 08:18 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 08:15 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:23 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

أزياء ومجوهرات توت عنخ آمون الأيقونية تلهم صناع الموضة
  مصر اليوم - أزياء ومجوهرات توت عنخ آمون الأيقونية تلهم صناع الموضة

GMT 13:51 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

ولي العهد السعودي يُدين الإجراءات التي اتخذتها إسرائيل في غزة
  مصر اليوم - ولي العهد السعودي يُدين الإجراءات التي اتخذتها إسرائيل في غزة

GMT 21:37 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران تؤكد على أهمية تنمية العلاقات مع السعودية
  مصر اليوم - إيران تؤكد على أهمية تنمية العلاقات مع السعودية

GMT 17:01 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

أداة ذكية لفحص ضغط الدم والسكري دون تلامس
  مصر اليوم - أداة ذكية لفحص ضغط الدم والسكري دون تلامس

GMT 22:02 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

إحالة عمرو دياب إلى المحاكمة في واقعة صفع شاب
  مصر اليوم - إحالة عمرو دياب إلى المحاكمة في واقعة صفع شاب

GMT 13:37 2024 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

مكون غذائي يساعد في تسريع تعافي العضلات بعد التمرين

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 06:54 2024 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريش يؤكد أن الأمم المتحدة مستعدة للعمل مع ترامب

GMT 05:30 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

ميسي يثير الغموض حول مشاركته في كأس العالم 2026

GMT 09:59 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

نجوى كرم بإطلالات استثنائية وتنسيقات مبهرة في "Arabs Got Talent"

GMT 09:00 2021 الأربعاء ,05 أيار / مايو

جرح فلسطين المفتوح

GMT 12:11 2019 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

5 طرق للقضاء على مشكلة الشعر المتقصف بلا رجعة

GMT 04:36 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

جهود مكثفة لكشف غموض اختفاء فتاة في أسيوط
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon