توقيت القاهرة المحلي 05:04:16 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لماذا يغتصب الرجال؟

  مصر اليوم -

لماذا يغتصب الرجال

بقلم : سحر الجعارة

لماذا يغتصب الرجال؟ لا يجوز أن نُبرّر الاغتصاب بأنه «مرض نفسى»، حتى لو ارتبط بـ«السادية».. لأنه نتيجة تنشئة اجتماعية تغرس فى الذكر «دونية المرأة»، وفى بعض المجتمعات تربيه على احتقارها واعتبار الاعتداء عليها نوعاً من «البطولة» المرتبطة بالقطع بترك بصماته الوحشية على جسدها!لهذا يتصور الذكر أن المرأة التى ترفض علاقة جنسية وتقول «لا»، تعنى فى الحقيقة «نعم»، ورفضها ما هو إلا تلاعب وتحدٍ لتجعله يرغبها أكثر.. وأن هذا «الرفض المقنّع» يخلق بداخله تحدياً وإثارة مرضية.. إنها تتحدى نرجسيته وقدرته على «امتلاك» ما يشاء، ولهذا ستجد أن سلوكه الجنسى مرتبط بالعنف.

«العنف الجنسى» بدأ يتخذ ملامح الظاهرة مع نمو تجارة الأفلام الإباحية، التى تدر المليارات على أصحابها، والتى من باب الإثارة وكسر النمط المألوف خلقت مفاهيم «الهيمنة والاستعباد»، وحفلات الجنس الجماعى، فلم يعد مستغرباً أن تجد «أدوات التعذيب» تُباع على الإنترنت ومواقع السوشيال ميديا.. بل وبعض الأزواج يسعون لاقتنائها، بحثاً عن لذة مفقودة داخل العلاقة الزوجية!لكن يظل دائماً «المغتصب» فى قفص الاتهام، تدور حوله الدراسات النفسية والاجتماعية، لكنها جميعاً لم تفسر لنا -حتى الآن- لماذا يفضل مجموعة رجال لهم مراكز اجتماعية مرموقة ولديهم ثروات هائلة (أحدهم حرر عقد زواج عرفى، وأعطى الضحية مبلغ 2 مليون جنيه للعدول عن أقوالها فى التحقيقات)، لماذا يفضل «الجنس فى المشرحة»؟!فقبل أن يفيق المجتمع من قضية «فيرمونت» الشهيرة، كانت «فتاة مارينا» تهرب بجلدها الممزّق، تستغيث بالجيران، حتى قابلتها ربة منزل وقامت بمساعدتها فى الاختباء من الجناة والاتصال بالإسعاف التى حضرت ونقلتها إلى المستشفى، وكشف تقرير الطب الشرعى تعرض المجنى عليها لعنف جنسى جنائى.

إنه «القهر» والإذلال.. جبروت السلطة والثروة التى تمكنت من عقول هؤلاء الذكور فقرّروا أن ينتزعوا شرفها «عنوة»، «علاقة التراضى» لا تُشبع الوحش الكامن بين ضلوعهم، لا تُرضى غرورهم.. مثل الهمج عادوا إلى عصر الكهف واحتالوا على «الفريسة» حتى سقطت فى الفخ مثل «غزالة» رقيقة هشّة تحطمت ضلوعها على إيقاع السقوط المدوى لرجل «مكلف بتحقيق العدالة»، وألقاب رنانة وملابس أنيقة تُخفى خلفها نفوساً هشة وخيالاً كسيحاً وضميراً ميتاً وعقلاً مريضاً لا يعرف إلا «اللذة السادية».. وعلى «صاحبة العفة» أن تركع لتلك الحيوانات الشرسة!إن مشاعر الغضب والخوف وكراهية الذات والعار التى تشعر بها النساء المغتصبات هى أسوأ المشاعر التى يمكن أن يشعر بها البشر.. وليس لدينا -للأسف- مراكز لإعادة تأهيل ضحايا «التحرّش والاغتصاب»، وهو ما أود أن أطرحه على الدكتورة «مايا مرسى»، رئيسة المجلس القومى للمرأة.هذه الفتاة وغيرها من ضحايا العنف الجنسى بحاجة إلى مساعدة متخصّصة على المستوى النفسى والاجتماعى، حتى لا يتحول عالمهن إلى «زنزانة» من الصمت، خوفاً من كتائب الإدانة الجاهزة لاغتيالهن بالنميمة وجلد الضحية بدلاً من مواجهة المجرمين.

نحن بحاجة إلى إصدار قانون موحّد لـ«مناهضة العنف ضد النساء».. يحدّد التعريفات للأشكال المختلفة من العنف ضد المرأة، بما فيها مفهوم الاغتصاب للجنسين من البالغين أو القصر، أو زنا المحارم، أو الاغتصاب الزوجى.بحاجة إلى نسف ترسانة الفتاوى الآثمة التى تضع «الضحية» فى قفص الاتهام، وحمايتها من «العمائم» الجاهزة لنهش شرفها وانتهاك كرامتها وجلدها بالنميمة.. بزعم أنها مجرد «جارية عصرية» أو «فتاة ليل»، سمِّها ما شئت.. المهم أن تنطبق عليها فتاوى سبى النساء وملك اليمين.. فملابسها مثيرة ومفاتنها بارزة، وذنبها أنها جميلة!ونحن أمام شلة ذكور تثبت فحولتها المزعومة بـ«القوة».. وتحت غطاء فتاوى تكرس طغيان الشهوة المنفلتة.. هذه الفتاوى هى التى تنصب شباك السادية الجنسية: من أفتى أطلق مخزون الهوس الجنسى المكبوت فى عقله الباطن كمن هيَّأ الفراش -تماماً- لمن التهم روح الضحية وجسدها!نريد مجتمعاً حاضناً للنساء، يعرف معنى كلمة «سيدة»، مجتمعاً تحكمه معايير المساواة التى نص عليها الدستور.. فكيف نحول هذه «المادة الخامة» إلى ثقافة عامة؟لقد نجحت المحامية فى مجال حقوق الإنسان ميجيل أجستين برو خواريز، بالتعاون مع مركز حقوق الإنسان فى المكسيك، فى رفع قضية 11 امرأة من ضحايا العنف الجنسى والعنف القائم على النوع الاجتماعى، مارستهما سلطات إنفاذ القانون، إلى محكمة البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان.. والنساء الـ11 من بين الناجين من حملة قمع نفّذتها الشرطة ضدّ مظاهرة احتجاجيّة نُظِّمَت فى المكسيك فى عام 2006.

وخلال المظاهرة قُبض على 47 امرأة وتعرض الكثير منهنّ لاعتداءات جنسيّة مارستها السلطات أثناء الاحتجاز.وفى عام 2018، حكمت المحكمة بأنّ ما تعرّضت له هؤلاء النساء هو ضرب من ضروب «التعذيب» فأدانت الحكومة لارتكابها انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان ضد النساء، بما فى ذلك الاعتقال التعسفى والتعذيب النفسى والجنسى ومنع الوصول إلى العدالة.. هذه هو المفهوم الذى تتبناه الآن مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة.. وهكذا يجب التعامل مع الاغتصاب.فإذا حاولنا الإجابة عن السؤال الذى بدأنا به: لماذا يغتصب الرجال؟ لماذا يقوم الرجال بهذا الفعل الشنيع القذر؟ ستجد أمامك ملفاً ضخماً: (تنشئة اجتماعية خاطئة، مجتمع كاره ومعادٍ للنساء، ثقافة قائمة على تقديس الرجل وتحقير المرأة، قانون غير رادع، كهنوت دينى يقدم المرأة قرباناً لفحولة العنين).. وهكذا تدور مفرمة التعذيب الجنسى للنساء.. وتستمر بضخ دماء النساء بين تروسها.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لماذا يغتصب الرجال لماذا يغتصب الرجال



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 08:21 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon