توقيت القاهرة المحلي 20:16:08 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الجهل المقدس

  مصر اليوم -

الجهل المقدس

بقلم : سحر الجعارة

بينما يدرس العالم أجمع طرق انتقال فيروس «كوفيد- 19 المستجد»، اتضح أن المرأة هى سبب الداء والبلاء، وأنها من تنقل الفيروس إلى الرجال.. هذا رأى العلّامة الإيرانى المثير للجدل «عباس تبريزيان»، الملقب فى إيران بـ «أبو الطب الإسلامى».. فقد كتب «تبريزيان» على تطبيق تليجرام: (احتمال إصابة الرجال بفيروس كوفيد 19 عبر الهواء ومن شخص إلى شخص آخر غير موجود بتاتا، وهذا الأمر يخص النساء فقط، وينقل أساسا من النساء إلى الرجال، وذلك فى حالة التماس المباشر).

وبالتالى أفتى من يلقب نفسه بـ «آية الله» بأن الرجال يقومون بأنشطة كثيرة خارج البيت، وبالتالى لا يجوز لهم ارتداء الكمامة وتغطية وجوههم لفترات طويلة سيؤدى إلى الإصابة بالأضرار والأمراض، نتيجة لتراكم غاز ثانى أوكسيد الكربون خلف الكمامة.. أما المرأة التى تلتزم المنزل فعليها أن ترتدى الكمامة!!.

«تبريزيان» يعرض على موقعه الإلكترونى الأدوية العشبية والطبيعية.. فمن الواضح أن إيران غرقت فى مستنقع الخرافة والدجل منذ تولى الإسلاميين السلطة منذ 40 عاما.

لكن المثير أن الاتجار بما يسمى «الطب النبوى» سيناريو متكرر بين السنة والشيعة، وإذا كانت سطوة رجال الدين فى دولة دينية مثل إيران أقوى، فهذا يفسر لماذا يزداد معدل «الخلل العقلى» لكهنة الدين خاصة فى ظل جائحة مثل كورونا!.

فى نوفمبر الماضى، قام «تبريزيان» بإحراق كتاب دليل هاريسون للطب بحضور عدد من مؤيديه ومجموعة من طلابه، ما أثار انتقادات واسعة فى إيران وتداول وسائل التواصل الاجتماعى الناطقة بالفارسية.

وقبل ذلك بشهر، صنف «تبريزيان» كتاب أساسيات الطب الداخلى أيضا ضمن «خطة النفوذ الصهيونى والأمريكى والاستكبار العالمى» للقضاء على الثورة الإيرانية، الأمر الذى أثار احتجاجات فى الأوساط العلمية، خاصة الطبية الإيرانية.

المؤلم أن إيران، (رغم اختلافنا معها سياسيا)، أصبحت بؤرة لتفشى كورونا فى الشرق الأوسط، وما زالت تسجّل أعلى إصابات بين دول المنطقة بفيروس كورونا المستجد، إلا أن «الهلاوس الدينية» مستمرة فى قتل الأرواح البريئة باسم «الطب النبوى» ونظرية المؤامرة!.

فقد زعم خطيب صلاة الجمعة فى مدينة قم الإيرانية، عباس موسوى مطلق، أن الوباء ما هو إلا فيروس (علمانى يستهدف المجتمعات المتدينة لحرفها عن الدين، ويحاول بآثاره المدمرة دفعها إلى الضلال)، بحسب تعبيره.. وحتى تكتمل منظومة الشعوذة، اتهم المرشد الإيرانى «على خامنئي»، واشنطن، مارس الماضى، بـ«تخليق» فيروس كورونا، وذلك «بشكل يتناسب مع جينات الإيرانيين»، رافضاً العرض الأمريكى لمساعدة طهران فى مكافحة المرض.. ورفض رجال الدين والحرس الثورى فى البداية إغلاق المواقع والمزارات الدينية والمساجد فى الأسابيع الأولى للوباء، بذريعة أنها «أماكن مقدسة لا تضر بزائريها»، بحسب تعبيرهم!.

لا تتساءل عن وزارة الصحة هناك، فعلى ما يبدو أنها بلا قيمة، وتعليماتها لا تسرى إلا على وسائل الإعلام التى تتناقلها.. فنائب وزير الصحة الإيرانى «رضا ملك زاده» كان يدعو الناس للأخذ بالتوصيات الصحية، مع تسارع انتشار موجة جديدة فى إيران.. وفى الوقت نفسه، ظهر أحد تلامذة «تبريزيان» وادعى قدرته على علاج فيروس كورونا، وبثَّ فيديو وهو يقوم بمعالجة بعض المصابين بكورونا، ويضع بواسطة أصابعه سائلًا (يُسمِّيه العطر النبوى) على أفواه وأنوف المرضى.. وبعد وفاة مريض ممن عالجهم، صدر أمر قضائى باعتقاله ومحاسبة العاملين فى المستشفى!. «الطاووس الإيرانى» يترنح، تنهار مناعته بفعل الغيبوبة الفكرية، وربما يسقط مشروع «ملالى إيران» للتمدد وإشعال الحروب فى المنطقة.. هذا المشهد المرعب يحدث عندنا.. من الإعجاز العلمى فى القرآن إلى «الشلولو».. من دكاكين العطارة التى تبيع الحبة السوداء بنكهة الدين، إلى الرقية الشرعية.. ومن معاداة الطب وكراهية العلم إلى تكفير العلماء أنفسهم، واعتبار الجائحة «عقابا إلهيا» للكفرة وجندًا من الله لمجتمع لا يطبق شريعتهم: (وطء البهيمة، وحد الحرابة، وأكل لحم الأسير.. إلخ).

كُتب الطب ليست مقدسة، لكن الإنسان له حرمة وقدسية لا يحميها إلا العلم الذى يعتبره كهنة الأديان «كفرًا وزندقة».. نحن نغرق فى دوامة «الطب النبوى» حتى نفقد الوعى وندخل فى غيبوبة «الجهل المقدس».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الجهل المقدس الجهل المقدس



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 08:21 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 19:55 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أحمد مكي يخلع عباءة الكوميديا في رمضان 2025
  مصر اليوم - أحمد مكي يخلع عباءة الكوميديا في رمضان 2025

GMT 09:13 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

GMT 00:03 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

بايدن يُكرم ميسي بأعلى وسام في أمريكا

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 13:37 2020 الأحد ,24 أيار / مايو

الفيفا يهدد الرجاء المغربي بعقوبة قاسية

GMT 12:48 2020 الثلاثاء ,19 أيار / مايو

أسعار الذهب في مصر اليوم الثلاثاء 19 مايو

GMT 16:51 2020 الثلاثاء ,31 آذار/ مارس

إصابة طبيب رافق بوتين في جولة "فيروس كورونا"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon